الفصل التاسع ( تابع الجزء الخامس) أسرار الرحلة.. اليومية الليلة

تابع الفصل التاسع من كتاب من كتاب بحوث في.. النوم والأحلام والتنويم المغناطيسي) للدكتور أنور حمدي النوم.. أسراره وخفاياه لقراءة الفصول السابقة انظر أسفل الصفحة.. وهكذا ، ومما ذكر سابقا ، يتبين بشكل عام : أن عدد ساعات النوم ، يقل كلما تقدم الإنسان في العمر وكلما كبر سنه ! ..طبعا مع وجود الاختلاف والتباين في عدد الساعات بالنسبة لكل سن وعمر معين ! .. فالبشر ليسوا (نسخا بالكربون ) ! .. يتطابقون ولا يختلفون !.. فكما أننا لا نتوقع أن يكون كل الأفراد ، الذين هم في سن معينة ، أن تكون أطوالهم، مثلا ، متساوية وبمقدار واحد !.. فكذلك لن نتوقع أن تكون ساعات نومهم متساوية، وفترات راحتهم واحدة !!. فكما أن هناك أفرادا طولهم 160 سم ، مثلا ، وآخرين 155 سم ،وفئة ثالثة 167سم رغم أنهم في العمر والسن نفسه !.. فإنه أيضا ليس من المستغرب ، أن تقول دراسة : إن النوم في هذه الفئة من الأعمار ، يكون في حدود 10 ساعات يوميا ، بينما تعطي دراسة أخرى الرقم 9 ساعات ، وتخبر دراسة ثالثة أنه في حدود 9.5 ساعات !!. فالناس مختلفون !.. فكما تختلف الأطوال .. فهذا عملاق وذاك قزم ! وكما تختلف الأوزان .. فهذا من وزن الدب ، أو الفيل ! .. وذاك من وزن (الديك) وثالث من وزن (الذبابة) ورابع من وزن (الريشة) !!رغم تساوي العمر، وتساوي السن!. وكماتختلف الطبائع ، و(المعادن) ! .. فهذا ذو طبع هادئ ،وذاك ذو طبع حاد!.. .. وهذا (معدنه ) من (ذهب ) ، وذاك من (تنك ) و(صفيح)!.. وكما تختلف الأخلاق و(الخلقة) ! .. فهذا سيء الخلق ،وذاك دمث الأخلاق !.. .. و(هذه ) شقراء ، بيضاء ، بعيون زرقاء فيها السحر البحر وروعته وغموضه . و(تلك ) ، سمراء فاتنة ، حوراء العينين ، سوداء الشعر كأنه الليل ، ناعمته كأنه النسيم!! ..تختلف (ساعات النوم ) ، وتختلف (مدة النوم ) ، ويختلف (طول رحلة النوم)!! تختلف من حالة صحية إلى حالة !.. فالعصبي المزاج أو فقير الدم ، أو قليل الوزن ، أو المريض ، يحتاج إلى مدة نوم أطول،وفترة أكبر !.. ليستريح الجسم المتعب ،و يرمم الجسد المنهك ، ويبنى البدن الهزيل ، ويشفى الكيان المريض ! .. وتختلف من عمر إلى عمر ، ومن سن إلى سن ! وتختلف من عمل إلى عمل ، ومن مهنة إلى مهنة !. وتختلف من (نوع نوم ) إلى (نوع نوم )!.. أهو عميق مريح ، أم خفيف مزعج ؟! وتختلف من فرد إلى فرد ، ومن شخص إلى شخص ، ومن (شهير) إلى (شهير)!.. ومن (مشهور ) إلى (مشهور)!! فمدة نوم 5? 5 ساعات هي ، فترة كافية وطبيعية تماما عند عالم الحيوانات الشهير برنارد غريسمك ! بينما هي 10 ساعات ، عند قيصر كرة القدم الألماني الشهير ، فرانز بيكنباور !.. وبينما كان بطل العالم السابق في الملاكمة للوزن الثقيل ، محمد علي كلاي ، يسترسل دائما في النوم ،ولا يستيقظ إلا قبل بدء المباريات بفترة قصيرة !.. وكان بطل كرة المضر ب الأمريكي جون ماكنرو ، يصبح منهوك الجسم ، إذا ما نام أكثر من ثماني ساعات . وفي حين أن نابليون بونابرت ، الأمبراطور (الفرنسي ) ، يقول : ست ساعات نوم كافية للرجل الشاب ، وسبع للمرأة ، وثمان للمغفل أو للبلهاء ،و 5 ساعات للرجل الشيخ ! كان (البريطاني) ، ونستون تشرشل ،، الذي رأس وزارة انكلترا ، خلال الحرب العالمية الثانية ، وهو في السادسة والستين من عمره ، ، يضع (قلنسوة النوم )!