القوانين العاطفية للاقتصاد

قيمة السلعة ليست دائما ما يشجعنا على شرائها.. هناك دائماً دوافع عاطفية وميول شخصية تلعب دوراً غير واع في قراراتنا الاقتصادية الصغيرة..

فنحن على سبيل المثال:

نشتري وقت التخفيضات لأننا نملك شعورا غير واعٍ بأننا سنخسر فرق السعر (إن لم نشتر الآن).. ولكن "التخفيضات" تجعلنا نشتري غالبا ما لا نحتاجه أصلا..

وقد نرفض شراء الأشياء بدافع الكرامة وتمسك البائع بالسعر (رغم أن الفرق ينحصر في ريال أو ريالين)..

ونقبل شراء الأشياء المبالغ بقيمتها لمجرد سمعتها (أو لأنها ماركة معروفة) ونميل للشك بجودة الأقل سعرا رغم تشابه الصنعة..

ونميل للتقليل من أهمية الأشياء التي نصنعها بأنفسنا، مقارنة بالتي نشتريها من جهة معروفة أو مشهورة (وهو ما يعرف بتأثير إيكيا)..

كما اتضح أننا نتوقع سعراً أعلى للسلعة حين نريد بيعها.. وسعراً أقل (لنفس السلعة) حين نريد شراءها..

علماً أن الغلاء والرخص شعور نسبي لا يتساوى بين الجميع.. فكلما زدنا ثراء نرى الأشياء رخيصة، وكلما قل دخلنا شعرنا أنها "غالية"..

كما نميل للكرم والإسراف بحسب معدل تدفق الأموال علينا أو زيادتها عن حاجتنا (وهو ما عبر عنه الشاعر بقوله: يجود علينا الأكرمون بمالهم .. ونحن بمال الأكرمين نجود)..

ولأن المال لا ينبت فوق الشجر نميل للعطاء والإحسان وإنفاق المال على دفعات صغيرة (رغم أنها تساوي دفعة كبيرة واحدة)..

كما يرتاح معظمنا للدفع ببطاقات الائتمان بدل النقود لأننا بهذه الطريقة لا نرى "الكاش" ونشعر بأننا احتفظنا به لأطول فترة ممكنة (كما يعتقد عقلنا الباطن)..

وحين ندخل السوبر ماركت ونحن جائعون (أو نخطط لطبخ طعام نحبه) نشتري أشياء أكثر من احتياجاتنا الحقيقية..

وكلما كانت عربة السوبر ماركت أكبر، ملأناها دون أن نشعر (ولا نذهب غالبا للمحاسب قبل ملئها تماما)..

وغالبا ما يضع التجار السلع التي يريدون تصريفها في الأرفف المقابلة لنظر المتسوق (في منتصف الرفوف) وبهذه الطريقة يشاهدها الزبون بوضوح.. فتباع بشكل أسرع..

والحقيقة هي أن حواسنا تميل لملاحظة ورؤية ما نرغب بشرائه بشكل متكرر (كما حصل معك حين فكرت بشراء سيارتك الأخيرة فأصبحت تراها في كل مكان)..

ونميل لعدم الاعتراف بالخسارة، وخطأ استثمارنا منذ البداية بسبب الجهد والوقت الذي صرفناه، ولم يعد بإمكاننا تعويضه (ولهذا السبب مايزال البعض يدافع عن استثماراته في الأسهم رغم خسارته فيها)..

ولهذا السبب أيضا نميل للدفاع عما اشتريناه وامتلكناه ودخل ضمن حيازتنا (لأن التقليل من أهميته يعني أننا اتخذنا قرارا خاطئا بشرائه منذ البداية)..

ومن القوانين التي تهم النساء خصوصا؛ أن لسان البائع ووسامته (والأخطر وجهه الطفولي) تؤثر على قراراتهن بالشراء من عدمه (فأرجو ألا تنشغلن بغير بطاقة السعر)..

وأخيرا؛ اتضح أننا نميل إلى العمل والتعامل (وتعيين) الطرف الذي نضمن عدم تغلبه أو منافسته لنا مستقبلا..

.. وأعتقد -والله أعلم- أن هذا هو سر وجود الكفاءات الضعيفة حول مسؤولينا ومديري الأقسام لدينا..

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض