اسأل جيف

لم يعد بإمكان أحد إحصاء عدد محركات البحث الموجودة على الانترنت.. وما يبدو لي أن لا أحد أصلا يرغب بمعرفة ذلك كون الغالبية العظمى من الناس تكتفي بالتعامل مع الأربعة الكبار فقط جوجل وياهو وميكروسوفت وآسك.. 

وقد يكون الأخير أصغرهم شأنا وأقلهم شعبية إلا أنه يتميز بتخصصه في الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الناس باللغة المعتادة (وهذا يعني أنه يتفوق على بقية المحركات في "خلق" المعرفة وليس "البحث" عنها فقط في ركام الانترنت).. 

وحين ظهر لأول مرة عام 1996 كان يدعى إسئل "جيف" الشخصية الكرتونية التي تظهر في أعلى الصفحة.. غير أن جيف تقاعد عام 2006 (حسب قول الشركة) فاختفت صورته وتحول اسم الموقع من AskJeeves.com الى Ask.com فقط. 

وقبل كتابتي لهذا المقال فتحت الموقع لأول مرة منذ سبع سنوات فشاهدت قائمة ب"أكثر الأسئلة شعبية" أتى من ضمنها "كيف أقلع عن التدخين؟" و"كيفية التخلص من البثور؟" و"ماهي أسرع طبخة تنال رضا المراهقين؟"... وجميعها استدعت عددا كبيرا من الإجوبة التي قدمها الخبراء وأصحاب التجارب!! 

... وحين انتهى عام 2013 أصدر موقع آسك قائمة سنوية بأكثر الأسئلة شعبية خلال العام الماضي.. جاء من بينها: 

هل ستغزو أمريكا سوريا؟ 

كيف تم العثور على مفجر مارثوان بوسطن؟ 

ماهو اسم الطفل المولود للعائلة البريطانية المالكة؟ 

من الذي أطلق النار على مقر رجال البحرية؟ 

كيف يمكنني مساعدة ضحايا إعصار الفلبين؟ 

كم بلغ حجم الديون على مدينة ديترويت؟ 

... أضف لهذا؛ هناك أسئلة متخصصة في الرياضة والسياسة والفن وبقية دول العالم (لا أود إزعاجكم بها) ولكنها بالإجمال تمنحنا فكرة عما يشغل بال الناس في هذا البلد أو ذاك... 

على أي حال ؛ 

رغم أن أحدا لا يتفوق على محرك آسك من حيث الأسبقية وثراء المحتوى (والأهم تحوله في أذهان الناس الى جهة متخصصة في هذه النوعية من البحث) إلا أن الفكرة بحد ذاتها أصبحت موجودة الآن في معظم محركات البحث المعروفة كجوجل وياهوو.. أضف لهذا ؛ تملك بعض المواقع الكبيرة صفحات وروابط خاصة باستقبال أسئلة الجمهور والاجابة عنها.. خذ كمثال المواقع الخاصة بالتيار الديني المحافظ في أمريكا التي تملك مواقع فرعية أو صفحات خاصة بالأطفال يطرحون فيها أسئلتهم مباشرة على "الرب".. وأذكر أنني مررت بموقع كهذا وضع فيه طفل يدعى ديفي سؤالًا يقول فيه: "أين ذهب جدي بيتر بعد وفاته؟" وبدل أن يتلقى الجواب كما هو معتاد يدخل جده على الخط ويقول: "مرحبا ديفي أنا جدك بيتر وأنا حاليا في الجنة لأنني عشت حياتي كمسيحي مخلص" فتلفت الإجابة نظر الطفل الصغير فيطرح سؤالا خطيرا : "وهل المسيحيون وحدهم من يذهب الى الجنة؟" فيرد عليه الجد فورا "نعم ، ولكن دعنا لا نتحدث في هذا الآن وأخبرني هل تذهب مع والدتك الى الكنيسة" فيرد الطفل "لم تذهب يوم الأحد الماضي لأنها كانت مجهدة" وهنا فيقول الجد: "أوووه هذا سيئ، حسنا أخبرني، سمعت أن بعض زملائك في المدرسة يشاهدون أفلام هاري بوتر هل هذا صحيح" فيقول الطفل "نعم" وهنا يتراجع الجد ويتدخل ال "رب" قائلا: "وهذا سيئ أيضا لأنها كما تعلم أفلام تعلمنا السحر والشعوذه وأنا أكره من يفعل ذلك، صحيح؟".. 

كل هذا وديفيد الصغير يعتقد أنه يتحاور مع السماء في حين أنه يتحاور مع قسيس متخصص في علم نفس الأطفال ويملك خبرة في توجيههم بطريقة غير مباشرة !! 

... من حسن الحظ أن محركات البحث المعروفة لا تقدم مثل هذه الخزعبلات!!


نقلاً عن جريدة "الرياض"