، وينام لمدة طويلة!.. كم كان يحافظ على فترات من الراحة خلال العمل ، وكان ينام بعد الغذاء ساعة، ومثلها قبيل العشاء ! .. كما كان ينهي الكثير من أعماله ، وهو ممدد في السرير!. وتختلف من نمط معيشة إلى نمط معيشة ، ومن عادة إلى عادة !.. فلقد تبين نتيجة للدراسات المقارنة ، بين الشعوب المختلفة ، أن متوسط فترات النوم التي يقيضيها الأطفال في سن معينة ، قد تزيد أو تنقص عن معدلها ، في حدود تتراوح ما بين 5-10 ? ! . ومن ذلك مثلا ، تلك الدراسة التي قام بها فريق من الباحثين اليابانيين على نوم عندهم !.. حيث أوضحت هذه الدراسة ، أن الطفل الياباني ، ينام ساعة أقل من الطفل الأمريكي، إذا تساوت أعمارهما !. ومن أجل ذلك كله .. تختلف من دراسة إلى دراسة .. ومن بحث إلى بحث ! .. فالحالة الصحية للأفراد مختلفة .. والأعمار مختلفة .. والأسنان مختلفة .. والعادات مختلفة.. وأنماط المعيشة مختلفة .. والمهن مختلفة .. والأعمال مختلفة !... وعلى رأس كل ذلك ، وقبل كل ذلك ! .. اختلاف (الشخصيات) واختلاف (التركيبات) واختلاف (الكيان )! .. فالناس ليسوا نسخا (بالكربون )!! فإذا كان أرسطو يضع إلى جانب سريره ، إناء فيه ماء ،ويمسك في يده وهو نائم كرة من النحاس فإذا تقلب في نومه ، وانحلت قبضه يده ، سقطت الكرة في الماء ، أو في الوعاء، فكان لها رنين يوقظه !! .. إذا كان يفعل ذلك لمغالبة النوم ، وإنقاص عدد ساعاته .. وإذا كان ابن سينا يقول :، بعد أن حصل جميع العلوم وهو ابن ستة عشرة سنة!(ثم توفرت على العلم والقراءة سنة ونصف ، فأعدت قراءة المنطق ،وجميع أجزاء الفلسفة ، ولم أنم في هذه المدة ليلة واحدة بطولها ، ولا اشتغلت بالنهار بغيره ) .. وإذا كان المخترع العبقري الأمريكي (توماس أديسون ) يقول عن النوم (إنه عاده سيئة)!.. ويكتفي شخصيا بخمس ساعات من النوم ، وأحيانا بساعتين فقط !.. حتى أن المقربين منه ، كان يتندرون عنه ،ويقولون ، بأنه لم يخترع المصباح الكهربائي إلا لهدف واحد فقط ، هو أن يجعل الليل نهارا ، أي فلا ينام .. وإذا كان ملك السيارات الأمريكي (هنري فورد ) يقول عن النوم ، عندما يسأل عنه: النوم؟..إنه أمر غير ضروري أبدا ! . وإذا كان البروفسور (ميشال جوفيه ) يورد مثال ذلك الكندي الذي لا ينام أكثر من ثلاث ساعات يوميا ! .. مما يسمح له بالقيام بثلاث مهن مختلفة .. فهو عامل إليكتروني وصحفي وموظف نقابي في اليوم نفسه ! .. وإذا كان الطبيبان (هنري جونز ) و(إيان أوزوالد ) ، قد تحدثا عن رجلي أعمال ناجحين، ينام أحداهما ساعتين و 47 دقيقة وينام الآخر ساعتين و 43 دقيقة كل ليلة، دون أن تظهر عليهما علامات التعب والإرهاق ! .. إذا كان كل ذلك .. فإن البعض من الناس ، لا يستريح ، حتى ينام عشر ساعات أو تسع ساعات كاملة !.. أو ينام مثل (تشرشل ) كما هو الحال مع المستشار الراحل (إيرهارد) !.. أو(بيكنباور)أو(كلاي)!! .. ... فأجسام الناس تختلف ، وكل جسم وما يحتاج !! وكما أن للناس فيما (يعشقون ) مذاهب .. فكذلك للناس ، حينما (ينامون) مذاهب!! ... على أن الدراسات والأبحاث .. تميل إلى جانب الذين (يؤيدون قلة النوم )، وإنقاص عدد ساعاته ،، إنما بشكل معقول !! ،، فالأطباء يقولون : إن الأشخاص الذين يكتفون بفترة نوم قصيرة ، هم أكثر حيوية ونشاطا، من الذين تزيد فترة نومهم عن الثماني ساعات ! .. ذلك أن محبي