السعودية: نكهة الشهر!

ليست هذه هي المرة الأولى التي تهتم فيها بعض وسائل الإعلام الأجنبية بما يحدث في السعودية، ولكن المدهش هذه المرة هو الاستمرار عليها، وكأن السعودية أصحبت فجأة «نكهة الشهر»، ومعظم ما يكتب ينطبق عليه الكتابات المروجة لسيناريوهات الدمار والخراب.

فحجم السوداوية المصورة فيما يتم نشره يدعو إلى التعجب. حقيقة الأمر أن هناك تغيرا في الوضع الاقتصادي وهذه مسألة أقرتها القيادة في السعودية، وقالت بصريح العبارة إن هبوط أسعار النفط سيقتضي واقعا اقتصاديا جديدا، وهي مسألة متوقعة وفهمها السعوديون الذين يعلمون جيدا أهمية هذه السلعة الحيوية، وأثرها المباشر على اقتصادهم.

ولكن هناك ملاحظات لافتة في أسلوب تعاطي بعض الأخبار التي تغطي السعودية، فهي في معظمها تعتمد على مصادر مجهولة الهوية، بل وفي حالات متكررة تعتمد على مغردين على وسيلة التواصل الاجتماعي المعروفة «تويتر» بلا اسم ولا هوية، واتجاهات هؤلاء المغردين أقل ما يقال عنها إنها مثيرة للجدل، وبالتالي لا يكون مستبعدا ولا مستغربا إذا ما كانت هذه الأخبار هي الأخرى مدعاة للتعجب، ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هل الوضع في السعودية سياسيا واقتصاديا بهذا الشكل الذي يصور ليلا ونهارا؟

نعم هناك تحديات تنموية وإدارية مهمة ولا يمكن الاستهانة بها، وهناك اقتصاد يعتمد على سلعة نفطية شهدت انخفاضا هائلا في ستة أشهر بأكثر من 60 في المائة من قيمتها، وهناك تحد لتوسعة قطاعات الموارد الأخرى بإصلاح إداري وتحفيزي طال انتظاره، وحرب أعلنت لعون بلد جار ومهم واستراتيجي بالنسبة للسعودية، كان لزاما لها أن تمد يد العون إليه، حماية له وتحسبا لتدهور الأوضاع فيه، كل هذه العناصر لا بد أن تضغط على الاقتصاد وتؤثر على نموه، ولكن للسعودية احتياطيا نقديا مهما، فهي اليوم أدركت أن عليها اتباع سياسة تقشفية توجه فيها الموارد لما هو مطلوب وله الأولوية، وتأجيل ما يستحق ويجب أن يؤجل، وهذا فيه كثير من العقل والحكمة.

يبدو أن الغرض منه ليسالتحذير بل التخويف والإرباك وشتان الفرق بين الاثنين، السعودية «بحاجة» لمواجهة من هذا النوع، فعادة ما تكون الأزمات الاقتصادية هي فرصة للتقشف وتحسين الأداء الإداري للقطاعات المختلفة، وترشيد النفقات وتقديم سلسلة من القرارات والمبادرات التي تقدم حلولا من خارج الصندوق. الإعلام بصورة عامة في السعودية مطالب بخطاب واضح شفاف، فليس لديه ما يخفيه ويعلن عن الاستثمارات التي جاءت للبلاد، وما يتم تقديمه من تسهيلات ومن الإجراءات المعمول بها حديثا، لأن الخطاب الاعتذاري والتبريري بات قديما ولا يجدي.
لا أعتقد أن التغطية الإعلامية السلبية بحق السعودية ستنتهي قريبا، وبالتالي مطلوب تعامل مختلف معها مبني على تفنيد لكل ما يقدم ضدها.

بقلم: حسين شبكشي - الشرق الأوسط