الانضباط بين المواطن والحكومة

بعدما قرأت التصريح المنسوب إلى وزير العمل عن عدم انضباط الشباب في العمل وسؤاله الاستنكاري «هل نرميهم؟»، عدت إلى الوراء قليلاً بل والحاضر الزاهي أتتبع مدى انضباط الأجهزة الحكومية في شؤونها الأساسية، وهي الجهات المنظمة ولديها موارد مالية وقوى عاملة وصلاحيات لنعرف كيف هي حال الانضباط الذي دائماً ما توضع مسؤوليته حصراً على الفرد المواطن والمجتمع لا غير.

لنتفحص كيف هي حال الانضباط في وزارة العمل بالذات منذ فصلها عن الشأن الاجتماعي، كيف أسهمت وزارة العمل نفسها في تعميق الخلل في سوق العمالة والبطالة.

غيرها كثير من أجهزة الكل يعلم مدى انضباطها! لو انضبطت الأجهزة الحكومية أنا على يقين أن المواطن سينضبط عاطلاً كان أو عاملاً، فلماذا لا تقدم هي النموذج في الانضباط؟ هل هناك فراغ تركته عمالة تم ترحيلها؟ إنه فراغ بسيط وهامشي جداً، وهي عمالة استفادت منها الشركات الكبيرة التي كانت خارج نطاق الانضباط والضبط، كانت في خانة «التضبط»، لكن الانضباط يستثمر الآن ويرمى على المجتمع والشباب وهما شيالان.

أما الفرص التي ظهرت على السطح فهي تقتل بطول الإجراءات وكثرة الرسوم، بدلاً من فتح الأبواب على مصراعيها لفرص أعمال واكتشاف مهن، يجري التعقيد. نعم هناك فئة غير منضبطة ممن ينضمون إلى سوق العمل وممن هم الآن على رأس العمل، هذه حقيقة يعلمها الجميع ويلمسها كل من يتعامل مع أجهزة حكومية وخاصة ومخصصة، لكن التعميم ومن مسؤول عن العمل لا يفهم إلا مجاملة لأصحاب الأعمال الكبار داخل الغرف التجارية.

وكان الأَولى إصلاح العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والعامل أو الموظف، لتكون الصورة واضحة في الحقوق والواجبات وسرعة الوصول إليها بالبت فيها عند وقوع أي خلاف.

نقلاً عن جريدة "الحياة"