الفصل الثامن(جزء أول) الطريق إلى.. النوم السعيد
وهكذا، وجدنا النوم.. ضرورة حياة! ففي النوم.. يستريح الجسم ويستجم! وفيه.. يستعيد أنبل أجزاء الجسم (الدماغ) حيويته، ونشاطه!. في النوم.. يرمم ما بلي!.. ويستريح ما تعب!.. ..يعوض ما صرف!.. ويزال ما تراكم! في النوم.. بناء وتجديد! جمال وشباب!.. (علاج) و(دواء)!. والحرمان من النوم.. فيه: تعب ونصب!.. فيه: تبلد إدراك وضعف ذاكرة!.. .. فيه: ضعف أعصاب ونحول عضلات!.. فيه: حرمان وخسران!.. .. فيه (هوس) و(هلوسة).. فيه: هلاك وفناء! .. فيه (جنون) و(موت)!. فإذا كان للنوم، كل هذه الأهمية.. وكل تلك الضرورة! فما السبيل إلى نوم جيد ؟ فما السبيل إلى نوم هنيء؟! وما الطريق إلى نوم صحي؟! وما الطريق إلى نوم عافية؟! نوم، فيه.. نحظى بفوائده، وهناءته، ومسراته.. .. ونبعد شبح الحرمان، ومأساته؟! ما السبيل إلى نوم فيه.. نستريح من بعد تعب!.. ونستجم من بعد عمل! ..وندخر من بعد صرف!.. ونبني من بعد هدم؟! .. ونبدأ الطريق.. بخطوة!.. ونفتح السبيل.. بنقلة!.. ونسير خطوة من بعد خطوة. ونقلة من بعد نقلة!.. حتى ننهي مسيرتنا.. ونقطع رحلتنا! نسير خطوة خطوة.. ونقلة نقلة.. .. حتى نصل إلى (الانزلاق) في النوم.. و(الوقوع) فيه! (انزلاق).. لا يضر!.. و(وقوع) يسر! (انزلاق) يفرح!.. و(وقوع) يثلج! طعام عشاء...معقول! وأول خطوة.. وأول نقلة.. تكون مع الطعام!.. .. طعام العشاء طبعا! فلا بد من طعام العشاء! فهو ضروري لنوم هنيء.. فلا تنم، عزيزي القارئ، وأنت جائع! فلقد دلت التجارب على أن الإنسان إذا نام وهو جائع، تحدث لديه تقلصات معدية.. ويكثر من الأحلام والكوابيس! ولو سجلت حركاته أثناء نومه هذا، لوجد أن حركات القلق والحيرة، تظهر أكثر ما تظهر، عندما تكون معدته في حالة الانكماش أو التقلص تلك!.. ولذلك ينصح الأطباء، بتناول العشاء، لإيقاف المعدة عن التقلص.. والتمتع بنوم هادئ! وأما هذا العشاء المتناول، فمن المستحسن أن يكون خفيفا، سهل الهضم،وخاليا من التوابل!.. كقليل من الحساء، أو الحليب الدافئ الساخن!..فهذا مما يساعد على النوم المريح، ويجلبه. ولتتجنب الأشربة المنبهة، كالقهوة والشاي وأمثالهما، ولا سيما بالنسبة للأولاد، وأيضا بالنسبة إلى كبار السن!.. فلقد دلت التجارب على أن الكافيين ( وهو المادة المنبهة الموجودة في القهوة، ولها شبيه في الشاي (الشايين ) ؛ هو أحد أسباب العامة للنوم المتقطع!.. فلقد بينت دراسات أجريت عام 1974م، على أشخاص في الخمسينات من أعمارهم، أعطوا الكافيين قبل ذهابهم للفراش،.. أنهم قد نالوا: فترة أقصر من الزمن الكلي المفروض للنوم!.. وازداد لديهم حجم النوم المقطع! وليكن، كما ذكرت الطعام خفيفا سهل الهضم!.. فالطعام الدسم أو الزائد عن الحد يسبب اضطراب الهضم، واضطراب النوم أيضا!.. كما أن النوم يعرقل أداء المعدة لعملها ويسبب بدوره اضطراب الهضم وليتجنب النوم بعد الأكل مباشرة!.. حيث ينصح أن يسبق العشاء النوم، بساعة ونصف الساعة أو ساعتين، فالنوم بعد الأكل مباشرة، يسبب: عسر الهضم، وكثرة الغازات، ويربي التخمة و(الكرش)، ويحدث الإمساك.. وهذه الأعراض تؤدي بدورها إلى سوء رائحة الفم والنفس (البخر )، وهي من الأمور المزعجة جدا والكريهة!.. كما يسبب أيضا تصلب الشرايين وتضيقها، لا سيما إذا كان الطعام دسما، وخاصة شرايين