عن السعادة وأصحابها

معظم موظفي الحكومة حرروا في يوم ما خطاباً إلى «صاحب السعادة»، وأصحابها كثر، بعضهم باقٍ يرفل بنعيمها وبعض آخر خرج منها، وفي الاحتفالات يحرص من يتصدر المنبر متحدثاً ومرحباً بالحضور، أن يشير إلى أصحاب السعادة حتى تكتمل الأخيرة في ما يبدو.

في السلم البيروقراطي أصحاب السعادة هم كبار الموظفين ممن دون مرتبة الوزير إلى المدير العام، أحياناً تصل «صحوبية» السعادة إلى رئيس قسم بحسب حاجة مدبّج الخطاب.

في الخطابات تقلّص استخدام «صاحب السعادة» إلى «سعادة» لأنها بفعل الزمن كما يتوقع أصبحت حالة ملازمة، لذلك يمكن القول إن متلازمة السعادة الشعبية ارتبطت بالوظيفة الحكومية وبالحكومة. من هنا وعينا أن السعادة «المستمرة» لها أصحاب وموثّقة بخطابات رسمية، أقلّها في الوظيفة، ما فوق أصحاب السعادة وظيفياً مرّوا سابقاً عليها، أخذوا نصيبهم منها ويتطلعون إلى الأمام، وهو ما يشير إلى أن حالة السعادة غير مستمرة، ربما هناك حالة أعلى منها، هناك سعيد وهناك من هو أسعد.

هل تستطيع الحكومة أن تجعل الشعب الذي تحكمه وتدير شؤونه سعيداً؟ الجواب طبعاً بـ«لا ولكن»! أما سبب نفي القدرة على ذلك فهو موجود في تلافيف السعادة نفسها في خاصيتها، حال نفسية شعورية غير مستمرة تهبط على النفس وتغشاها ثم تقلع تاركة ذكرى فيها شيء من طعمها.

أما لماذا الـ«لكن» اعترضت في الإجابة عن السؤال أعلاه؟ الواقع أن الحكومة تستطيع ألا تكون مصدراً للتعاسة، والمسألة ليست صعبة التحقيق، تجتهد للتفتيش في أدراجها وأنظمتها وأساليب عملها وتعاملات موظفيها و«مواقعها» وخطابها مع الجمهور عن كل ما يجلب لهم وليس لها فقط، التعاسة أو يقرب منها، هذا وحده كافٍ لينشغل الناس أو الشعب والجمهور بما يعنيه بقضايا أخرى قد تجلب السعادة للجميع حكومة وشعباً، ربما يكتشف الفرد أن لديه القدرة على إسعاد آخرين فيصاب برذاذ السعادة.

القوائم التي تصنّف شعوب دول أنهم أكثر سعادة أو أقل ليست بعيدة عن قوائم الأكثر تأثيراً وشهرة وطولاً وقصراً، ولأن السعادة كما تعلم حال موقتة كما اتفقنا، هناك ما هو أهم منها، مثل شجرة توفّر لها المكان لبناء العش والاستقرار وهي السكينة والطمأنينة.

بقلم: عبدالعزيز السويد - الحياة