أرامكو والخصخصة المنتظرة

رغم أن التوجه نحو خصخصة لشركة "أرامكو" التي تملك حق الامتياز لإنتاج النفط السعودي، واضح تماما وهو عدم بيع "ثروة" البلاد -أي النفط-، وأن مغزى ذلك عدة صور يمكن أن تحقق فوائد كبيرة للبلاد اقتصاديا وأكثر من ذلك، وكما فعلت الدولة في خصخصة الاتصالات السعودية وطرحت ما يقارب 30% من أسهمها كطرح عام، وشركة معادن التي تملك حق الامتياز في اكتشافات المعادن بالمملكة، وطرح أسهم تقارب 25% من أسهم الكهرباء، وشركة سابك أكبر شركة بتروكيماويات بالمنطقة، هل يعني هذا الطرح أن الدولة تخلت عن شركاتها وتطرحها بلا مبررات واضحة وحقيقية، وأربطها مع أرامكو المزمع طرحها مستقبلا؟ لماذا تطرح الدولة هذه الفرص الاستثمارية وتتخلى عن أرباح بمليارات الريالات على مر عقود من الزمن وكانت أولى بها؟ يجب أن تكون النظرة أبعد وأوسع وأعمق، وليست هي دعوات "شعبوية" لمجرد إثارة لا معنى أو مبرر اقتصادي حقيقي لها، حين نعرف بعمق أي أثر يأتي من الخصخصة الجزئية والمحسوبة سواء لأرامكو أو غيرها، ولنشرح قليلا..

الخصخصة ستعني فتح الملفات والقوائم المالية ونشرها، وسنعرف أرامكو من الداخل أكثر لمزيد من الشفافية لقوائمها المالية، أليس هذا مطلب الكثير بالأمس فماذا تغير اليوم؟ أيضا سيضيف مصدرا ماليا وتمويلا ضخما سيفيد الدولة مستقبلا، سواء مباشر أو غير مباشر، وسيزيد من قوة الاستثمار لأرامكو والتوسع المستقبلي الذي يتطلب مبالغ وأرقام مالية ضخمة سيوفرها الطرح الجزئي المتوقع، بل من المتوقع للأثر أن يرفع احتياطي المملكة من النفط نتيجة التوسع في الاكتشافات المتنوعة، وقد يكون منها النفط الصخري، التوسع دوليا من خلال أن تصبح شركة دولية، كشركات أكسون موبيل، بي بي برتيش بتروليوم وشل وتوتال وغيرها، بحيث تصبح أرامكو ضمن الشركات العالمية المدرجة في أسواق المال، وهو ما سيعزز مكانتها المالية، وهي التي تملك القدرة "النفطية والمالية" لتحقيق أهدافها، هذا ما يمكن التطلع له مع التخصيص الجزئي لأرامكو، والتخصيص يعني التطوير بكفاءة وشفافية وفاعلية وتوسع مستقبلا، وأيضا التشغيل بكفاءة لكي يكون العائد أكبر وأعلى مستقبلا.

تسويق البعض عن عدم تخصص أو علم بعالم الخصخصة أو الاقتصاد وكأنها عملية غير مسبوقة أو لم تحدث أو أنها حدث لا يبرر، فالقراءة الاقتصادية والمالية لا تقول ذلك أبدا حتى وإن كان النفط نفسه، بل الرؤية وما تحمله 2030 حملة مرحلة تحول تحتاج الزمن والتدرج في فهمها للمستقبل وهذه هي الحقيقة وإن كانت مؤلمة مؤقتا.

بقلم: راشد محمد الفوزان - الرياض