القلب، وما يقود ذلك إلى مرض القلب بنقص التروية!.. فلقد جاء في كتاب (هاريسون): (وتدل النماذج المأخوذة من أقطار متعددة، بأن المجتمعات ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي العالي التي تبنت الحياة الصناعية الغربية؛ أكثر إصابة بهذا المرض (أي مرض القلب بنقص التروية) من المجتمعات ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي المتدني. وأوضح فرقين بين هذين المجتمعين هما: زيادة كمية الدسم في الطعام، ونقص مقدار الجهد الفيزيائي في المجتمعات الغنية)! .. وهنا تبدو لنا عظمة التشريعات الإسلامية!.. فبالإضافة إلى حث التعاليم الإسلامية دائما، على إقلال مقدار الطعام المتناول بشكل لا يضر،،.. بل يفيد!! فبحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه! وما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه! بالإضافة إلى ذلك.. نجد أن الإسلام جاء بتعاليم وتشريعات مذهلة!..تضطر المسلم ألا ينام، قبل انقضاء ساعة أو ساعتين على الأقل، بعد طعامه!.. وبحيث تكون عملية الهضم قد انتهت أو أوشكت! ولا سيما في الطعام الخفيف! حيث إنه عادة، ما يتم تناول طعام العشاء (قبل ) صلاة العشاء!.. والنوم لا بد أن يكون (بعد) صلاة الوتر!.. وما بين (قبل) و(بعد) هذ ه.. تمضي دقائق، وأوقات!.. وتحدث حركات!! فوقت، وحركات.. للوضوء! ووقت، وحركة ونشاط. في الذهاب إلى المسجد، والرواح إليه! ووقت، وحركات.. في انتظار الصلاة، وأدائها! ووقت، وحركة وفعالية.. في العودة من المسجد، والمجيء منه! ووقت، وحركات.. في صلاة السنة،و صلاة الوتر! ووقت، في السهر مع الأهل.. قد يكون (حركات)! وكل ذلك... يشكل فرصة، ووقتا، لإذابة الطعام وهضمه!.. فلا ينام الإنسان عليه.. ولا يميل إلى الراحة بعده!.. بل..يتحرك، وينشط! .. فلا يصاب بأمراض القلب، وتصلب شرايينه وتضيقها، وما يقود ذلك إلى نقص تروية القلب ومرضه! ولا يصاب بتصلب وتضيق شرايين القلب والأعضاء الأخرى، فيتعرض لخطر الاحتشاء(الذبحة القلبية )، وارتفاع الضغط الشرياني، ومشكلاته، واحتشاءات ونزيف الدماغ! ولا يتعرض لحالات التهاب البنكرياس الحاد، الخطرة المميتة، والتي عادة ما تأتي بعد وجبة دسمة، لم يعقبها حركة.. بل، سكون ونوم! .. وليس ذلك فحسب! بل إنه بعادته هذه،، أن يجعل عشاءه قل (صلاته )، ونومه بعد (صلاته)!،، يكسب فائدة أخرى وهي أن وقت نومه، سيصبح منظما!.. بعد صلاة الوتر، عادة، بقليل!.. فيسعد ويسر! تنظيم وقت النوم: فالنوم في أوقات محددة، وتنظيم مواعيده، هو أيضا شيء هام،و هام جدا، في جلب النوم السعيد.. النوم الهنيء! .. وتلك ثاني خطوة.. وثاني نقلة! فالذهاب إلى الفراش، في أوقات محددة، يجعل النوم (عادة ) بمجرد أن يؤوي الإنسان إلى فراشه!.. بينما لو ذهب الإنسان إلى الفراش في أوقات مختلفة، لا تتشكل هذه (العادة)! ويصبح من الصعب جلب النوم، إلى الأبدان المتعبة، المحتاجة!.. .. ومرة أخرى، نلحظ تعاليم الإسلام المدهشة!.. التعاليم التي تحث على النوم مبكرا، وفي وقت (محدد) و(ثابت)! من كل ليلة.. عادة (بعد) صلاة العشاء بفترة! روى البخاري عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديث بعدها )!.. متفق عليه. النوم المبكر فالرسول صلى الله عليه وسلم: يكره الحديث بعد صلاة العشاء!.. إذن هو كراهية الجلوس والبقاء، في حالة، يقظة.. (لغير سبب ملح)! فلا بد من الإيواء إلى الفراش، والاستعداد للنوم!..