النوم ، غالبا ما يتميزون بالقلق والانطواء ، والعزلة ،و الكآبة ويغلب عليهم الكبت الجنسي ، والانهيار العصبي ، والتردد ، والحيرة ، والتأثر بأقل سبب ، والتطير.. كما أنهم غالبا ما يأخذون مشكلاتهم الشخصية ، مأخذا جديا مفرطا ! ولذلك يبدون بنومهم هذا ، وكأنهم يهربون من الحياة ومشكلاتها وومواجهتها . وفي إحدى الأبحاث الحديثة ، في مقارنة الأفراد الذين ينامون ، أقل من 6 ساعات، بهؤلاء الذين ينامون أكثر من 9 ساعات .. وجد تجريبيا ، أن هؤلاء الذين يتميزون بقلة النوم، لهم قدرة متفوقة في المبادرة والكفاح والإصرار ! .. ويكونون طموحين مجدين ! .. وأقل عرضة للمرض العصابي ، من هؤلاء الذين ينامون أكثر من 9 ساعات ، والذين يجنحون ناحية القلق والاكتئاب ! .. كما أن الدراسات التي قام بها الاخصائيون ، تثبت أن الذين ينامون فترات قصيرة، يستمتعون بنوم أعمق من أولئك الذين ينامون أكثر من (المعدل اللازم )!.. كذلك أثبتت التجارب أن الشخص إذا كانت حياته ، في فترة ما .. سعيدة ، وشؤونه تسير كما يشتهي ... كان نومه قصيرا ? عميقا ! .. أما إذا كان يعاني من توترات وصراعات داخلية ، أو حياة مضطربة ، فإن نومه يطول ويتقطع ! ويصحو في الصباح وهو (متيبس ) لا يشعر بالنشاط ، ويود لو عاد إلى النوم ،ويصعب عليه مغادرة الفراش!.. وهذا ما جعل المختصين ، يصلون إلى نتيجة ساطعة وهي أن : (النوم القصير ) .. دليل عافية ذهنية ، وحياتية !! ..(فالنوم الكثير ليس صحيا ، والنوم الأقل يمكن أن يكون شافيا )! فالبروفسور (دانيال كريبك) ، الاختصاصي في علم النفس بجامعة فلوريدا ، يقول :(إن منهم ينامون بصورة منتظمة عشر ساعات أو أكثر .. نسبة الوفيات بينهم مضاعفة ، بالمقارنة إلى الذين ينامون بصورة معتدلة ) ولقد حصل (بحاثة النوم )! ، على نتيجة ممماثلة من الأرقام الإحصائية ، لما يقارب المليوني أمريكي !! كما أن أخصائيي القلب في لندن ، يقولون : ( من بين الرجال الذين تزيد أعمارهم عن الخمسين سنة ، وكانوا ينامون طيلة حياتهم ، تسع ساعات أو أكثر في كل ليلة ، أصيب منه بالانسداد الشرياني أو بالسكتة الدماغية ، ضعف ما أصيب من نفس عدد الأشخاص الذين كانوا ينامون سبع ساعات أو أقل في الليلة الواحدة )! فالنوم ، ما هو إلا سكون ، وعندما يكون طويلا .. يؤدي لترسب المواد الدهنية ، على جدار الأوعية الشريانية ، ومنها الشرايين الأكليلية القلبية ، مسببا مرض التصلب الشرياني، الذي يؤهب لهجمات خناق الصدر والاحتشاء ! .. وهنا ومرة أخرى ، تتجلى لنا عظمة الإسلام ، وروعة تشريعاته ، ودقتها وصدقها ! . فالإسلام يحرص في تشريعاته ، على سنة قيام الليل والتأكيد عليها ، والترغيب فيها، وفي ذلك أحاديث كثيرة !! .. كما يحرص على أداء صلاة الصبح (في وقتها)، ويرهب من (تأخيرها )!! .. . وكل ذلك يقود (بشكل طبيعي ) إلى عدم إطالة النوم ، فوق الحد المعقول ، وإلى عدم زيادة ساعاته ، فوق الزمن المرغوب !.. كل ذلك بشكل متوازن لا إفراط فيه ولا تفريط ! .. فكما يرغب ، بقيام الليل ، ويفرض القيام لصلاة الصبح في وقتها !.. فإنه من جهة أخرى ، يرغب في النوم المبكر حتى يأخذ الجسم حقه ، وينال البدن حاجته !!..