كيف تخسر أموالك بغباء

يستحسن أن أشير منذ البداية إلى أن مقال اليوم ليس موجهاً لمن أنعم الله عليهم بالمال والثراء ولم يعودوا يميزون بين ساعة بعشرين ألف ريال، وأخرى الكترونية - أكثر منها دقة - بخمسة وعشرين ريالاً.. 

فمقال اليوم موجّه للكادحين في الأرض، والغارقين في القرض، والعاجزين عن شراء قطعة أرض.. 

موجّه في أحسن الأحوال لمتوسطي الحال ممن يرغبون في التوفير والحصول على الأفضل والأكثر مقابل أموال تعبوا في جمعها فعلاً.. 

فهناك عشرات الطرق لتوفير المال تعتمد جميعها على (التردد وموازنة المنافع) قبل تسليم أموالك للآخرين.. عشرات الطرق لخسارة نقود ومدخرات سببها الجهل بمبادئ وعادات فعالة في الشراء والتفاوض وتقديم العقل على العاطفة.. إذ يمكنك مثلا خسارة المال من خلال التزامك بشراء الماركات المشهورة - والتي تصنع في فيتنام وبنجلاديش بعشر قيمتها في السعودية.. لا يجب أن تدفع سعراً مبالغاً فيه إلا في حالتين فقط: حاجتك الحقيقية للسلعة، وعدم وجود بديل لها (وابحث في النت عن مقال سابق بعنوان: أغلى ما اشتريته في حياتك)!! 

.. بكلام آخر يجب أن تكون حاجتك ورغبتك الحقيقية هي من يقرر دفعك للنقود أو إبقاءها في جيبك.. وأذكر بهذه المناسبة أن أحد القراء سألني عن "سلسة الفنادق" التي أفضلها في رحلاتي، فأجبته : لا سلسلة ولا يحزنون؛ فأنا قد أسكن في فندق خمس نجوم وقد أسكن في غرفة مشتركة مع خمس سائحين، المهم أن تطل نافذتي على منظر جميل.. 

أيضاً يمكنك خسارة المال من خلال شراء كماليات وأجهزة ومواد لا تحتاجها ولكن لمجرد إعجابك بها أو ظهور موديل جديد منها كأجهزة الاتصال الذكية مثلاً - (وبمناسبة الحديث عن الأجهزة؛ من الحماقة فعلاً دفع مبلغ إضافي مقابل تمديد الضمان)!! 

كما يجب الحذر من التخفيضات كونها تغري معظم الناس بالشراء (وعلى وجه الخصوص النساء).. فما لم تكن بحاجة فعلية للسلعة فأنت في الحقيقة تخسر المبلغ الذي دفعته فيها (ولنقل 70% من سعرها الأصلي) مقابل شعور وهمي بفوزك ب(30%) لا يضعها البائع في جيبك! 

وبمناسبة الحديث عن البائع عليك دائماً بالشك في نيته وعدم تصديق ادعاءاته (ليس لأنه ولد هكذا) بل لأن ابتسامته في وجهك لا تختلف عن وضع المجرم مسدساً فوق رأسك.. فكلاهما يريد محفظتك! 

أما في حال كنت لا تملك محفظة أصلاً (وبالكاد توفر مستلزمات حياتك وأسرتك) فحينها يصبح من الحكمة شراء الأدوات المستعملة بدل الجديدة، والمستأجرة بدل المستملكة، والمستعارة بدل الخاصة!! 

وسواء كنت فقيراً أم ميسور الحال تذكر دائما أن "العادات غير الصحية" تكلف الكثير من المال كما تكلف الكثير من الصحة والسلام.. فكر بمصاريف التدخين والكحول والسمنة والأطعمة السريعة وكل عادة سيئة، تجدها في النهاية تستقطع قدراً كبيراً (ليس من صحتك وعمرك فقط) بل ومن مالك ومدخراتك الخاصة! 

أما بخصوص السفر والسياحة فالنصائح كثيرة ومتعددة؛ ولكن إن كان دخلك يسمح بفعل ذلك (ودون أخذ قروض من البنك) فأنصحك بالبحث في الانترنت عن مقال سابق بعنوان "كيف زرت فنلندا ب 250 ريالاً فقط" أو "أكبر قدر من الدول بأقل قدر من المال"!! 

.. وفي النهاية تذكر أنني لا أدعو للبخل والتقتير بل للحكمة والذكاء في صرف المال أياً كان دخلك.. فالقضية أكبر من مسألة الغنى والفقر كون من يعجز عن التحكم بدخله يعجز عن التحكم بحياته، ومن لا يصرف ماله بذكاء يخسره بغباء، ومن لا يستعد في الحاضر سيندم في المستقبل.. وفي هذا يتساوى الفقراء والأثرياء! 

.. وأصدقكم القول، لا أعرف كم طريقة استعرضنا حتى الآن، ولكنني على أي حال أرغب بسماع اقتراحاتكم ونصائحكم الإضافية في الصحيفة الإلكترونية.. ورب نصيحة بجمل كما قالت العرب..



نقلاً عن "الرياض"