السياحة في السعودية.. ذلك النفط الدفين!!
يشغل قطاع السياحة أهمية متزايدة في الاقتصاد السعودي، ويعول عليه في تحفيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وتوليد المزيد من فرص العمل وتحسين وضع ميزان المدفوعات في السعودية. وقدرت نتائج المسوحات التي أجريت في هذا الإطار إنفاق السياح المحليين والدوليين داخل البلاد بحوالي خمسة وثلاثين مليار ريال، وبذلك فإن حجم مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2001 يبلغ 5.5? وهي نسبة تعادل مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي والبالغة 7.5?، وهو ما يدل على أهمية هذا القطاع حيث يأتي في المرتبة الثالثة بعد قطاعي النفط والصناعات التحويلية. وأشارت دراسة حديثة أعدتها الهيئة العليا للسياحة في السعودية أن حجم السياحة الداخلية والخارجية خلال العام الماضي بلغ حوالي عشرين مليون شخص توزعوا بين أداء مناسك الحج والعمرة، وقضاء الإجازات وزيارة الأصدقاء والأهل، وتنفيذ بعض الأعمال التجارية والحكومية والخاصة وتسويقها. ويبلغ إنفاق السياح المحليين حوالي 22.4 مليار ريال أي بنسبة 63?. أما إنفاق السياح الدوليين فوصل إلى 12.8 مليار ريال أي ما نسبته 37?. ويبلغ إنفاق السياح المحليين ما نسبته 10.5? من الاستهلاك النهائي الخاص كما يمثل الإنفاق على التسوق 32? من إنفاق السياح المحليين و40? من إنفاق السياح الدوليين. وأضافت الدراسة أن حجم السياح الذين يقصدون مختلف المناطق الدينية والأثرية والترفيهية وتنفيذ المشاريع المختلفة يتوزعون على 14.5 مليون من داخل السعودية و4.79 مليون من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية و1.51 مليون سائح أجنبي. وبذلك يصل عدد السياح من خارج السعودية حوالي 6.3 مليون زائر. يمثل الحجاج والمعتمرون ما نسبته 30? من السياح الداخليين و58? من السياح الإقليميين والدوليين. وتتصف حركة سياح السعودية من الداخل والخارج بتركزها في المنطقة الغربية حول الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث يتركز في المنطقة الغربية 59? من السياح الداخليين و55? من السياح الخارجيين. أما المنطقة الشرقية فإنها تشغل 22? من السياح الخارجيين وغالبا يكونون من دول مجلس التعاون الخليجي و8? من السياح الداخليين. أما المنطقة الجنوبية فإنها تستقطب 16? من السياح الداخليين الذين يزورون المنطقة خلال فصل الصيف و6? من السياح الخارجيين. وبحسب الإحصاءات فإن إنفاق السعوديين على السياحة الخارجية وحدها يبلغ نحو 6.7 مليار دولار سنويا، أي ما يعادل 25 مليار ريال تقريبا، وهو يمثل حوالي 5? من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وخلال سنوات الحج الخمس الماضية قدرت عوائد السعودية من مواسم الحج والعمرة وحدها حوالي ستة مليارات ريال سعودي. ورأت دراسة بحثية أجريت على حوالي 600 شخص داخل السعودية أن هناك 74? يخططون للسفر في كل موسم صيف داخل السعودية أو خارجها في مقابل 25? يفضلون عدم السفر. ويعتقد الخبراء أن هذه النسبة تعد الأعلى ليس بين دول الخليج العربي فحسب، إنما بين الدول العربية كافة. يبرر الذين لن يسافروا قرارهم هذا بسبب ارتفاع تكلفة السفر بنسبة 45? تليها الرغبة للسفر إلى دول أخرى بنسبة 30?