فكما أن النوم الكثير الطويل ، مؤذ .. فإن النوم القليل القصير ، مضر !! . فالدراسات تقول .. إن الأشخاص الذين ينامون في كل ليلة ، أقل من 4 ساعات أو أكثر من 10 ساعات ، يضعون بأيدهم نهاية أسرع لأعمارهم !.. حيث أنهم غالبا يعانون ، إما من القلق أو الأرق أو الاكتئاب النفسي ! .. ... وإذا كانت (فترة النوم الطبيعية التي يحتاج إليها الفرد السوي ، تراوح ما بين 5 10 ساعات . والمتوسط هو 7.5 ساعات لأغلب الناس) ، كما يقول العالم (وب) استاذ علم النفس في جامعة فلوريدا! ، فلا شك أن (نوعية النوم) هي أهم من عدد الساعات التي تقضى في الفراش ! .و(إن وسيلتك ،كما يقول (وب) ، لمعرفة ما إذا كنت قد حصلت على كفايتك من النوم . هي أن تراقب حالك عندما تستيقظ . فإذا شعرت بالانتعاش، والقدرة على مواجهة ما ينتظرك في يومك ، فمعنى هذا أنك حصلت على كفايتك )!! فمن يستيقظ نضرا ونشيطا ، لا يعود بحاجة إلى النوم .. ومن الخطأ الفادح البقاء في السرير، ومحاولة إرغام النفس على النوم ، مرة ثانية ، من أجل تحقيق عدد معين من الساعات، قرأ في كتاب أو مقال ! .. .. فإذا شعرت في الصباح .. بانتعاش وراحة ، وتفاؤل وأمل !!،، وغالبا ما يكون ذلك إذا كنت قد نمت باكرا ، وتأدبت بآداب النوم ،، فمعنى ذلك أنك قد حصلت على كفايتك من النوم ، وحصلت علىحاجتك من ساعاته !!. فقم من فراشك .. وانهض من سريرك !. فالرحلة انتهت على خير ما يرام .. وعدت منها بما تحب وترغب !!. فقم من فراشك (باكرا) .. وانهض من سريرك (مبكرا)!.. فالرحلة انتهت .. والقطار وصل ! .. .... وصارت الصلاة ..(خير من النوم )!! خير بداية بعد .. نهاية !!! ... (الصلاة خير من النوم ) تنبعث من المآذن رقيقة ندية .. عذبة حلوة!.. .. تشنف الآذان ، وتداعب القلوب !! . .. وخيوط الظلام تنسحب .. والنور يتسلل .. والفجر يولد .. ونهار جديد يبدأ !.. .. الروح تعود .. والأذان تسمع ... والعين تفتح .. واللسان يشكر ويحمد .. والقلب يذكر ويخشع !! والإنسان يقوم من فراشه ، وينهض من سريره .. يشارك الوجود في (مهرجان الولادة)!! ... ولادة يوم جديد .. ونهار جديد .. وأمل جديد ! .. ... العصافير تزقزق ، والطيور تشدو ! . الصبح يتنفس ، والفجر ينبلج ! الأرزاق توزع ، والعطايا تقسم .. والملائكة تشهد !! والإنسان يقوم .. ليأخذ حظه ! وينهض .. لينال عطاياه ! .. ... والإنسان يقوم مبكرا ، وينهض مبكرا .. ففي البكور .. بركة !! وفي البكور .. نشاط للجسم ، ونشاط للذهن ، وغذاء للروح ! .. فالدكتور (غوردن غلوبوس)، من جامعة كاليفورنيا ، أجرى دراسات على طلبة الجامعة انتهى منها إلى أن أولئك الذين ينامون ، حتى ساعة متقدمة من الصباح ، قد يستيقظون، وهم يشعرون بالتبلد والإرهاق والكآبة والصداع !.. وفي البكور .. استفادة مما خلق عليه الجسم ، ومما فطر عليه البدن ! .. فالأبحاث العلمية تثبت أن أعلى نسبة للكورتيزون في الدم ، هي وقت الصباح!..حيث تبلغ 7 22 ميكرو غرام 100 مل بلاسما . بينما تكون أخفض نسبة له في المساء، حيث تصبح أقل من 7 ميكروغرام 100 مل بلاسما !.. ومن المعروف أن الكورتيزون ، هو المادة السحرية ، التي تزيد فعاليات الجسم ، وتنشط استقلاباته ، بشكل عام ، وتزيد من نسبة السكر في الدم ..