التقدم الصناعي الكوري يغطي على تناقضات المجتمع الكوري!!
??تناقضات المجتمع الكوري!! ??اسم الكتاب: جواز سفر كوريا اسم المؤلف: كيفين كيتنج تعريب: شويكار زكي ??الناشر: مجموعة النيل العربية ?? النظرة العامة للمجتمع الكوري أنه مجتمع عامل ونشيط، وأن هذا البلد هو رأس النمور الاقتصادية الآسيوية. وهذا البلد انتقل خلال سنوات قليلة من عالم الزراعة إلى عالم الصناعة. وفي التحليلات التاريخية والاقتصادية ينظر الى النموذج الكوري بأن إرادة الشعب والإدارة الجيدة له تحقق النجاح مهما كانت العوائق، ومهما كانت قوة الحروب الاقتصادية المناوئة له. فهذا المجتمع استطاع بأن يصنع اقتصادا فريدا في التاريخ سرعة ومنهجا، ففي عام 1961 كان متوسط دخل الفرد هو 62 دولارا، وأصبح في نهاية القرن 11 ألف دولار، وكان هذا النجاح الاقتصادي نتيجة الثورة الصناعية في كوريا. هذا هو الوجه اللامع والصورة المكبرة للوضع في كوريا، ولكن كتاب (جواز سفر كوريا) يتحدث بعمق عن الوضع الاجتماعي والفكري للمجتمع الكوري، ويقدم للقارئ صورة قد لا تكون مغايرة كثيرا، ولكنها أقل بريقا مما نشاهدها على وسائل الإعلام الموجه. الكبت القديم ينفجر: يقول الكتاب إن كوريا تدين بالكنفوشيوسية، وهذه التعاليم تستدعي الطاعة المطلقة للسلطة وللتقاليد، كما يتبع الكوريون أيضا تعاليم تدعي بالهان والكيبون، وهذه التعاليم تساعد على إطلاق الطاقات والإحباطات المكتومة التي تتكون داخل النفس البشرية تحت ظروف القهر والمصاعب الشديدة. وقد واجه الكوريون من خلفيات مختلفة أنواعا عديدة من الهان، بعضها نبع من الاحتلال الأجنبي أو الجمود الاجتماعي، كما عانى البعض من التفرقة الجنسية ومازال هناك البعض الآخر يعانون من فقر مدقع، ولم يحظ الكوريون الجنوبيون على حريتهم في تقرير مصيرهم إلا في التاريخ الحديث، وهذه الحرية ساعدت على إطلاق الكثير من الطاقات المكبوتة .. وأصبح الجيل الجديد لا يتردد في الدفاع عن حقه ومناقشة تعاليم وتقاليد الأولين، ولا يجد غضاضة في الانفكاك منها ولكن بأسلوب دبلوماسي. وهذا التمرد على الأصول والتقاليد والدين يسبب إشكالا وتناقضات في الفكر والتصرفات بين جيلين لا يزالا يعيشان معا. مفاهيم متناقضة: يقول الكتاب إن هناك أقوالا شائعة تدعي أن الكوريين لا يصرحون مطلقا بما يعنونه في الحقيقة، ولا يمكن الثقة بهم، وخاصة في مجال الأعمال، ويرد الكتاب على هذه التهمة، بأن من المعروف في كوريا أن الأسلوب المباشر ليس من الصفات المحببة في معظم الثقافات الآسيوية، وهو يقول إن الأمانة الكاملة والصدق التام قد يؤدي الى الصراعات، والصراع العلني يجب تجنبه. وعلى سبيل المثال، بدلا من الرفض الصريح لدعوة ما أو طلب أو اقتراح مشروع تجاري، قد يراوغ الكوريون، وبالتالي يخلقون تعبيرا مزيفا، ولكنه مزيف بالنسبة لمن لم يتعلموا قراءة المكر والخبث الثقافي الممزوج بالرقة واللطف. تفرقة واضحة: يشكو المجتمع الكوري من وجود تفرقة إقليمية في الحياة العملية، حيث إن أبناء بعض المقاطعات هم الذين يفضلون على غيرهم في الكثير من الأعمال الحكومية، ويذكر الكتاب وجود بعض التحيزات المحلية القائمة على الاختلافات الإقليمية والمكانة الاجتماعية، حيث إن أبناء الوجهاء والأغنياء لهم الأفضلية في تولي المراكز المقدرة. ويقول الكاتب وتنبع هذه الكراهية من التباين في المكانة الاجتماعية أكثر من الصراعات الإقليمية، فالمتعلمون من الطبقة العليا يستطيعون الوصول إلى المناصب والسلطة والثراء، بينما الأقل تعليما يقتصرون على العمل اليدوي الذي يحمل في طياته وصمة عار اجتماعية. ويتشكل المجتمع الكوري منذ عدة قرون على أساس أربع تقسيمات اجتماعية وعملية من القمة إلى القاع، فهناك الطبقة العليا سواء في الشركات أو في الحكومة، وتليها الطبقة المتوسطة العليا، ثم الطبقة المتوسطة ثم الطبقة الدنيا. وغالبا ما يحذر أفراد الطبقة العليا من التعامل مع الطبقة الدنيا خوفا من خدش صورتهم النقية، لذا فإن كل موظف جديد يجب أن يعرف موقعه من هذا الهرم الوظيفي والاجتماعي لكيلا يسبب أي إحراج له وللآخرين. وبهذا يضع الحدود الواضحة لمن يعمل معهم وكيف يتعامل معهم. روتين عائق: على الرغم من نجاح كوريا الجنوبية في تلميع صورتها الصناعية والتجارية العالمية، مما يوحي بوجود أنظمة ميسرة ومسهلة للقيام بالمشاريع الهامة الحيوية، إلا أن الكتاب يشير إلى ظاهرة تتناقض مع الواقع الحالي، فالكتاب يشير إلى نوع من البيروقراطية العقيمة والمتفشية في الأنظمة الكورية: تمارس الحكومة دائما سيطرتها من خلال مزيج من القوانين القائمة منذ زمن بعيد ..في فرض القيود على الواردات والصادرات، أو رفض وتأخير طلبات التراخيص أو رفض تجديد الفيزات أو وقف دفع ثمن السلع أو الخدمات ويضيف الكتاب أن عدد الوثائق المطلوبة للموافقة على مشروع ما يمكن أن تزيد عشر مرات عن مثيلتها في الغرب، وحتى عند الانتهاء من كل هذه المستندات فليس هناك ما يضمن أن الطريق أصبح مفتوحا للبدء في المشروع.. العلاقات أساس النجاح !! ظاهرة أخرى يتكلم عنها هذا الكتاب وهي ظاهرة أهمية العلاقات، فلا يتم تقديم مشروع أو فكرة إلى الشخص المعني مباشرة، بل لا بد من وجود طرف ثالث ليكون هو وسيلة التقديم، فالشك جزء من مكونات الشخصية الكورية، لذا فإن إنشاء علاقة مباشرة أمر صعب، ولا بد من وجود تسلسل علاقات، ويذكر المؤلف أن هذا النظام العنكبوتي هو من أساسيات العمل والنجاح في كوريا فكل شخص كوري في مجال الأعمال أو في الحكومة لديه شبكة من زملاء الدراسة أو الأصدقاء الذين يلتزمون بمساعدة بعضهم البعض، والدخول في مثل هذه الشبكة حيوي للغاية لكل من يريد التقدم في أعماله. ويقول الكتاب أيضا إن العلاقة المباشرة مع رئيس الشركة أو المصلحة لا تكفي للنجاح لأن الإدارة الدنيا تستطيع أن تعيق أي نجاح وتوقف أي مشروع ليست راضية عنه، حتى ولو كان الرئيس يطلب ذلك. ???