تاريخ السادات في الرواية المصرية لا يحمل لونا واحدا !!

اسم الكتاب: السادات في الرواية المصرية اسم المؤلف: مصطفى بيومي الناشر: دار فرحة القاهرة 2002 فكرة الكتاب واضحة من عنوانه، وكما يقول الكاتب الكبير عبد الرحمن المنيف في كتابه (رحلة ضوء) إن الرواية هي التاريخ الذي لا يكتبه كاتب التاريخ، فمن المعروف أن التاريخ يكتبه المنتصر أو القوي، فيكتب ما يريد ويحذف مالا يعجبه، وهذا الكتاب يدور في نفس فكرة تسجيل التاريخ من خلال الرواية. من المعروف أن عصر رئيس جمهورية مصر العربية الرئيس(أنور السادات) كانت فترة مفعمة بالأحداث التاريخية والتطورات المتلاحقة في مصر وفي منطقة الشرق الأوسط، ولونت تاريخ الشرق الأوسط، وبقيت آثارها إلى أيامنا الحالية، كما أن تأثيراتها ستكون باقية مدة طويلة في التاريخ القادم. أحداث جسام: فعصر السادات تميز بمحطات تاريخية كان لها الأثر في تشكيل المجتمع والتاريخ المصري، فقد قضى على رموز وحراس النظام الناصري السابق لحكمه، كما أنه غير الحليف الرئيسي، فحالف الولايات المتحدة الأمريكية بدلا عن روسيا الاشتراكية، كما أنه أشعل الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة والتي تمكن فيها من استعادة هيبة مصر. ثم قام بزيارة للقدس المحتلة بالرغم من المعارضة العربية لهذا الاتجاه. كما أنه عقد صلحا بينه وبين جارته العدوة إسرائيل لتكون مصر أول دولة عربية تصالح إسرائيل. أما آثاره المحلية فكانت كثيرة وكبيرة، وتأثيراتها غيرت كثيرا من معالم المجتمع المصري، وذلك أنه انسلخ من النظام الاشتراكي، وانطلق في اقتصاد البلد نحو الاقتصاد الرأسمالي، كما انه فتح البلد على مصراعيه للاستثمار والاستيراد وكان مغلقا في السابق، كما أنه سمح للصحف بالكثير من الحريات، واستمال إليه بعض الفئات التي كانت تعادي الأفكار الاشتراكية، وجعلهم قادة البلد فكرا وإدارة. مادة جيدة: الأحداث السابقة كانت مادة دسمة وغزيرة للإبداع المصري في الرواية، فكتبت العديد من الروايات في عصر السادات، وكان الكثير منها يشير إلى الرئيس بالاسم وبعضها يتحدث إليه رمزا، ولكن بوضوح تام. ويتعرض الكاتب الى كتاب مصر المعروفين والذين استغلوا الأحداث الجسام في عصر السادات لتكون لهم رؤية فيها، ويختار المؤلف سبعة من كتاب مصر وهم نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وفتحي غانم وبهاء طاهر وجميل عطية ويوسف القعيد وجمال الغيطاني، وأما الثامن فهو الدكتور غازي القصيبي ،وهو مؤلف سعودي ولكن ألف روايات تتعرض لفترة حكم السادات، وقدم فيها رؤية خاصة، وكأنه يمثل العالم العربي. رؤية نجيب محفوظ: إن الكاتب العالمي لم يلتزم بخط معين تجاه رؤيته للسادات، رآه في أول العهد وكأنه سيكون سريع الذوبان، ففي روايته ( قشتمر) حيث ينتظر أحد أبطال الرواية وهو عزيز صفوت أن عمر السادات وسياسته قصيرة جدا، وكان ينتظر البديل قريبا. ولكن بقي السادات وقوي، ووضح أنه يمسك بالأمور بشدة وحكمة وقوة أيضا، فظهرت رواية نجيب محفوظ ( أمام العرش) التي قبلته ورضيت به، ورأت فيه منقذا ومخلصا، بل ودافع عن زيارته للقدس، يقول في نفس الرواية ( أحييك كداعية من دعاة السلام، ولا أدهش لاتهام خصومك لك بالخيانة، فقد تلقيت منهم نفس التهمة لذات السبب). ولكن نجيب محفوظ على الرغم من ارتياحه لأعمال الرئيس السادات، إلا أنه لم يوافقه على أعماله في الانقلاب على الأفكار الديمقراطية التي كان ينادي بها، فتعرض للسادات في روايته (حديث الصباح والمساء) ويقول فيها ما هذا القرار أيها الرجل ؟ تعلن ثورة في 15 مايو ثم تضيعها في 5 سبتمبر، تزج في السجن بالمصريين جميعا من مسلمين وأقباط ورجال أحزاب ورجال فكر، لم يعد في ميدان الحرية إلا الانتهازيون فلك الرحمة يا مصر!! يوسف القعيد له وجهة نظر أخرى: الكاتب الروائي يوسف القعيد كان من أشد المعارضين لفكر وحكم السادات، وكانت أكثر رواياته تتحدث عن المآسي التي لحقت بالبسطاء من الناس من جراء الانفتاح الاقتصادي والذي ينسب إلى عصر السادات. وله عدة روايات كلها تشرح حال البؤس الذي زاد، وحالة الشراهة التي تضاعفت عند الكثير من كبار المسؤولين للنهب واستغلال الفرص. وله رواية طويلة كتبها في ثلاثة مجلدات عنوانها المصري الفصيح، وهي صور عن حياة البؤس والشقاء لغالبية الشعب، وعن حياة الرفاهية لمن نهب وغنم. فالانفتاح لم يكن لصالح الغالبية من الناس، ولم يستفد منه إلا الأغنياء الذين كانوا أساسا في وضع أفضل من غيرهم. كتاب نقد هذا الكتاب هو دراسة نقدية جيدة للرواية المصرية، وعلاقتها بالتاريخ المصري والعربي أيضا، والكاتب في هذا الكتاب لم يتعرض لكل الكتاب المصريين فهم كثيرون، بل إن بعضا منهم لم يظهر ولم يشتهر إلا في عصر السادات، ولذا فان كتاباتهم لم يتعرض لها الكاتب بحكم أنها تمجيد أو وصف لحال واقع، ولم يعرف هؤلاء الكتاب غير عهد السادات وعهد الحكم الحالي الذي يغطي فترة تمتد لأكثر من ثلاثين عاما. ???