تحدي تطوير التعليم السعودي ممكن

 تطوير التعليم تحدٍّ ممكن وبكل سهولة أن يطلق عليه لفظ «مصيري» لأنه كذلك. كل سعودي تسأله اليوم لديه قناعة تامة بأهمية التطوير في تركيبة المنظومة التعليمية السعودية، من المناهج إلى البنية التحتية إلى تأهيل المعلم وغير ذلك من المسائل التفصيلية المختلفة التي تكون مفهوم العلم والتعليم في المنظومة الحديثة لإدارة العلم والتعليم.

مخرجات التعليم تبدو بعيدة عن طموح سوق العمل، والمنتج التعليمي في نظر البعض بعيد عن الجودة التنافسية مقارنة مع دول أخرى. ولكن من المهم جدا الإشادة في الوقت نفسه بالنماذج الفردية التي كانت موجودة على مدار التاريخ في السعودية، والتي ولدت أمثلة مهمة للنجاح في قطاع حساس ومعقد ومهم. فالسعوديون يعلمون تماما عن نجاحات معهد العاصمة النموذجي، مدارس الثغر النموذجية، مدارس الفلاح، المدرسة الصولتية، دار الحنان، التربية الإسلامية، مدارس الظهران الدولية، كلها كانت نماذج مشرقة ومشرفة للتعليم في السعودية وتخرج فيها أجيال من الطلبة المميزين.. نماذج تعمل على إيجاد وسائل للتميز والإتقان والتركيز على التربية وتأسيس النشء بشكل عصري ومنظم وتطوير المنهج بشكل عصري.

اليوم السعودية تضخ مبالغ غير مسبوقة للنهضة بتعليمها، وذلك إدراكا منها أن التعليم القوي هو إحدى أهم ركائز السلم الاجتماعي في كل الدول المعتبرة والناجحة، وهناك حالة من الارتياح والأمل الكبير تجاه هذا القرار المهم، ولكن الأمل أن يكون الاهتمام بتطوير المعلم والصرف الكبير على هذا الأمر لأنه من دون «معلم جاهز ومعد» لن يجدي نفعا تطوير المناهج وبناء المدارس بأي حال من الأحوال. وفي هذا السياق لا تزال السعودية تفرز نماذج قيادية باهرة وناجحة في قطاع التعليم، فاليوم هناك حديث في دوائر القطاع التعليمي يشيد بإعجاب وتقدير غير عاديين بنجاح نموذج مدارس المعرفة في جدة بقيادة مالكتها والمديرة الاستثنائية إلهام الفضلي، التي تمكنت في سنوات قليلة من تأسيس منظومة تعليمية متكاملة تهتم بالتربية والمنهج المتطور حتى باتت المتخرجات منها يتلقين القبول من أهم الجامعات العالمية المرموقة بشكل مميز وباعث للفخر.

التزمت إلهام الفضلي نهج الحزم الإداري حتى تكونت عن أسلوبها سمعة في الأوساط التعليمية عكست الجدية والمهنية والاحترافية والمسؤولية بشكل مميز. وكونت مع الوقت «ثقافة تعليمية» مميزة في فترة وجيزة.. فقد تمكنت من الاهتمام بالمباني والمرافق والتجهيزات (Hardware) والاهتمام الشديد بالمعلمين والمعلمات والإداريين والاعتماد على كفاءات أكثر من مميزة (Software)، محققة بالتالي معادلة صعبة ولكنها ممكنة، مما أدى إلى حالة رضا كبيرة من الأبناء والبنات، وكذلك من أولياء الأمور لأن النتائج الإيجابية كانت تتحدث عن نفسها بشكل أخاذ ولافت.

وسط الأحاديث عن التعليم وتطويره من المهم إظهار أحد نماذج النجاح والتألق والتميز، وما أنجز (في فترة وجيزة جدا) يؤكد أنه بالأفكار الإيجابية والتعاون الجماعي وإثراء روح الفريق واتباع النظام الصارم والعادل وتطبيق أساليب التعليم المثبت نجاحها حول العالم من الممكن تحقيق نجاح استثنائي ينال رضا واحترام المجتمع وتقديره بشتى صوره وأشكاله.

تحدي التعليم وتطويره مشوار وقرار مصيري للسعودية لا يمكن أن تعود عنه، ولا خيار سوى المضي قدما لتحقيقه، ومسؤولية نجاحه هي مسؤولية مجتمعية.
هذا النموذج الناجح أثبت للكثيرين أن رحلة المستحيل ممكنة.

نقلاً عن "الشرق الأوسط"