القضية ساخنة.. أحرقت القلوب!

متى تضع الدولة - ولا أقول الحكومة - قضية الحوادث المرورية على رأس أولوياتها كقضية وطنية واجبة المواجهة الفاعلة المستمرة، لم نعد نتأثر إلا بالوفيات الجماعية من حوادث مرورية، وما زالت منظومة المرور بكل مفاصلها، إدارة وطريق ورقابة، قابعة في مكانها.

من الهروب للأمام استمرار قضية دموية محل تقاذف مسؤولية، هذا ما يبدد أثر الاهتمام ويضيع الدم بين الأطراف، هي ليست قضية المرور وحده، ولا قضية وزارة النقل ومقاوليها، ولا قضية السائقين ومن خلفهم المجتمع، فهي قضية تطاول كل جهة وطرف له علاقة ولو غير مباشرة بها، لكننا لا نرى فعلاً مؤسساتياً ناجزاً من الجهات المعنية، تلك الجهات هي القائد والمنظم للحد من الحوادث الشنيعة، ماذا يعني فقدان أبوين خمسة من أبنائهم في حادثة مرورية شنيعة تقع أمامهم، تفترسهم شاحنة، خالص العزاء للدكتور إسماعيل البشري وحرمه، عظّم الله أجركما، ورحم أبناءكما، وألهمكما الصبر والسلوان.

إن «التقسيط» الذي يمارسه المرور في التعامل مع المخالفات المرورية لن يحقق نتيجة تذكر، يجب على المرور ووزارة النقل التقدم للوقاية من الحوادث، في مثل هذه الحادثة المصيبة وغيرها لا يجري تحقيق يفحص الأسباب لمعالجتها، إنه إذا ظهر يشير إلى المسؤولية تجاه هذا الطرف أو ذاك، لكنه لا يتعمق في السبب، وقضية حادثة طالبات حائل باقية في الذاكرة وغيرها، فما هي حال الطريق؟ وما هي حال السائق؟ ومن المسؤول عن أي إخفاق في هذا أو ذاك؟ إن الجهات والأفراد الموظفين الذين يتعمدون دفن الأسباب أو التغاضي عنها بعدم التدقيق والبحث فيها وعدم مواجهتها شركاء في هذه الحوادث.

إذا كان «تجاوز شاحنة في تحويلة» أدى لهذه الحادثة الأليمة، فنحن كل يوم نرى تجاوزات لشاحنات وغيرها في كل طريق نمر به، ومعظم الطرق تحويلات! ولا نرى أثراً لمن يحرك ساكناً لدى من يفترض به التحرك.

لا يكفي أن يقوم وزير أو مقاول أو مدير بتعزية أسرة الدكتور إسماعيل البشري في مصابهم، بل نحن ومجتمعنا من يجب أن يستقبل العزاء في أجهزة حكومية وضعت لهدف لم تستطع الوفاء به، لكنها تتمنع من إعلان فشلها، ولا بد أن يعالج ذلك من جهة أعلى منها.

نقلاً عن "الحياة"