ومعلوم أن السكر يزود الجسم بالطاقة اللازمة له ! .. كما أن طبيب القلب السوفياتي في مدينة فلاديفو ستوك ، البروفيسور ليف غليين، يقول في حديث نشرته له صحيفة (ترود ): إن (الساعة السحرية ) للشغل والعمل ، تكون ما بين الخامسة صباحا والسادسة !. ففي هذه الساعة ، يكون الإنسان في أفضل حالاته وقواه !. حيث أن جسم الإنسان يعرف خلال الليل والنهار .. دورة (موجات )!.. تمر عبر خمس مراحل (عالية ) وخمس مراحل (منخفضة )! وإن أعلى موجة ، وهي الفضلى طبعا لكل أوجه النشاطات الإنسانية ، تقع ما بين الساعة الخامسة والساعة السادسة ، صباحا. .. وإن البروفيسور غليين ، تأكيدا لقوله ونظريته هذه ، يذكر : أن أصحاب الأعمار الطويلة هم من أولئك الذين يستيقظون باكرا ! .. كما أن أكثر وأغلب الولادات الطبيعية ، تحدث ما بين الخامسة والسادسة صباحا!! .. وإذا ما تذكرنا ، حرص التعاليم الإسلامية ، وتأكيدها على أداء صلاة الصبح في وقتها، والترهيب من تركها أو تأخيرها ،، وهذا ما يستلزم بالضرورة،حتما اليقظة في ساعات الصباح الباكرة ، والاستفادة منها ! ،، رأينا أن غليين هذا ، لم يأت بجديد في اكتشافه (الساعة السحرية )!!.. فقم من فراشك ، وانهض من سريرك .. واستفد من هذه (الساعة السحرية)! وإذا أردت أن تطبق نصائح (الهنود ) في (النهوض ) .. فلا بأس !!.. ففيها فائدة وتمرين!!. .. فبعد استيقاظك ، انتباهك من نومك . وبعد دعائك بقلب خاشع ، ولسان ذاكر!.. أجلس !! . أجلس رافعا جذعك إلى الأعلى .. وأثني بالتتابع ساعديك .. ومدهما (أي تمط) أفقيا وعاموديا .. ثم استلق ثانية .واثن ركبتيك إلى أقصى حد ممكن .. ثم أقذف الغطاء(اللحاف) بقدميك ، كما لو كنت تقذف الكرة ، إلى أبعد من الفراش ، ليتكشف الجسم كله ..وبعدها أمسك بالوسادة بكلتا يديك ، وأرفع بها إلى الأعلى مستويا في جلستك ، ثم اقذف بالوسادة إلى الأمام بعيدا عنك .. ثم استعد لمغادرة السرير ، بإخراج إحدى رجليك إلى جانب السرير ، وتركيزها فوق الأرض ، ثم اتبعها بالأخرى، وأنت جالس فوق السرير .. وانحني إلى الأمام إلى أن تلامس الأرض بيديك .. ثم استو بعد ذلك واقفا !! حتى إذا ما استويت واقفا ، فأمش إلى الحمام .. وأقض حاجتك ، إذا كان بك إليها حاجة !! وبعد ذلك أغسل يديك ، سواء ذهبت إلى الحمام أم لا !! فأنت لا تدري أين باتت يدك؟! .. فقد تكون أثناء النوم قد حككت بها قدمك ، أو أنفك .. أو ما بين فخذيك!.. فصارت وسخة ؛ غير نظيفة ! .. حتى إذا غسلت الأيدي ، ونظفت .. يباشر في حمام الصباح! .. ولا شيء أفضل للجسم من حمام ، جزئي أو كامل ، بعد النهوض من النوم !.. فيه تنبه الأعصاب فتنشط ! .. وتنشط الدورة الدموية ! .. وتتجدد حيوية الجسم !.. وتنفتح مسامات الجلد ! .. وينتعش الجسد !! ... ولنا في الوضوء ، أو الغسل ، أفضل حمام مائي يومي صباحي ! .. فالوضوء ، أو الغسل ، بأفعاله وفروضه وسننه .. ينظف البدن أيما نظافة ، ويفيده أيما إفادة، وينشطه أيما تنشيط !.. فالسواك والمضمضة .. يطهران الفم وينظفانه ، ويشدان اللثة ، ويفيدان في الوقاية من أمراض الأسنان وتقيحات اللثة ! .. والمضمضة تقوي عضلات الفم ، وتشدها !.. والاستنشاق والاستنثار .. ينبهان الدورة الدموية في أغشية الأنف المخاطية ،وينشطانها، فيفيدان في الوقاية من الزكام المتكرر ، كما يؤديان إلى تنظيف الأنف من المواد المخاطية الموجودة فيه ،وما تحمله من الغبار والأوساخ والجراثيم ! وغسل الوجه واليدين والساعدين والقدمين ، ومسح الرأس والأذنين .. كل ذلك يزيل الأقذار والأتربة والجراثيم التي تكون عالقة بهذه الأجزاء ، حيث أن هذه الأجزاء هي المكشوفة عادة من البدن ، وهي أكثر الأجزاء عرضة للتلوث ! .. كما أنه نتيجة للتدليك أو الدلك ، المطلوب في الوضوء .. تتنبه الأعصاب ، وتنشط الدورة الدموية ، وتجدد حيوية الجسم ، وتنفتح مسامات الجلد ،وينتعش الجسد!.. وبالإضافة إلى ذلك ! .. لما كان من السنة أيضا أن يشرب الإنسان من فضلة وضوءه (أي بعد أن يتوضأ).فإن هذا الشيء أيضا فيه الخير الكثير ! .. فالأطباء ينصحون الناس بأن يشربوا عند الاستيقاظ في الصباح الباكر كوبا من الماء القراح ، تزاد تدريجيا كل يوم إلى أن تصبح كوبين!.. لأن هذا الماء المشروب في الصباح ، والمعدة خالية ، سوف تمتصه الأمعاء بسرعة ، ويؤدي بالتاليي إلى در البول وإطراحه ، فيكون بمثابة (غسيل) للكليتين والحالبين والمثانة و الإحليل(أي الطرق البولية ) حيث يدفع هذا البول المطروح ، بأية رواسب من الأملاح، إلى الخارج ، وينقذ الإنسان من ترسيبها ، ويجنبه حدوث (البحصة) أو (الرمال)! ويبعد عنه شبح (المغص الكلوي ) الرهيب !!. وليس ذلك فحسب فكما غسلت الكليتان ، تغسل الأمعاء وتنظف ! . فتستثار (الحركات الحوية للأمعاء ) وتنشط ، فتنطرح الفضلات ، ويكافح الإمساك !.. ولعله من المعروف أن أول وصية يقولها الطبيب للمصاب بالامساك المزمن ،هو أن يشرب كأسا أو كأسين من الماء الزلال ، على الريق ، أي وقت النهوض من النوم ! .. وبعد ذلك ، تأتي (التمارين الصباحية )! .. لتحرك العضلات بعد طول استرخاء ، وتدور المفاصل بعد طول ثبات ! .. وتنشط الجسم بعد خمول ،و تحسن الدورة الدموية بعد بطء وركود !! .. ولنا في الصلاة المسنونة والمفروضة ، كل فوائد ما يسمونه (التمارين الصباحية السويدية)!.. فهذا الصلاة ، بما فيها من حركات مختلفة .. ما بين ركوع وسجود ..وقعود ووقوف .. ورفع يدين وإسبال .. هي تمرين صباحي رائع ! .. ففيها تتحرك المفاصل ، وتنشط العضلات ! وتتحسن الدورة الدموية ، ويزيد التنفس !.. وفيها ينال البدن ( ما يريد ) من تمارين ، ويعطى الجسد (ما يطلب ) من حركة ، ويمنح الجسم (ما يلزمه ) من نشاط .. من غير عنف ولا ضرر ! . .. فها هو المصلي ، وقد وقف بين يدي ربه ، يباعد بين قدميه قليلا .. فيسهل على الجسم حفظ توازنه ! .. ثم يرفع يديه مكبرا ، تكبيرة الإحرام ، فيحرك مفاصل الكتفين والمرفقين واليدين ، ويحرك عضلات العضدين والساعدين ، والكتفين ، وينشط (التنفس بقمة الرئة)! .. ثم يجعل يديه وساعديه ، مضمومتين إلى صدره أو أسفل قليلا .. فيعيد تحريك ما سبق تحريكه ، بشكل آخر !! .. ثم يعيد رفع اليدين مكبرا .. فيعيد تحريك ما تحرك ! . .. ثم يركع .. فيميل بجذعه إلى الأمام ، واضعا كفيه على ركبتيه ، فيحرك مفاصل العمود الفقري ، ويشد العضلات الظهرية ويقلص العضلات البطنية ، ويبسط مفصل الركبتين إلى آخره ،ويشد عضلات الفخذين والساقين ، ويقلص عضلات الرقبة الباسطة ، ويحرك مفاصل العمود الفقري الرقبي ! . ... ثم يرفع من ركوعه .. فيعاكس الحركات السابقة ، بحركات أخرى .. فتتحرك عضلات لم تتحرك في الركوع ، وتدور المفاصل في الاتجاه الثاني ، ويترافق ذلك بحركات لمفاصل وعضلات أخرى ، نتيجة لرفع اليدين مع التكبير !.. ونتيجة لحركة الركوع والرفع .. يتنشط التنفس ويتحسن ! .. .. ثم يهوي إلى السجود .. فيتدفق الدم ، إلى الرأس والدماغ ، وتتحرك عضلات ومفاصل الرقبة ، وتنعطف الركبتان وتتقلص عضلات الفخذين والساقين، كما تتحرك عضلات القدمين ، ومفاصل أصابع القدمين ،ومفصل عنق