(النوم المبكر)و(النوم المحدد الوقت)! فلا داعي للسهر!.. فالسهر.. مضر بالصحة، كما عرفنا، مرهق للأعصاب! .. قاتل لبركة البكور، مسبب لفوات صلاة الصبح! مسبب لارتخاء البدن عند الاستيقاظ، والنهوض! فلا داعي للسهر!.. بل، هو النوم المبكر، وفي وقت محدد! فالنوم المبكر.. أفضل وأفيد!.. ومن ينام مبكرا...يستيقظ مبكرا، ويقوم نشيطا! من ينام مبكرا! يعطى جسمه حقه من الراحة..وأعصابه فرصتها من الاسترخاء والاستجمام! .. فلا داعي للسهر!.. لا داعي له إلا.. إلا إذا كان لمحادثة زوجة، ومؤانسة، ومسامرة، و.. .. إلا إذا كان لتعليم ولد: علم ينتفع به!.. .. إلا إذا كان لإمتاع ضيف، وإكرامه!. فالسهر، لا داعي له!. لا داعي له، (إلا)!.. وإذا كانت هذه الـ(إلا) موجودة ولا بد، فلفترة لا تطول!، ولمدة محدودة لا تزيد! روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (رقدت في بيت ميمونة ليلة، كان النبي صلى الله عليه وسلم عندها، لأنظر: كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: فتحدث النبي صلى الله عليه وسلم ساعة، ثم رقد..) .. وتلك ثالث خطوة.. وثالث نقلة! إراحة النفس.. وهدوء الأعصاب فالسهر، لا داعي له!.. إذا لم توجد هذه الـ(إلا)! أما من يسهر لغير هذه الـ(إلا)! أما من يسهر ليستغيب هذا.. وينم عن ذاك! أما من يسهر.. ليناقش، و(يسفه)! أما من يسهر.. ليجلس أمام (الشاشة الصغيرة) يراقب (القبل الحميمة) و(المناظر المثيرة)! أما من يسهر..ليذهب إلى (المسرح) ويشاهد (ما يثير)..وما (يقلق)! أما من يسهر.. ليذهب إلى (دار الخيالة) السينما ليرى (المآسي) و(الدماء)!.. أو ليرى (الأجساد العارية) و(تثنيات) (ب.ب) أو (م.م)!!.. او ليرى ما (يوقف شعر الرأس)! مما أخرجه (ملك الرعب )! (ألفريد هتشكوك)!.. أما من يسهر ليقرأ قصصا (تثير) و(تشعل) مثل ما كتبه (البرتو مورافيا)!.. أو قصصا تخيف و(ترعب) مثل ما كتبته (آجاثا كريستي)! أما من يسهر.. ليدرس (نظرية النسبية لإينشتاين).. ويعرف (البعد الرابع)! وتقلص (الأبعاد) و(الزمن)! و(تمدد الكون)! و(تفجر الطاقة من الكتلة)!.. أما من يسهر.. ليغوص في أسرار الذرة، مع (بور) و(رذردفورد)!.. ويعرف (الميزون) و(البوزيترون)!.. ويعرف (السحابة الإلكترونية)و(احتمال وجود الإلكترون )! .. أما من يسهر من أجل واحدة مما سبق.. فلن ينال لذيذ المنام!.. .. فلن يحصل على النوم الهنيء.. النوم السعيد!.. لأن من شروط نيل النوم الطيب، نوم الهناء! .. الإمساك عن كل ما يثير!.. والابتعاد عن كل ما يهيج!.. وترك كل ما يفعل ( أي يسبب الانفعال).. .. وعلى الأقل، قبل ساعة أو ساعة ونصف من النوم أو الاستعداد له! فمن يرد النوم السعيد.. النوم الهنيء!.. فليمسك عن كل جهد عقلي.. وليبتعد عن كل ما يثير! فلا.. مناقشات حامية!.. وقد نهينا عن الجدل!! ولا.. قراءة لما يشوق.. أو يثير المشاعر.. أو يلهب الغرائز!.. وقد حرم علينا لهو الحديث.. وباطله، ومثيره. ولا.. مشاهدة لما (يقلق)، أو (يثير) أو (يلهب)!. فلا (سينما)، ولا (مسرح)، ولا (رائي )! وحتى الأطفال!.. فليمسكوا عن ألعابهم ذات الضوضاء!.. ويمنعوا عن عمل الوظائف البيتية!.. ولا تقص عليهم القصص الخرافية!... القصص المخيفة!.. التي تثير