معنى أن أن تكون بلا وطن

لن اتحدث في يوم الوطن عن سيرة زمنية لتأسيس هذه الدولة المباركة، والتي أكملت اليوم 87 عاما لتأسيسها على يد مؤسسها التاريخي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمة الله عليه، والتي اصبحت محفورة في التاريخ، سأتحدث عن أهمية وقيمة الوطن، فهناك من يصف الوطن بأنه المظلة والسقف والرغيف والهواء والحياة والعزة والكرامة وكل صفات الحاجة والملكية، 

ولكن سأضع شيئا مما رأيت في خارج المملكة، فحين سافرت في رحلة علاجية لوالدتي حفظها الله استمرت أشهرا عديدة، عايشت هذه المدينة «ميونخ» ووجدت جنسيات عربية، من يعمل، ومِن متشرد، ومن في معسكرات اللاجئين، ينتظرون إشفاق هذه الدولة أو تلك، والمحظوظ من وصل ولم يمت غرقا في البحر، وحين أجدهم بمطاعم أو سيارة أجرة أو فندق أو غيره كنت أسأل عن ماهو أهم شيء يفتقده في هذه البلاد وماذا يريد؟! 

توقعت يقول والده والدته أسرته أو المال بحكم الحاجة، وجدتهم يتفقون على شيء واحد «نفتقد الوطن التراب» يريدون حرها وعشوائيتها وحتى خرابها لأنها تعيش حالة حرب أو نزاعات كالسوري أو العراقي أو الليبي وغيره، يفتقدون لشيء لا يعادله أي شيء فهو يلازمك طوال السنين حتى مماتك، أجدهم يتحدثون عن حاجتهم لبيت يسكنه في الحارة مع أسرته ووالديه حتى لو على رغيف خبز ناشف، ولكن بأمان، حين يعرف جنسيتي السعودية يقول لي «وأقولها بصدق كما هي» أنتم ببلاد محظوظين بها يحكمها دولة قوية في الحفاظ على أمنها واستقرارها، دولة يجب عليكم أن تفتخروا بها، وعليكم المحافظة عليها، 

فمهما كان لديك مال أو جاه أو غيره، فلا يمكن أن تنقل معك الوطن لأي مكان، ولن يهنأ عليك العيش بأي مكان بدون وطنك «حديثهم» أمن واستقرار «هؤلاء المغتربين سواء مجبرين أو لظروفهم، حين تجدهم يتحدثون بحرقة على فقدان الأمن والاستقرار ومعها الوطن يرون أن حياتهم مهما حققوا تظل منقوصة ومؤقتة ولا تمثل الشيء الكثير لهم أو ذات معنى بدون وطن.

وبحكم عملي وسفري شرقا وغربا، وجدت حتى التجار الذي هم المرفهين أو القادرين على العيش في أي مكان، أجدهم ينتهون في النهاية ويعودون لأوطانهم، مهما وصل ومهما حقق. حب الانتماء للوطن هي غريزة كما هي بقية غرائز الإنسان لا تستطيع أن تعطلها أو تلغيها أو تنفي وجودها، الوطن هو الأرض والهواء لنا، الوطن هو التراب الذي نحبه ونعشقه مهما كان، وعلى الجميع أن يحب هذا الوطن بإخلاص وعطاء وحب وبذل وانتماء لهذه الدولة المباركة والالتفاف حولها من كل مكائد تأتي لها من أي جهة كانت وأن يكون مخلصا لها ومنجزا، فالوطن قدم لنا الكثير، ونحن يجب أن نكون باذلين لهذا الوطن الذي نحبه.

بقلم: راشد بن محمد الفوزان  - الرياض