جيوش المستقبل.. ســـــلاح بـلا جـنـود

قبل أيام أعلنت روسيا عن إنتاج أول دبابة يتم التحكم بها عن بعد.. دبابة ذكية ورشيقة لا تضم جنودا ولا تحتاج للراحة أو التوقف تدعى Platforma-M.. يتم تسييرها عن بعد من وزارة الدفاع في موسكو ويمكنها العمل بلا كلل أو ملل لأسابيع وأشهر!!

هذه الدبابة (التي تعمل حاليا على حدود بولندا) تؤكد ظنوني بأن المستقبل سيكون للأسلحة المدارة عن بعد، ولا تضم بالتالي جنودا يمكن قتلهم أو هزيمتهم.

في الماضي كانت ضخامة الجيوش أمرا حاسما في المعركة؛ ولكن الأسلحة التي تدار عن بعد ستخفض الحاجة إليهم بحيث تساهم في ظهور (جيوش ذكية) تدير معاركها من خلف الشاشة.. في الحرب العالمية الثانية خسرت أميركا أكثر من 133 ألف جندي ولكنها هزمت اليابان بقنبلة ذرية واحدة.. وفي الحرب العالمية الأولى خسرت 103 آلاف جندي ولكنها احتلت أفغانستان بخسارة 2000 جندي فقط (والعراق 4486 جنديا).. وهذا الفارق الهائل في عدد القتلى يعود إلى استخدام الطائرات الموجهة والقاذفات المتسللة وصواريخ كروز التي تطلق من أهداف بحرية بعيدة.. في حرب الخليج الثانية كانت الصواريخ توجة عبر الأقمار الاصطناعية لتدخل من شبابيك وزارة الدفاع العراقية.. ورغم نجاح الرئيس أوباما في إنهاء ولايته دون خوض حروب مباشرة، ترتفع في عهده معدل الهجمات التي نفذتها الطائرات الموجهة بسبع أضعاف ولاية بوش..

فالأميركان سبقوا العالم في إنتاج طائرات "بدون طيار" دكت مواقع بعيدة في اليمن وأفغانستان والباكستان والصومال قبل العودة لقواعدها مجددا (أشهرها البريدتور).. وأثناء احتلال أفغانستان استعملوا طائرات هليكوبتر بدون طيار (درون) تحلق لتسع ساعات وتطلق الرصاص من رشاش يتم التحكم به عن بعد.. وفي خطوة متقدمة أنتجت بوينغ طائرات ذكية يمكنها التصرف بنفسها في حال عجز قائدها عن اتخاذ قرار سريع (أشهرها أكس 45 التي ينطبق عليها المثل العربي: أرسل حكيما ولا توصه)..

أما المدهش فعلا فهو طلب البنتاغون من وكالة الأبحاث الدفاعية DARPA ابتكار (طلقة بندقية) يتم إطلاقها من مسافة أميال ويمكن تغيير اتجاهها عن بعد.. وهو ما يعني إمكانية إطلاقها من خلف الحدود لقتل قائد ميداني يتجول في الدولة المجاورة!!

وكل هذه الأسلحة (التي تعمل عن بعد) لم تكن لتظهر لولا التطور الكبير في تقنيات تحديد المواقع وأقمار التوجية العسكرية.. ويعود تفوق الأميركان على غيرهم إلى امتلاكهم 300 قمر عسكري تحوم حول الأرض.. وهذه الأيام أصبح حتى جنودهم (المتواجدون في أرض المعركة) يتلقون صورا فضائية تظهر تحركات العدو واتجاه القذائف.. وخلال عشرين عاما من الآن أتوقع ظهور جنود آليين يميزون الأعداء بواسطة تقنيات تمزج بين الذكاء الاصطناعي والتوجية عن بعد.. وبمرور الوقت ستظهر جيوش كاملة من الجنود الآليين ولن تحتاج الدول المتقدمة لإرسال جنودها البشريين لاحتلال البلدان البعيدة (ولا حتى خسارة ألفي جندي لاحتلال بلد مترامي الأطراف كأفغانستان)..

.. هذا ما لديهم يا أمة العرب، فماذا أنتم فاعلون؟!

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض