الدول الخليجية المتحدة

القمة الخليجية المنعقدة في الدوحة حالياً ستمر مثل سابقاتها مالم تتمخض عن قرار إقليمي مهم (مثل التوحد وفتح الحدود بالكامل)، أو قرارات تمس اهتمامات المواطنين الخليجيين بصفة شخصية ومباشرة (فحال لسان المواطنين الخليجيين أصبح دائماً: وماذا استفدت أنا من كل القمم السابقة؟)...

جميعنا يذكر كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة الخليجية الثانية والثلاثين التي عقدت في الرياض وأكد فيها أن الوقت قد حان لانتقال دول الخليج من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بعد كل هذا القدر من التنسيق والتوافق الذي تمخضت عنه القمم السابقة..

أيضاً مازلت أذكر - حين سمعت لأول مرة بمشروع القطار الخليجي المشترك - أنني تساءلت إن كان اكتماله سيترافق مع فكرة تحوله الى قطار "اتحادي" أو على الأقل قطار "حر" لا يتوقف عند أي معابر حدودية كما هو حال القطارات الأوروبية!؟

فدول مجلس التعاون الخليجي ليست فقط موحدة عرقياً ولغوياً، بل ومتوافقة فكرياً وسياسياً واقتصادياً بحيث أصبح وجود الحدود ذاتها "تحصيل حاصل" وهدراً للمال والجهد ووقت المسافرين.. والحقيقة هي أن دولاً عالمية كثيرة ألغت حدودها مع جاراتها لهذا السبب خصوصاً حين يتم ذلك عطفاً على توافقها السياسي وتماثلها الاقتصادي وتطابقها الأيدلوجي (وخذ كمثال الحدود المفتوحة بين أمريكا وكندا، وفيتنام وكمبوديا، ومعظم الدول الأوروبية حتى قبل ظهور فيزا شنجن) ..

ورغم تفهمي لصعوبة فتح الحدود الخليجية مع سورية والعراق واليمن (بسبب الاضطرابات التي تمر بها حالياً هذه الدول) أتساءل عن سبب عدم فتحها (بشكل كامل) بين دول خليجية متساوية أمنياً، ومتماثلة اجتماعياً، ومتوافقه سياسياً (تمهيداً لاتحادها مستقبلاً بشكل فيدرالي كامل).. لم يعد هناك معنى لمظاهر الازدحام فوق جسر البحرين أو في المطارات أو تحت لوحة "مواطني دول مجلس التعاون".. لن يحدث شيء مهم أو خطير حين يصبح سفر المواطنين الخليجيين بين البحرين والكويت والإمارات وعمان بسهولة سفرنا إلى عرعر وجازان وتبوك ونجران..

صحيح قد تظهر في البداية إشكالات أمنية بسيطة ولكنها ستكون صغيرة واستثنائية لدرجة لا تستحق وجود المعابر الحدودية ذاتها.. بل على العكس تماماً أرى أن وجود الحدود السياسية بين أي دولتين يساهم - بمرور الزمن- في ترسيخ حواجز اجتماعية واقتصادية لم تكن لتظهر لو كانت مفتوحة منذ البداية..

المشكلة الأكبر أن المبالغة في تبني فكرة (الحدود) قد ينتهي بمرور الزمن إلى حد خلق حدود داخل الدول نفسها.. هذا مايحدث اليوم في دول مثل الباكستان وسورية والعراق وأفغانستان حيث تصادف نقاط تفتيش في مدخل كل شارع وقرية ومدينة، وهذا أيضا ما كان يحدث في روسيا والصين أيام الحكم الماركسي حيث كان المواطنون يمنعون من دخول بكين وموسكو دون دعوة عمل أو تصريح خاص!!

.. على أي حال؛ تذكروا أنني لا أطالب الدول الخليجية بفتح حدودها مع الدول المضطربة أو ذات التفاوت الاقتصادي معها، بل فتحه فيما بينها(عطفاً على توافقها الواضح في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية) تمهيداً للاتحاد الكامل والكبير...٫

نقلاً عن صحيفة "الرياض"