القدم ، وتتحرك مفاصل العمود الفقري ، وعضلات الظهر والبطن ، وتتحرك عضلات اليدين ، ومفاصل الرسغين والمرفقين والكتفين ، وعضلات الساعدين والعضدين !.. .. حتى إذا مارفع من السجود .. تتحرك مفاصل كثيرة وعضلات كثيرة ، في وضعيات معاكسة ! .. ويحصل فجأة انخفاض في الضغط الدموي داخل الأوعية الرأسية والدماغية، فبعد أن كانت محتقنة بالدماء ، عند السجود ، تفرغ فجأة عند الرفع من السجود!.. ولاشك أن تكرار حركة السجود والرفع منه ،يقود إلى تقوية جدر الأوعية الدموية الرأسية والدماغية ، حيث تكون ما بين ارتخاء وتوسع ، وتقبض وتضيق ، وكأنه تمرين لها! .. فتزداد مرونتها ، وتقوى جدرها !.. .. وما بين السجود والرفع منه .. تتحرك عضلات القدمين ومفاصلهما ، وتتحرك عضلات الساقين ، والفخذين ، والمفاصل ، تتحرك المفاصل الحوضية ، والعضلات الكبيرة التي تسيطر عليها ، وكل ذلك يكسبها القوة!.. وما بين السجود والرفع منه .. تنشط حركات التنفس ، بتنشيط عضلاته ،وتتحرك مفاصل القفص الصدري ، فيزيد عمل الرئة ، وتتحسن التهوية ، فيزداد الوارد من الأوكسجين إلى الدم ، ويزداد التخلص من الغاز الضار ، ثاني أوكسيد الكربون !.. ..وهكذا ! . مع كل حركة ، تتحرك مفاصل ، وتدور مفاصل ، وتتقلص عضلات ، وتسترخي عضلات!.. كل ذلك في حركات متوافقة ، متواقتة ، دونما عنف ولا ضرر ! .. حتى إذا ما جاء الجلوس للتشهد .. يكون مفصل الركبة في أشد وضعيات انعطافه، وتتقلص عضلات الفخذ ، وتمد عضلات أخرى ، فتشتد وتقوى ، وكذلك عضلات الساقين والقدمين ، كما تتحرك مفاصل عنق القدم ومفاصل أصابع القدمين ، وتشتد عضلات الظهر ، فتنصب الجذع على الحوض ، وتتحرك المفاصل الحرقفية الفخذية . .. حتى إذا ما كانت نهاية الصلاة والتسليم ، دار الرأس نحو اليمين ، ثم نحو اليسار،فتتحرك عضلات العنق وتقوى ، وتنشط ، .. وتدور مفاصل الرقبة فلا تتيبس !! وهكذا .. ،، وما ذكرناه هو اختصار وتبسيط ،، مع كل حركة ..تتحرك عضلة، وتتقلص عضلة ،وتشتد عضلة ! .. ومع كل حركة .. يدور مفصل ، ويعطف مفصل، وينبسط مفصل ! .. كل ذلك في حركات متوافقة متناسقة ،تعطي كل عضو حقه من الحركة ، وتمنح كل جهاز نصيبه من التنشيط !! فالقلب تنشط ، والدورة الدموية تحسنت ، والتنفس صار أفضل ، والمفاصل تحركت،والعضلات تقلصت ، وجدر الشرايين الدماغية مرنت ، والجسم روض على التأقلم مع الوضعيات المفاجئة ( من ركوع إلى رفع ، ومن سجود إلى قيام!) وهذا ما يحميه من التعرض لبعض الأعراض التي تصيب كثيرا من الناس ، كالدوار ،وزوغان البصر ، وتغيم الوعي العابر ، عند تبديل الوضعية الفجائي ! .. كل هذه الفوائد ، وكل تلك المنافع ، يحصل عليها بحركات لطيفة ناعمة ، لا ضرر فيها ولا أذى !! .. والأهم من هذه ،والأهم من تلك .. هو ذاك الأمان والاستقرار النفسي .. وذاك السمو الروحي !! فالروح تسمو وترتفع ... والنفس تصفو وتنشرح !.. فالعبد الضعيف يقف بين يدي الجبار القوي ... فيستمد القوة ، ويستمد العون !.. والعبد الذليل يقف بين يدي المتكبر المتعال .. فيستمد العزة ، ويستمد الاستعلاء ! والعبد الفقير يقف بين يدي الغني المالك .. فيستمد الغنى ، ويستمد (الاطمئنان )! و لنا في الذهاب إلى المسجد والرواح منه ، لاداء صلاة الفريضة ،كل فوائد ما يسمونه(المشي الصباحي)! فعند الفجر ، في ساعة الرواح إلى المسجد ، والذهاب إليه .. تكون أعلى نسبة لغاز الأوزن (O3) في الجو !