الخيال، والشعور!. فلا.. لهذا، وذاك! ولا.. لهذه، وتلك! .. من أمور (ترعب)، و(تثير)، و(تشعل).. و(تشغل)، و(تلهب )! .. بل هو.. الارتياح التام!.. وإراحة النفس!.. وهدوء الأعصاب!.. بل هو.. سكون الروح!.. وإراحة الضمير!.. وهذا ما تحققه، أشد تحقيق.. (الصلاة)! فالصلاة.. رباط الله، وصلة!.. رباط بمالك الملك!.. رباط بأعظم سند في الوجود!.. .. رباط بالخالق الكريم.. الخالق العظيم.. الخالق الرحيم!.. فتسكب الاطمئنان في النفوس.. وتنشر السكينة بين الجوانح!.. ويرفرف الأمن والأمان.. ويبعد اليأس والقنوط.. وتزداد القوة المعنوية!.. وتنتشي الروح.. ويستريح الضمير!.. وتجبأ النزوات الفائرة.. وتسكن النفس الثائرة.. وتستقر الروح الحائرة!.. (فيدخل ) النوم من باب.. (الراحة والهناء)!.. و(الصحة والعافية)! و(يدخل) الشخص، لملاقاته، والاندماج به! و(الوقوع فيه)!.. من باب (غرفة النوم)! وتلك كانت رابع خطوة..ورابع نقلة!.. وهذه الآن.? خامس خطوة.. وخامس نقلة!! غرفة النوم.. الجيدة (فغرفة النوم)، أو (مكانه) تتنوع بتنوع الأحياء!، وتنوع الإمكانيات! فالطير يتخذ لنفسه (عشا) في أغصان الشجر!.. والعصافير. تتخذ (أعشاشا) في أعلى النوافذ من الدور، للحجرات المهجورة!. والقطة تنتحي (مكانا قصيا) في البيت!.. والحيوان المتوحش، يحفر الأوكار، أو يختفي في الكهوف!.. كهف في أسفل جبل.. أو وكر بجوار نهر.. أو عش في أعلى الشجر!.. كل ذلك (غرفة نوم) أو (مكان نوم)!.. يصنع بدافع غريزي!.. دافع يهدف إلى حماية النفس، ساعة النوم، ومن المخاطر والخطر،.. بعيدا عن الأماكن المكشوفة، والأماكن المطروقة!.. والإنسان.. له قصة أخرى، وحكاية أخرى!.. (فغرفة النوم) عند أبناء الشوارع... واسعة، واسعة!...طرقات بأكملها! بجوار معبد.. تحت جسر.. داخل حديقة.. على شاطئ نهر.. لا يهم!.. فالشرط الوحيد، أن تكون بعيدة، عن أقدام المارة! و(غرفة النوم) عند الفقراء... على النمط (الأمريكي)!! فهي.. غرفة (السفرة) و(المطبخ) وغرفة (استقبال الضيوف) وغرفة (نوم الوالدين)، و(غرف) (نوم الأطفال )!.. ... كلها، متصلة مع بعضها!.. بل.. في (مكان واحد)!! و(غرف النوم) عند الأغنياء.. واسعة!.. فيها من البذخ والتكاليف، الشيء الكثير (المجهد)!.. وفيها من (القطع الأثرية) و(المنحوتات الفنية).. ما يجعلها، أشبه بالمتحف والمعرض! ولله في خلقه شؤون!! هذا يبعد أقدام أولاده.. حتى يجد مكانا يضع فيه رأسه! وذاك يشتري (تحفة) بمبلغ ضخم (ليملأ) بها، مكانا فارغا، مناسبا لها.. لتجلب له (النوم السعيد). ولكن (غرف النوم) التي تجلب (النوم السعيد).. (شروطها)، غير وجود (التحف)و(المنحوتات) و(الانتيكات)! فغرفة النوم، التي تجلب النوم السعيد، المهم فيها.. أن تكون بعيدة عن كل ضوضاء، إذا أمكن! أو على الأقل.. اختيار الغرفة الأقل ضجيجا، والأهدأ نسبيا! فالنوم في أماكن الضوضاء والضجيج، وإن كان من الممكن أن يحصل بالاعتياد،، مثل راكب القطار، ومثل البيوت المطلة على الشوارع المزدحمة،، إلا أنه لا يريح الجسم! أن تكون تهويتها جيدة حسنة well ventilated! فالجو الفاسد، خصوصا عندما يتحد مع الحرارة والملل، فإنه يشكل منوما قويا، ويجلب بسرعة فائقة، إغفاءة من النوع الرهيب!.. حيث يقف العقل عن العمل بضع دقائق، وينتهي إلى حالة من النسيان العميق!.. ولكن ذلك لا يريح!.. فلا يلبث المرء أن يستيقظ وهو يشعر بشيء من القلق، والاضطراب، والكآبة والظمأ. والأشخاص الذين ينامون في حجرات مكتظة، سيئة التهوية، غالبا ما يستيقظون في الصباح، وهم يشعرون بالاستثارة وعدم الهدوء!.. فالغرف السيئة التهوية، أو التي ليس لها نوافذ، لا تجلب الراحة، وتضر بالصحة!.. فليجدد الهواء في غرف النوم، ولتفتح نوافذها مدة النهار، وتغلق قبل وقوع رطوبة المساء في الفصول الباردة!.. وأما في الصيف، فلا مانع من استمرار فتح بعضها في الليل، بشرط أن لا يكون مجرى الهواء مارا على سرير النوم، ولا سيما بالنسبة للأطفال!.. حيث لا بد من التحفظ من الهواء البارد الرطب في كل زمان، ولا سيما مدة النوم، وبعد التعب، وعند وجود العرق! وأما التوهم الزائد من البرد، ودخوله، فلا مبرر له!.. لأن دخول الهواء البارد، أقل ضررا من التنفس في الهواء الفاسد!.. ولذلك يبقى من المفيد، وحتى في البلاد الباردة (اعتياد ) النوم في الغرفة، مع فتح نافذة، ولو كوة بسيطة تعمل على تجديد الهواء ونقاوته، مما يساعد بالتالي على جلب النوم المريح! أن تكون درجته حرارتها مناسبة!.. فمن المستحسن أن تكون درجة الحرارة من 17 18 مئوية.. ويمكن أن تنخفض إلى 16 أو 14 مئوية عند النوم، أو ترتفع إلى 20 مئوية، بل أكثر قليلا ولا تزيد!.. .. فالحرارة المرتفعة عند النوم، تثبط إمكانية حدوثه، بالإضافة إلى أنها ضارة!... فقد يعرق المرء في النوم، ويتبخر العرق في جو الغرفة، فتسوء رائحتها ولا سيما إذا كان الهواء محصورا فيها، وعند ذلك لا يشعر المرء متى أفاق بالراحة الحلوة، والنشاط المحمود!. فرائحة العرق، مزعجة كريهة!.. وإذا كانت رائحة عرقنا، وأجسامنا، تدفع بمئات من الحيوانات إلى الهروع إلى الحفر والخنادق،، حتى أنه في ولاية تكساس، يلجأ رعاة البقر إلى حماية أنفسهم أثناء النوم، من الحيات والأفاعي، إذا اضطرتهم الظروف إلى النوم في الخلاء، بأن يضعوا حبلا على الأرض يلتف في دائرة حولهم، بحيث ينامون هم في الوسط، طبعا، بحيث وعلى شرط، أن تكون هذه الحبال مشبعة برائحة عرق الإنسان، لأنه من المعروف أن الحيات والأفاعي تنفر من رائحة الإنسان، ولا تحب المرور فوق هذه الحبال!،، فكيف إذن، تفعل مع الإنسان الذي يشاركنا الغرفة ؟! .. وكما أن الحرارة المرتفعة..ضارة!.. فكذلك البرد والبرودة! فالبرد إذا لم يكن شديدا، فإنه يكون مانعا،للإغفاء، والنوم!.. وإذا كان شديدا، ودرجات الحرارة منخفضة جدا، فإنه يجلب النوم.. ولكنه نوم خطير..ففي القطبين الشمالي والجنوبي، وفي الأماكن الشديدة البرودة، كثيرا ما يفقد المرء حياته باستلقائه، في حالة من النعاس، اقتضاها برد قارس!.. فإذا وجدت، عزيزي القاريئ، في ظروف شديدة البرودة، فحاول بكل وسيلة ممكنة،أن تتغلب وتبعد النوم والنعاس الذي تشعر به!.. لأن الاستسلام له، معناه،نوم لا تعقبه يقظة!.. الاغتسال والوضوء وقبل أن يدخل الإنسان إلى (غرفة النوم)..يلزمه من أجل الحصول على نوم جيد..نوم سعيد هانئ.. أن يخلع كل ملابسه الخارجية، ملابس العمل!.. لأنها تكون محملة بالأتربة الجراثيم وغيرها، مما يعلق بها أثناء النهار،والتي لا يجوز أن يتلوث الفراش بها، ولا يجوز بحال، الرقاد في السرير فيها! وبعد ذلك.. يغسل وجهه ويديه ورجليه، وينظف أسنانه بفرجون الأسنان ومعجونه، مستعملا الماء الفاتر في ذلك، لا البارد.. فكل ذلك، مما يسهل النوم ويجوده!.. ومرة أخرى تبدو تشريعات الإسلام الخالدة.. هي الأنسب!.. فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم، يحث على الوضوء، قبل النوم!. يقول صلى الله عليه وسلم، للبراء بن عازب رضي الله عنه (إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة ) متفق عليه .. يحث عليه، حتى ولو كان الإنسان في حالة جنابة! فهو يحث على النظافة والطهارة قبل النوم، سواء بالغسل أو بالوضوء!. (روى مسلم عن عبد الله بن قيس قال: سألت عائشة رضي الله عنها، قلت: كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنابة. أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل؟.. قالت: كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام.قلت الحمد الله الذي جعل في الأمر سعة). ومعلوم أيضا، مكانة السواك، لتنظيف الأسنان!.. فالمسلم دائما يستاك، والرسول صلى الله عليه وسلم، لو لم يخف المشقة على أمته لأمرهم بالسواك لكل صلاة!..فالسواك مطهرة للفم، مرضاة للرب!! .. وتلك كانت سادس خطوة.. وسادس نقلة!.. ملابس النوم الفضاضة أما سابع خطوة..وسابع نقلة.. فهي.. تأتي بعد الوضوء أو (الغسل)!..ونظافة (السبيلين)!..و هي ارتداء، ملابس النوم، أو ما يسمى النيم، أو المنامة!.. وهذه الملابس يجب أن تكون متسعة غير مانعة للحركة، فضفاضة، تمنح النائم حرية استقلالا وكأنها غير موجودة!.. سابغة، مريحة، نظيفة، وحافظة لحرارة الجسم، مصنوعة من القماش الخفيف، وغير حابسة للهواء! وأما هذه (الملابس) لا سيما (النسائية)، والتي تسمى (ملابس نوم)!.. والتي تكشف أكثر بكثير مما تستر.. والتي تشف وتصف، حتى أنها تبدو (كالخيال)! لفرط رقتها!.. وهي مما يباع في الأسواق، ومما يعرض في واجهات (المحلات النسائية) بصورة يندى لها الجبين!، يراها (الرجال)!.. أما هذه (الملابس).. فهي (للإثارة).. وليس (للإراحة)!!. .. وهي (تطير) النوم من العيون إذا كان قد أتى!.. فكيف إذا لم يأت ؟!!،، .. وهكذا يدخل الإنسان (غرفة النوم).. نظيفا، طاهرا، متوضأ، (مرتاحا)!! يدخل، وقد استعد، لرحلة كل ليلة.. الرحلة التي اقترب موعدها، وأزف وقتها! فها قد بدأت، دلائلها، وآياتها!.. وأول آية.. وأول دليل.. هو التثاؤب!.. والتثاؤب.. .. هو تمهيد للنوم، وآية على الرغبة الدالة عليه، ولكنها ليست رغبة فيه.. بل رغبة في الصدوف عنه! فالتثاؤب، هو دليل على الصراع!.. الصراع الموجود بين النفس ومغالبتها للنوم، وبين الجسم وحاجته للنوم!، كما يفسره علماء النفس! وأما الأطباء، الذين يصفون ما يرون، ويحللون ما يشاهدون!..فالتثاؤب، عندهم، فعل من أفعال التنفس الذي يتم بطريقة رد الفعل! كغمض العين مثلا، إذا رأت شيئا سيصيبها!.. ..فعند الشخص المجهد المتعب، تبطئ الدورة الدموية، وقد يصبح التنفس سطحيا غير عميق، وهذا ما يؤدي بالتالي، إلى نقص كمية الأكسجين في الدم!..وعندما تبدأ معدلات الأكسجين الدموي في الهبوط، يحدث التثاؤب، وكأنه عمل من أعمال الدفاع!.. حيث أن أخذ النفس العميق المترافق والمصحوب، بتقلص عضلات كثيرة من عضلات الوجه، يؤدي إلى زيادة الأكسجين المستنشق، وتسهيل الدورة الدموية،مما يزيد بالتالي من كمية الأكسجين في الدم!.. ولذلك فهو مفيد للصحة، كما يقول الطبيب الباحث كالفن تشن. .. وقد يستطيع بعضهم أن يكبت التثاؤب أو يؤجله!.. ولكن ليس أكثر من فترة قصيرة.. حيث سرعان ما تلح عليه الحاجة إليه، فيصبحون أكثر تثاؤبا من ذي قبل!..وكل ذلك حتى يؤمن الجسم لنفسه حاجته من الأكسجين! .. ومن غرائبه تلك (العدوى النفسية) الموجودة فيه!.. فما أن يتثاءب شخص ما في مجلس، حتى تسري (العدوى التثاؤبية) إلى معظم الحاضرين!. ولعل ذلك يكون، بسبب الظروف البيئية المتماثلة، التي دعت الأول إلى التثاؤب، فدعت الثاني والثالث والرابع.. إلى التثاؤب أيضا!.. .. وبعض العلماء يعدون التثاؤب فرعا ونوعا من التمطي!.. والتمطي هو من الأفعال المنعكسة والتي لا علاقة للفكر والإرادة بها!.. حيث إنه - في الغالب- نتثاءب حين نتمطى!..ولا شك أن وظيفة التمطي هي تسهيل جريان الدم، وسريانه في العروق والجسم، ولا سيما وصوله إلى الدماغ!.. وطبعا هو الدم المحمل بالأوكسجين الضروري للحياة!.. فأثناء التمطي، قد تنقبض العضلات التي تدفع الدم إلى القلب، فتسهل جريان الدم، أو يحدث استنشاق كمية كبيرة من الهواء مع الشهيق، نتيجة لفاعلية عضلات القفص الصدري، وعضلات الشهيق، فيؤثر ذلك في الدورة الدموية، ويكسب الدم مزيدا من الأوكسجين، وبالتالي مزيدا من النشاط الدماغي!.. ولذلك فنحن نتمطى عندما نستيقظ، لبعث النشاط في الجسم، وزيادة الأوكسجين في الدم،وتنشيط الدورة الدموية!.. والتمطي هذا، مشاهد عند الحيوانات أيضا!.. ولا شك أنك ياعزيزي، قد راقبت أو شاهدت، قطة وهي تتثنى وتتمطى، عندما استيقظت من نومها، ونفت الكرى عن عيونها! .. بل إن امرؤ القيس، يجعل الليل وكأنه كائن يتمطى،وهو يصفه في معلقته: فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف أعجازا وناء بكلكل ألا أيها الليل الطويل ألا انجليبصبح وما الإصباح منك بأمثل! فالليل، ها هو قد (استيقظ)! وأخذ (يتمطى) ليدب النشاط فيه، فيحوله.. إلى (نهار) و(صبح )!! .. والإفراط في التثاؤب قد يكون دليلا على فقدان الدم المزمن، ونقص الأوكسجين في الدم!.. ولذلك يجب (الكشف) بدقة على من يعانون من التثاؤب الدائم والمستمر.. فقد يكون علامة على مرض موجود!.. .. إلا أنه (أي التثاؤب) عادة ما يكون بشكل ظاهرة مؤقتة، ناتجة عن القلق،والضجر،وفقدان الصبر!.. ولعل الكثيرين منا،قد لاحظوا ذلك وعرفوه، إذا ابتلاهم الله بشخص (ثقيل الدم)! وهو يظن نفسه (خفيف الظل)!.. فهو (يروي) (النكات) التي تستثير الشفقة، ولا تأتي بالضحك!.. وينفث دخينة، وراء أخرى، وهو مسرور،غاية السرور، يتابع أحاديثه (الشيقة)!.. التي تكرر الواحد، منها، عشرات المرات!!.. فكيف لا يبدأ التثاؤب، ومن يظن نفسه (أخف دما) من..(جحا) و(غوار) و(لويس) و(إسماعيل )!...موجود.. و(مسيطر على الجلسة)؟! ..على أن البعض قد يكون تثاؤبه (أثقل دما)!!.. من (صاحبنا) هذا.. ذو (النكات الباهتة )!! فقد يفتح فمه على آخره!.. حتى تستطيع أن ترى (الكهف الداخلي).. بمحتوياته، بتمامه وكماله!.. وقد يصدر أصواتا مزعجة، تشبه (؟)!، وإن أنكر الأصوات لصوت (...)!! .. وكل ذلك يزعج الآخرين، ويضايقهم، إلى درجة.. القرف!.. وكل ذلك يزعج الشخص المتثائب نفسه!.. بل يضره، ويؤذيه، ويؤلمه! فقد تدخل حشرة طائرة، كالذباب وغيره.. في هذا (الكهف) المفتوح، الذي لا يوجد عليه (بواب)!.. وتسبب ما تسبب! وقد تحدث حالات من خلع (المفصل الفكي الصدغي)، وهو المفصل الذي يتحرك الفك السفلي من خلاله! وكم شاهدت من حالات، كان منظرها.. يبعث على الأسى والخوف! ويثير الشفقة!. يأتي إليك المريض، بوصفك طبيبا، طالبا العون!.. العون السريع، بل الإسراع الملح!.ومظاهر القلق والخوف، تسيطر عليه!.. تقرأ ذلك، بنظرات عينيه اللهفى!.. وأهله من حوله في حالة ذعر وخوف! لقد تثاءب، وفتح فمه على آخره، دون أن يحاول، على الأقل، وضع يده على فمه، فحدث لديه خلع لهذا المفصل الفكي الصدغي، وبقي فمه، مفتوحا، لا يقدر على إغلاقه!.. هو منظر الفم المفتوح (المشوه)!.. إنها حالة صعبة، وصعبة جدا، لا يقدرها، إلا من رآها، أو حدثت له، لا سمح الله!.. استمع إلى هذا النص.. (يتميز الشكل النموذجي للخلع، بعدم إمكانية تحريك الفك، بشكل مفاجئ، عندما يكون الفم مفتوحا. هذه الحالة المفاجئة من عدم استطاعة الشخص تحريك فكه، يرافقها تشنج عضلي، للعضلة الصدغية، والجناحية الأنسية والماضغة، مع بروز الفك، وإن جميع المحاولات التي يبذلها المصاب لتحريك فكه أو غلقه تبوء بالفشل، فيصاب المريض بذعر شديد، وخاصة إذا كان ذلك يحدث له.. للمرة الأولى ). وإعادة هذا الخلع، تتطلب من الطبيب قوة، ومن المريض تحملا! وقد يحتاج الأمر، إلى تكرار محاولة (الرد) مرات، حتى يعاد الخلع إلى مكانه!..وبعد ذلك يتطلب الأمر من المريض، أن (يترفق ) كثيرا، في فتح فمه، حتى وهو يأكل!.. ولمدة ليست قصيرة، مخافة أن ينكس الخلع مرة أخرى! وإذا كنت أنسى حالات أخرى، فلا أستطيع أن أنسى منظر (العروس)، وهي فاغرة فاها، لا تستطيع له إغلاقا! ونظرات الهلع، والخوف، تشع من عينيها!.. وزوجها (العريس) أيضا! في عينيه، خوف وقلق،وفي حركاته،ارتباك، وشدة!! والأهل كلهم في دهشة!.. لا يدرون أي (عين) أصابت (عروسهم الجميلة)!! .. لقد تثاءبت (العروس) وفتحت فمها على آخره.. وحدث ما حدث!! ..حدث ما حدث لأنها، وغيرها، لم تراع آداب الإسلام في ذلك! حدث ما حدث، لأنها، وغيرها، لم تعلم ما هي تشريعات الإسلام، التي ما تركت صغيرة ولا كبيرة، إلا ذكرتها،وحددت ما يفعل فيها، وما يترك! .. فحتى التثاؤب، له آداب..و له طريقة!! من اتبع آدابه، لم يؤذ غيره.. ولم يؤذ نفسه! يقول صلى الله عليه وسلم (.. فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع)..من حديث رواه البخاري و يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا تثاءب أحدكم، فليمسك بيده على فمه..) من حديث رواه مسلم و يقول عليه أفضل السلام وأتم التسليم (.. إذا تثاءب أحدكم، فلا يقل:هاء، هاء..) من حديث رواه مسلم وأحمد والترمذي. ويقول أيضا عليه السلام: (إن الله عز وجل يكره رفع الصوت بالتثاؤب والعطاس) حديث رواه ابن السني. .. أنظر إلى هذه الآداب! ما أروعها.. وما أدقها!.. وما أعظمها! .. وكم تجنب من مناظر مؤذية!..وأضرار محتملة!.. وصلى الله عليك يا نبي الهدى.. ونبي الرحمة.. وهدية السماء إلى الأرض!. .. وازداد التثاؤب!.. وازداد تثاقل الأجفان!.. وازداد النعاس!.. لقد اقترب (قطار النوم) كثيرا.. ولم يبق له للوصول، إلا محطة أو محطتين!.. وها هو الجسد المتعب، يستلقي فوق (الفراش)!.. ويضع تحت الرأس منه (وسادة) ويتدثر (بغطاء ) وتلك ثامن، وتاسع، وعاشر خطوة!..وثامن، وتاسع، وعاشر نقلة!! موعد نشر الجزء الثاني من الفصل الثامن يوم السبت الأول من شهر جمادى الآخرة 1423هـ الموافق 10 أغسطس 2002م