الصحافة الفلسطينية..المرارة في ظل نظام حظر التجول

ينهمك أمجد عرار مرتديا البيجاما بقراءة مقالة في مكاتب صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية في رام الله وإلى جانبه فراشه ملفوفا على الأرض. وتولي مهام رئاسة تحرير صحيفة في ظل نظام حظر التجول الذي تفرضه إسرائيل، قلب أسلوب عمل رئيس تحرير الصحيفة في رام الله (الضفة الغربية) رأسا على عقب. ويعمل عرار طوال الأسبوع في مقر الصحيفة ويمضي لياليه في المكتب لضمان صدور عددها بالرغم من حظر التجول المفروض منذ إعادة احتلال المدينة قبل أكثر من شهرين إثر هجوم شنه الجيش في أعقاب الاعتداءات الدامية في إسرائيل. وفي الغرفة المجاورة لمكتب رئيس التحرير، بسطت فرش عدة على الأرض. ويقول عرار مازحا أصبحنا الآن نتولى شؤون الصحيفة، ونؤمن في الوقت نفسه خدمات فندق ومطعم. ويتابع علينا أيضا تنظيف المكتب لأن الشخص المسؤول عن ذلك غير قادر على الوصول إلى مقر الصحيفة بسبب حظر التجول. وأوضح ماجد الريماوي المسؤول عن العلاقات العامة أن الموظفين، باستثناء المحررين، يقصدون المكتب ثلاث مرات في الأسبوع، وأحيانا يضطرون إلى النوم فيه بسبب حظر التجول. وخلافا للمحررين والمسؤولين عن الطباعة، فإن الصحافيين غير ملزمين بالحضور إلى المكتب، ويبعثون مقالاتهم بالبريد الإلكتروني أو عبر الفاكس. ولم يتم تسريح أي موظف بالرغم من التراجع الكبير في أرباح الصحيفة منذ بدء الانتفاضة في نهاية أيلولسبتمبر 2000. وأصبحت الصحيفة تطبع 12 ألف نسخة مقابل15 ألفا في الماضي. وفي المقابل، ارتفعت كلفة التوزيع بشكل ملحوظ بسبب الإغلاق المفروض على الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال الريماوي من الأسهل توزيع الصحيفة في غزة منها في نابلس (شمال الضفة الغربية). وعلينا عبور نحو 20 حاجزا للجيش قبل الوصولإلى المنطقة مشيرا إلى زيادة تكاليف التوزيع بنسبة 30? في غضون بضعة أشهر. وأضاف كنا نحصل على أرباح من نشر الإعلانات، ومع الأزمة الاقتصادية، خسرنا 80? من إيراداتها. وما زالت الصحيفة التي تملكها السلطة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات تصدر، كما بقي سعرها ورواتب موظفيها الـ120 على حاله. من جهة أخرى، سجلت صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة في رام الله تراجعا في عدد النسخ المطبوعة بنسبة 25? منذ كانون الأولديسمبر 2000. ولم تكن الصحيفة موجودة اليوم لولا الدعم المالي الذي قدمه رجل الأعمال الثري صبيح المصري. كما أن الصحيفة تؤجر المطبعة الخاصة بها إلى وزارة التربية. وقال مسؤول في الصحيفة مهدي المصري مع الإغلاق وحظر التجول أصبحت نسبة النسخ التي لا تباع تقدر بما بين 20 و30?. وأضاف إننا نخسر أموالا كثيرة. وأصبحت كلفة التوزيع باهظة وتراجعت الإعلانات بـ85?. وتساءل الموظف خليل شاهين لماذا تقوم دور السينما أو المطاعم بدفع أموال لغرض الدعاية إذا لم تكن قادرة على فتح أبوابها؟. ومثل الموظفين الباقين لم يتمكن شاهين من العودة إلى منزله منذ يومين بسبب حظر التجول، وهو ينام ويتناول وجبات الطعام في مقر الصحيفة. وقال تقوم إحدى الجارات بطهو طعامنا واشترينا لها ثلاجة كبيرة. إلا أن المصري يتحدى حظر التجول ويتوجه يوميا إلى المكتب بسيارته. وتابع لقد تم توقيفي عدة مرات، وعدت مرة واحدة إلى منزلي. إنني مستعد لأن أخاطر بحياتي لكنني لا أستطيع إرغام الموظفين على ذلك. ويتحدى آخرون أيضا قرار حظر التجول ويقوم شبان تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 20 عاما بتوزيع الصحيفة سيرا على الأقدام. وختم شاهين بالقول هم يحصلون على المال وفي الوقت نفسه يحصل الناس على أخبار.