وهذه النسبة تقل تدريجيا ، وتنقص تلك الكمية، حتى تضمحل عند طلوع الشمس ! .. وغاز الأوزن هذا ، له تأثير مفيد للجهاز المسيطر والمالك أي الجهاز العصبي !..كما أنه(أي غاز الأوزن ) منشط للعمل الفكري والعضلي على السواء !.. بحيث أنه يجعل ذروة نشاط الإنسان الفكرية والعضلية في وقت وجوده أي في الصباح الباكر قبل طلوع الشمس ! .. كما أن المشي رياضة معروفة الفائدة جيدا.. فهو يحرك كل عضلات الجسم ، وكل مفاصله .. وينشط كل أجهزته وأعضائه ، ولا سيما في أوقات الصباح الباكر!!.. حيث الجو المشبع (بغاز الأوزن ) المنشط . ... وحيث الجو (نظيف ) ! .. لم يتلوث بعد بدخان السيارات والمصانع (في المدن!)، وحيث الهواء المنعش والنسيم العليل !.. .. حيث لذة استنشاق ريح الصبا ! ،، أي نسيم الفجر ،،، ونشوته ، تسري في الكيان فتفعل فيه فعل السحر ! ..فتمنحه قوة في البدن من بعد ضعف ! ، ونشاطا في الذهن من بعد خمول ! ، وراحة في النفس ..وسموا في الروح !!. .. حيث الهدوء والسكينة ، والفجر المولود ، والصبح المتنفس ! .. حيث تسجد النفس إجلالا لقدرة الله ، وتحلق الروح في ملكوت المبدع ، ويركع العقل في محراب الإيمان ،ويخفق القلب بحب خالق (الأكوان )!! كل هذه الفوائد ، وكل تلك المنافع يحصل عليها بالذهاب إلى المسجد ،والمشي إليه ! والأهم من هذه ، والأهم من تلك .. (هو) ذلك الخير العظيم ، والأجر الكبير، والثواب الجزيل ! ... .. هو رفع الدرجات ، وتكفير السيئات ! .. هو المراتب العليا ، والمكافآت السخية ! .. هو أمن النفس ، واستقرار الروح ! وهكذا تبدأ (رحلة جديدة )! .. (رحلة النهار )! .. و(الزاد ) موجود !! .. هدوء في الأعصاب .. سكينة في النفس ... سمو في الروح .. نشاط في الجسم... حيوية في الجسد .. فاعلية في البدن ! وتشرق الشمس ! تشرق الشمس ، بروعة أخاذة ! .. قرص ذهبي ، يبدو شيئا فشيئا ، ويظهر رويدا رويدا ! . وأشعة ذهبية رائعة .. للأرض تصل ! . ونور وطاقة .. للحياة يمنح! . .. الحياة تدب ، والنشاط يبدأ ، والحيوية تولد !! والإنسان يتملى ، ويستفيد! الإنسان يتملى .. من منظر ، يأخذ بشغاف القلوب ، ويحرك الأحاسيس ، ويولد المشاعر!. (شمس تشرق .. نهار يولد .. حياة تبعث !) والإنسان يستفيد .. يستفيد من الأشعة فوق البنفسجية ، التي تكون أكبر ما يمكن عند الشروق !.. يستفيد منها في تحريض جلده ، على صنع الفيتامين (د) الضروري والهام !..الضروري من أجل متانة العظام وصلابتها .. والهام من أجل المحافظة على الهيكل الداعم ، والأساس الحامل (الهيكل العظمي ). ويستفيد من اللون الأحمر ، الذي يكون عليه لون أشعة الشمس عندما تشرق !.. يستفيد منه منبها للأعصاب ، وباعثا على اليقظة والحركة ، ومثيرا !.. فاللون الأحمر (مثير) !! . .. وتبدأ رحلة ! .. السمع ، لم يطرقه بعد ..ما يخدش أو يجرح ! والعين ، لم تر بعد .. ما يؤذي أو (يثير) !! ، ويثير هذه غير سابقتها !، واللسان ، لا يزال رطبا بذكر الله ، لم يجر عليه بعد قول (دنيا) أو (سباب)!! والقلب ، لم ينشغل بعد .. بمشاغل الدنيا ، وملاهيها ! والروح سامية .. والنفس ساكنة ... والفكر مطمئن ..والصدر رحب ! .. والجسد نشيط .. والجسم حيوي .. والبدن متيقظ !.. و.. (رحلة جديدة ) .. تبدأ ! رحلة .. كفاح وعمل ! . .. دأب وسعي ! .. خلافة وإعمار ! . .. رحلة نهار !!