لا تنتظر وجبة دسمة في الطائرة!!
اعتاد المسافرون بالطائرات على تناول وجبة شهية، سواء أكانت رحلات داخلية أم خارجية، وكانت لا تخلو رحلة من وجبة لذيذة طالما كانت هناك فترة كافية لتقديم الوجبة قبل نقطة الوصول، وكانت هذه الوجبة أحد حقوق المسافر التي ينتظرها ويطلبها، بل إن بعض شركات الطيران تطلب من الراكب تحديد الوجبة التي يرغب في تناولها إن كان لديه أعذار مرض أو ديانة. هذه الوجبات كانت ثمينة ليست في قيمتها الغذائية فقط، بل في تحسين الحالة النفسية للمسافر، فإن انتظار هذه الوجبة واستهلاكها والانتهاء منا يستغرق ساعة كاملة، مما يجعل الراكب لا يشعر بمرور الوقت، الذي يطول كثيرا عند بعض الركاب الذين يكرهون ركوب الطائرات. كما أن هذه الوجبة كانت تهم بعض الركاب المرضى الذين يحتاجون إلى وجبة طعام بين فترة وأخرى. القشة التي قصمت ظهر الجمل!! كانت أحداث شهر سبتمبر 2001م السبب الذي كانت تنتظره شركات الطيران لإلغاء وجبة الطعام التي كانت تقدم للمسافرين على متنها، فقد كانت شركات الطيران تفاخر كثيرا بوجباتها الفارهة والمنوعة والتي تقدمها لجميع ركابها، ولكن لتراكم الخسائر الكثيرة، وزيادة التكاليف في عمليات الصيانة وتغيير الطائرات إلى الأفضل والأكبر والأسرع، لم يعد هناك فائض ربحي يعود على أصحابها، لذا فقد كانت وجبة الطعام هي الفقرة الباقية التي يمكن أن تؤخذ وتعطل بدون إزعاج من المسافرين، أو بدون التعرض للأمن والسلامة في الطائرة أو للركاب، وهي وإن كانت حقا للمسافر إلا أنه حق مكتسب عرفا وليس نظاما، ويمكن أن يتنازل عنها، لذا فقد أعلنت كثير من شركات الطيران وبالذات الشركات الأمريكية عن توقف تقديم وجبات الطعام للرحلات الداخلية. الاتجاه العام !! لم تتوحد الأنظمة الخاصة بتقديم الأطعمة للركاب، فكل شركة لها طريقتها أو سياستها التي تتبعها، فهناك شركات تمتد فيها فترة الجوع إلى جميع الرحلات التي لا تزيد مدة السفر فيها على أربع ساعات، ولا تقدم الوجبات للدرجة السياحية إلا في الرحلات الطويلة التي تتجاوز أربع ساعات . وهناك شركات طيران أكثر رحمة بالركاب، حددت زمن الثلاث ساعات كزمن قياسي لتقديم وجبة الطعام للركاب. وهناك اتجاه أيضا إلى أن يكون تقديم الوجبة في أوقات الوجبات المعترف بها حسب العرف الدارج، لذا فإن الطيران بين الساعة السادسة صباحا والثامنة يقدم وجبة إفطار، وإذا كانت الرحلة تقع بين الساعة الثانية عشرة ظهرا إلى الواحدة فهذا موعد تقديم الغداء، والعشاء بين الساعة السادسة مساء إلى الثامنة، وما عدا هذه المواقيت لا يقدم سوى القهوة أو أي مشروبات باردة. تميز محدود للدرجة الأولى!! ولم يسلم ركاب الدرجة الأولى من شظف العيش وتخفيض ميزانية الوجبات وكرم الضيافة، فقد قررت الكثير من الشركات الأمريكية أن تكتفي بكوب القهوة للرحلات القصيرة والتي لا تزيد على ساعة ونصف الساعة، وتقدم الوجبة الشهية لما زاد عن ذلك من رحلات طويلة. وقد تتكرم بعض الشركات بتقديم سندوتشات خفيفة من البيض أو الجبن، وبعض المكسرات الخفيفة. المطاعم مغلقة: تدور حاليا أفكار عديدة حول حل هذه المشكلة، لأن بعض الركاب يحتاج إلى وجبة غذائية، وبعضهم يكون تحت علاج معين يتطلب وجبة طعام مرافقة لتناول الدواء، وحيث إن مطعم الطائرة قد أغلق فيجب تقديم البديل. ظهرت فكرة أن يحضر كل راكب طعامه معه، بمواصفات معينة، لكيلا يحتاج طاقم الطائرة إلى إضافة طاقم آخر معه ليقوم بأعباء ترتيب أو تسخين الطعام، لمن يرغب، أو تنظيف المقاعد بفرشاتها بعد وجبة يحضرها الراكب النهم معه. كما أن هناك نوعا من الأطعمة ذات الرائحة النفاذة التي قد تثير بعض الركاب المجاورين سواء غضبا أو قرفا أو شهية .. والفكرة الأكثر قبولا هي تقديم سندويشات خفيفة بنوعين من الجبن ومن اللحم البارد. كما أن فكرة المكسرات فكرة تلاقي التأييد الكبير والتنفيذ المستمر منذ سنوات. الأمل لا يزال باق: تتفاءل شركات الطيران بأن هذه المحنة مؤقتة ولن تستمر طويلا، فإن الأزمات المالية التي تعاني منها كانت السبب خلف كل هذا التوفير والتجويع، والشركات تنتظر انفراجا ما سواء بتخفيض أسعار الوقود أو بتحسين الطائرات لتقل فيها مصاريف الصيانة واستهلاك الوقود، وأن تتسع لركاب أكثر، كل ذلك سيزيد من ربحية شركات الطيران التي لا تجد وسيلة أفضل كدعاية لها من تقديم وجبة طعام فاخر لكل راكب، ولكل رحلة. فالوجبات أصبحت جزءا من طقوس السفر، فسفر ورحلة بالطائرة بدون مضيفة تسأل الراكب عما يختاره من قائمة الطعام، تعتبر رحلة ناقصة البهجة، ستسعى شركات الطيران لإعادتها كما كانت سابقا، ولن تسمح للركاب بأن يجعلوا الطائرات قاعة يتناولون فيها مأكولاتهم التي يحضرونها معهم وكأنهم في مدرسة.. ???