إنسان عبر الأثير

تخبرنا فيزياء أينشتاين وقوانين الفيزياء الحديثة أن المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة.. فالخشب مثلاً يمكن أن يتحول إلى طاقة حرارية؛ وهذه الطاقة الحرارية يمكن أن تتحول بطريقة معاكسة إلى خـشب - في المستقبل البعيد حين نملك تقنيات أكثر تقدماً!!

العقبة التي تقف أمام تحقيق هذا الإنجاز هو عجز معارفنا الحالية عن إعادة ترتيب ذرات المادة بعد تحولها ونقـلها كطاقة، ثم إعادة بنائها حسب الهيئة التي كانت عليها في الأصل..

في حال نجحنا مستقبلاً في إتقان هذه العملية سنتمكن من تحويل أي مادة إلى طاقة يتم إرسالها (كأمواج لاسلكية) إلى أي مكان في العالم.. وحين تصل هذه الموجات إلى المكان المطلوب يتم ترسيبها وتحويلها مجدداً إلى مادة صلبة تتطابق مع شكلها القديم (وهي الفكرة المعروفة علمياً باسم تـلـبورت).. والتلبورت فرضية تتحدث عن إمكانية نقل الأجسام الصلبة (بما في ذلك الجسد البشري) عبر الأثير.. فالإنسان استطاع تطويع الأمواج الكهرومغناطيسية لـنقل صوته (بواسطة الهاتف واللاسلكي)، وصورته (بواسطة التلفاز والأقمار الصناعية)، ورسائله (بواسطة الفاكس وشبكة الإنترنت)، ولكنه لم يستطع أبداً نقل الأجسام المادية الصلبة عبر تلك الأمواج.. العقبة الحقيقية تكمن في أن الجسيمات الذرية تنتقل من مكان إلى آخر بسرعة خرافية بحيث يصعب حتى تحديد مكانها، ومثل هذه الصفة تجعل من المستحيل اصطيادها أو التعامل معها، فضلاً عن نقلها (لاسلكياً)، ثم إعادة ترسيبها في مكان آخر!!

ورغم أن هذه الفكرة نجحت فقط في روايات الخيال العلمي والأفلام الفضائية ما يزال هناك من يعتقد بإمكانية تحميل الجزيئات الصلبة على موجات كهرومغناطيسية تنتقل بسرعة الضوء.

المدهش هو احتمال وقوع حادثة (تلبورتية) في القرن العاشر قبل الميلاد.. في زمن نبي الله سليمان الذي سأل من حوله «أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين» فقال عفريت من الجن «أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك» فقال سليمان: أريد أسرع من ذلك فقال آصف بن برخيا وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب «أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك» فوجد سليمان العرش أمامه بطرفة عين..

هذه السرعة الخارقة جعلت بعض المؤرخين يتساءلون عن صحة هذه الرواية (المعروفة أيضاً لدى اليهود والمسيحيين)، ولكنها اليوم ممكنة - من الناحية النظرية على الأقل..

وحتى تتحقق مستقبلاً؛ أغمض الآن عينيك وتخيل قدرتك على الانتقال (بطرفة عين) بين دول العالم - أو بين كواكب الكون كما يحدث في مسلسل سفينة الفضاء.


بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض