فيضة الرعد رواية عن لا محدودية قدرة العقل الإنساني!!
??اسم الكتاب: فيضة الرعد اسم المؤلف: عبد الحفيظ الشمري الموزع : دار الكنوز الأدبية بيروت 2001م ??فيضة الرعد اسم للرواية، ويتبعها المؤلف بجملة (حاسة الفناء) ليضفي على هذه الرواية إضاءة تساعد القارئ على معرفة كنه هذه الرواية وفكرتها. رواية حديثة كتبها الكاتب السعودي، وستكون من الروايات الكلاسيكية العربية التي ستبقى كثيرا موضع دراسة، سواء في فكرها العميق، أو في لغتها السلسة الجميلة، أو في طريقة كتابتها وتقديمها للقارئ على مقاطع صغيرة مملوءة بإضاءات لامعة وكاشفة. الحكم المتناثرة: تتميز هذه الرواية بالكثير من العناوين التي تكون في أول الفصول أو التقسيمات الفنية للكتاب، وهي عناوين تحمل رسائل فلسفية وفكرية، لا يستطيع القارئ المرور عليها بدون التمعن فيها، وما تحمله من رسالة مثل أقواله التالية: الجبل الذي تراه يهتز من المؤكد أنه يوحي بحجم المعضلة! في الليل الماثل أمامنا؛ منا من يغلق عينيه ليعيش في ظلام ذاته! استمع إلى كلام المجنون المفوه.. ففي حديثه ما ينبئ عن قول حق يتجاهله العقلاء.. يمكننا قتل الحية .. لكن هل نستطيع قتل خوفنا منها؟ لا نشوة للكبرياء .. إذ هي زفرة حرى تجيش في صدور تعسة.. ما تراه من سراب هنا هو في الأصل ماء معذب معذور. القمة العالية والهاوية السحيقة لكليهما جاذبية نعجز أن نقاومها!! رسائل الرواية: ما هي فيضة الرعد؟ يقول الكاتب: فيضة الرعد قرية مكونة من عدة قرى قديمة، وتقوم على عظام موتاها الذين ذهبوا، وأفلوا في رحيل جماعي فاجع، ورثوا العديد من الإشكاليات والعقد القضائية الشائكة التي لا زالت في قلوب أهلها وعلى ألسنتهم. هذه الرواية تحمل أفكارا عديدة، وإن كانت تنقل صورة لحكاية قرية من قرى الجزيرة وما فيها من صراع بين الأقوياء والضعفاء، ولكن هناك عنصرا هاما جدا، وهو وجود امرأة كانت هي سيدة المجتمع ليس بقوتها ومالها، فهي لا تملكهما، وإنما بعقلها الراجح وإرادتها القوية، وكأن الكاتب يقول إن المواهب ليست وقفا على عالم الذكور، فهذه السيدة المدعوة بغزالة كانت في الحقيقة هي المرأة القوية والشجاعة ، والتي لم تجد من زوجها الفاشل والفاسد أي عون، بل كانت مشلولة الحركة بسببه. هموم المرأة: تتحدث هذه الرواية عن حياة امرأة تقدم على قرية فيض الرعد كزوجة وامرأة غريبة، ولكنها نشأت في بيت أبيها الحكيم الذي علمها الكثير من وسائل تبسيط الحياة، وكانت هذه المرأة تحمل هذا الفكر والنشاط والهمة كزوجة شابة، مقدمة على الحياة في بيئة جديدة. سعت إلى تبسيط الأمور المعقدة في القرية، وسعت إلى تنظيم حياتهم بما يساعدهم على تخفيف هموم ومشاكل الحياة، ولكنها تجد المقاومة من الرجال والنساء، فالرجال لهم أطماعهم، وهذه السيدة تعمل على نشر أفكار لا تعجب بعضهم، إذ أنها تفضحهم وتفضح مطامعهم، في مجتمع لا ينظر لها إلا كامرأة: خلقت لمجرد صغائر عابرة لا تتعدى النواحي الحسية المفرطة في دونيتها.. أو تلك الرغبة المفرطة في أن تكون مجرد امرأة تحبل وتلد ..ولم تخلق في عرفهم للأمور التي تسمو بالإنسان وتجعله في غمار حياة لا ينقصها شيء، بل على أقل تقدير تخرجه من دوامة اللاشيء. أما النساء فقد كن يحاربنها للغيرة، فهذه السيدة أشعلت نورا في القرية، جعلها حديث الرجال وموضع نقاشاتهم وأصبحوا يرددون أقوالها، وأفكارها مما أثار غضب النساء، اللاتي اعتدن على الانفراد بعقل وفكر الزوج. الرجال والنساء في الفيضة!! يقول الكاتب الرجال هنا كادحون لدرجة أن مهماتهم تدخل أحيانا في صلب مهام البهائم .. قل عنهم إنهم خيول أو ثيران أو حمر تدلج في مجاريها طوال اليوم بحثا عن اللقمة المعفرة بتراب الفيضة اللاهثة وراء بقائها .. فيما النساء كالنمل الأسود يكتنز كل شيء، ويثرن السخط فيمن يقول لهن شيئا يفيد الأبناء .. لا وقت لديهن . كفاح من أجل اللقمة ليذهب الفرح وساعات الصفاء والاستجمام إلى الفناء، حياة عزلاء آجلة تسوف أهلها الوعود البعيدة. رواية مشوقة: يبدأ الكاتب روايته بأسلوب مشوق ويأسر القارئ من أول جملة في الرواية حيث يبدأ الارتباط ببطلة الرواية (غزالة) وهي طريحة الفراش مشلولة. ولا يتعرف القارئ على أسباب شللها إلا في ثلث الرواية الأخيرة وسيصل إلى ذلك سريعا، فالرواية لن يتركها القارئ، وسيقلب صفحاتها متابعا للأحداث المأساوية والحزينة والمضحكة في حياة هذه القرية العجيبة. الرواية كما تقول جملة عرضية في أعلى الغلاف إنها الجزء الأول من ملحمة أظاليل طلح المنتهى.. ???