، ثم السياحة داخل السعودية بنسبة 24?. وبالنسبة للذين يفضلون السفر بشكل منفرد فقد بلغت نسبتهم 18?. وتوضح الدراسة أنه فيما يتعلق بحجم إنفاق الأسر السعودية التي قررت السفر فقد ظهر أن 52? قرروا إنفاق مبالغ لا تقل عن عشرة آلاف ريال شهريا للسياحة الداخلية، مقابل 27? لمن يفضلون السياحة في الخارج. دور اقتصادي.. أما بالنسبة للدور الذي تقوم به السياحة في الاقتصاد الوطني، فقد بلغ مجموع عوائد النقد الأجنبي من النشاطات السياحية 14 مليار ريال تقريبا تتوزع بنسبة 36.6? من الحجاج و42.3? من المعتمرين و21? من تدفقات شركات الطيران. ويرتبط إسهام قطاع السياحة في الإيرادات الحكومية بشكل رئيسي بتلك التي يتم تحصيلها من الرسوم الجمركية على الواردات التي تقدر بـ785 مليون ريال العام الماضي، ويتوقع أن ينخفض هذا الإسهام مع انخفاض الرسوم الجمركية وتوحيدها مستقبلا (2004م). ولقد بلغ إنفاق السياح المحليين والدوليين أكثر من 35 مليار دولار، وهو ما رفع مساهمة قطاع السياحة إلى 5.5? من الناتج الإجمالي لعام 2001. وتوضح الدراسة أهمية الدور الذي يؤديه قطاع السياحة في دعم الاقتصاد الوطني بشكل عام، وشكلت عوائد سفر الحجاج والمعتمرين وبقية السياح الأجانب أهم مصادر النقد الأجنبي ووصلت إلى حوالي 14 مليون ريال بواقع 5 ملايين ريال من الحجاج و6 ملايين ريال من المعتمرين و2.5 مليون ريال عوائد شركات السياحة والسفر. وبالنسبة للآثار الاقتصادية للإنفاق السياحي للعام الماضي يمكن الخروج بالقراءات والاستنتاجات التالية: أولا: تبلغ قيمة مضاعف الإنفاق السياحي الكلي 45.1. ثانيا: تبلغ نسبة الطلب النهائي المحلي من إجمالي الإنفاق السياحي 74?، ويمثل الباقي 26? التسرب خارج الاقتصاد الوطني، وبذلك يقدر المضاعف الإنفاقي الفعلي بـ7.1. ثالثا: للإنفاق السياحي أثر اقتصادي مباشر يقدر بـ26 مليار ريال كمبيعات مباشرة وبـ6.6 ريال كدخل شخصي مباشر و18 مليار ريال بشكل قيمة مضافة، إضافة إلى أن قطاع السياحة يوفر حوالي 424 ألف فرصة عمل. رابعا: يولد المضاعف الإنفاقي الكلي الذي يأخذ في حسبانة الآثار الإنفاقية المباشرة وغير المباشرة 37.8 مليار ريال من المبيعات و8.1 مليار ريال من الدخل و26 مليار ريال من القيمة المضافة و1489 ألف فرصة عمل. خامسا: يبلغ مضاعف التوظيف في قطاع السياحة 1.15، ويعني ذلك أنه مقابل كل سبعة أفراد يعملون مباشرة في قطاع السياحة، تتولد فرصة عمل إضافية في الاقتصاد الوطني. ويبلغ مجموع عوائد النقد الأجنبي من النشاطات السياحية 14 مليار ريال تقريبا. أما بشأن اتجاهات السياح المحليين والدوليين فإن نتائج الدراسة تشير إلى أن أكثر من 75? ممن شملهم المسح قاموا برحلات سياحية لأكثر من يوم، وقد اختلفت أغراض الرحلات فجاءت الرحلات لأغراض قضاء الإجازة بنسبة كبيرة وصلت إلى 44?، يليها الحج والعمرة بنسبة 36.5? ثم السفر بغرض زيارة الأهل والأصدقاء بنسبة 19.5 ?. مجالات الاستثمار السياحي... تشمل هذه المجالات التسهيلات السياحية الأولية والخدمات السياحية المساندة، وأهمها: ـ التسهيلات السياحية الأولية: وتتضمن الاستثمار في المرافق السكنية السياحية (الفنادق، والشققق المفروشة) وتسهيلات المعارض والمؤتمرات ووكالات السياحة، والسفر، وخدمات المعلومات السياحية والإرشاد السياحي، وتسهيلات المطاعم، والتموينات. ـ خدمات الإقامة والسكن. ويشمل الاستثمار في هذا القطاع كلا من الفنادق والشقق المفروشة، وخلال الاثنتي عشرة سنة الماضية نما قطاع الفنادق بمعدلات مرتفعة، فقد ازداد العرض في عدد الغرف الفندقية من حوالي 23 ألفا عام 1409هـ إلى 195 ألف غرفة خلال العام الماضي، وكانت معظم الغرف الفندقية من الدرجتين الممتازة والأولى، وتتوزع الغرف الفندقية بين مناطق السعودية بنسبة 73? في منطقة مكة المكرمة وحدها، و8.6? في منطقة المدينة المنورة و7.5? في منطقة الرياض و10.6? في باقي مناطق السعودية. وقد أقام عدد من السلاسل الفندقية المحلية والعالمية خدمات للسكن في السعودية، وصنفت جميع تلك السلاسل ضمن فئات 4نجوم أو 5 نجوم، وتعمل هذه الفنادق في السعودية منذ أكثر من 15 عاما، وبلغ عدد غرفها 10.6 آلاف غرفة، تمثل حوالي 11? من الغرف الفندقية المعروضة بالسعودية. ويتصف الاستثمار الفندقي بكونه استثمارا محليا بالدرجة الأولى، أما الفنادق الدولية فتنظم نشاطاتها اتفاقيات الامتياز. ويقدر عدد المجمعات السكنية المفروشة في السعودية حوالي 569 مجمعا تتضمن حوالي 113.7 ألف وحدة سكنية ذات أحجام مختلفة، تتراوح غالبا بين غرفة إلى أربع غرف نوم في الوحدة السكنية. وتتوزع المجمعات السكنية حسب درجتها بنسبة 29? درجة أولى و37? درجة ثانية و34? درجة ثالثة، كما أنها تتوزع بصورة غير متساوية من الناحية الجغرافية في السعودية. ففي المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة هناك وفرة من الشقق المفروشة حيث بلغت حوالي 9920 وحدة، تمثل ما نسبته 72? من إجمالي العرض. تسهيلات المعارض والمؤتمرات: لا توجد تصنيفات أو معايير نوعية تطبق على تسهيلات المعارض والمؤتمرات ما عدا ما تتطلبه احتياجات الصحة والسلامة التي وصفتها إدارة الدفاع المدني ووزارة الصحة والبلديات. وكالات السياحة والسفر: بحسب الإحصاءات فإن هناك حوالي 1097 وكالة سفر كاملة في نهاية سنة 1421هـ، تتوزع معظمها في المدن الرئيسية وبالذات مكة المكرمة 390 وكالة، الرياض 352 وكالة، الشرقية 208 وكالات. وتتوزع البقية على مختلف مدن السعودية. تسهيلات المطاعم: تشير المعلومات المستقاة من وزارة التجارة إلى وجود حوالي 5470 مطعما في السعودية، أكثرها عددا في مكة المكرمة 2481 ثم في المنطقة الشرقية 889 والرياض 562 والمدينة المنورة 498 والبقية تتوزع على المناطق الأخرى. وقد أدى النمو السكاني السريع في السعودية المترافق مع التطور العمراني الكبير وتدفق العمالة الأجنبية إلى انتشار أنواع المطابخ والمطاعم المختلفة في السعودية بما فيها الشرق أوسطية والإفريقية والآسيوية والأوروبية والجنوب أمريكية. وبالإضافة إلى ذلك تسهم التسهيلات السياحية المساعدة بجعل مقاصد الوصول أكثر جاذبية، وتقدم البنية التحتية والدعم للنشاطات السياحية كالخدمات المصرفية والخدمات الطبية والعناية الصحية وغيرها. مقومات مشجعة للاستثمار السياحي في السعودية يرتبط مناخ الاستثمار السياحي في السعودية بعدة عوامل يمكن إجمالها في العناصر التالية: ـ الاستقرار السياحي والأمني: إذ تتمتع السعودية بنظام سياسي مستقر منذ توحيدها على يد المؤسسين قبل سبعين عاما، ويعد توفر البيئة السياسية المستقر من أهم عوامل جذب الاستثمارات كونه يشجع السياحة الداخلية ويشجع قدوم الزوار الدوليين للمملكة. ـ توافر الموارد الطبيعية: تعد السعودية أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي من حيث الموارد الطبيعية المتنوعة ومصادرها الغزيرة في الطاقة فهي غنية بالنفط والغاز والثروات المعدنية الأخرى، وتمتلك السعودية أكبر احتياطات مؤكدة من النفط في العالم والتي تقدر بـ360 مليار برميل يشكل حوالي 25? من احتياطات النفط العالمية، بالإضافة إلى ذلك تمتلك السعودية رابع احتياطي على مستوى العالم. ـ تطور البنى التحتية: تمتلك السعودية بنية تحتية متطورة تتمثل في شبكات الطرق والجسور والموانئ والمطارات والاتصالات. ـ حجم السوق: يعد اتساع حجم السوق وارتفاع القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع معدلات استهلاكهم من المؤشرات الإيجابية لوجود مناخ صحي للاستثمار في السعودية. ولا تتصف السوق السعودية فقط باتساعها، وإنما أيضا بقابليتها للنمو نتيجة التزايد السكاني السريع، ويؤدي اتساع السوق إلى تزايد الطلب على المنتجات المحلية والمستوردة. ومما يعزز دور اتساع السوق كعامل محفز للاستثمار استقرار أسعار الصرف في السعودية، وعدم وجود قيود على صرف العملات الأجنبية وتحويلها وتبادلها. ـ اليد العاملة المدربة: يوفر خريجو الجامعات والمعاهد للمستثمرين في السعودية اليد العاملة المتعلمة والمؤهلة للمشاركة في العمليات الإنتاجية، إضافة إلى ذلك يوجد بالسعودية حوالي 6.3 ملايين من الوافدين والذين يتميزون بالانخفا ض النسبي لتكلفة عنصر العمل في السعودية. ـ تطور النظام المصرفي: تتصف المصارف السعودية بأنها من أفضل المصارف الموجودة في المنطقة، وبعضها يندرج ضمن أفضل 200 مصرف في العالم، فالمصارف التجارية لديها أكثر من 1200 فرع في السعودية مجهز بأفضل التقنيات. معوقات الاستثمار السياحي هناك بعض العقبات التي تعترض نمو الاستثمار السياحي في السعودية أهمها غياب الشفافية فيما يتعلق بعدم وضوح اللوائح والأنظمة وعدم توافر البيانات والمعلومات الإحصائية وكفايتها، وهو ما يؤدي إلى ازدياد في مخاطر الاستثمار وتكاليفه. بالإضافة إلى ذلك وجود البيروقراطية حيث إن المعاملات الإدارية تحتاج إلى وقت طويل لإنهائها. وهناك أيضا معوقات سوقية كصعوبة استقدام العمالة الوافدة المدربة نتيجة اتباع سياسة الحصص في انتقاء العمالة بغض النظر عن المؤهلات والكفاءات، وينعكس أداء العمالة غير المؤهلة على طبيعة الخدمات السياحية التي تقدم للمستهلك، إضافة إلى تكاليف ارتفاع العمالة السعودية وتعقيدات العمل ونظام الإقامة.