حــــوار الأجيال بشأن التونة

(جيـــــل 1) التونة كانت بالنسبة لجيلنا طعام العمال، ولحم الفقراء، وسلوى الأطفال: الضاحية الجديدة التي كانت تبنى على عجل كانت تعج بالعمال الجائعين الذين يتجمعون عند الظهيرة، وقد بلغ الجوع مداه فلا يجدون غير التونة طبقا يعده لهم صاحب الصندقة الذي كان يقوم بدور السوبر ماركت، ثم بدور المطعم المتنقل.. كان العمال الفقراء يغمسون أيديهم وأفواههم بالتونة المطبوخة على عجل في مشهد لا يفارق ذاكرة الطفل الذي كان يحب التونة، ولا يبالي إن كانت طعام الأثرياء أم أنها زاد الفقراء. (جيـــــل 2) جيلنا عرف التونة بعد أن خرج إلى مجتمعات أخرى، واكتشف التونة في أشكال جديدة: مرة سلطة.. وطبقا فاخرا مرة أخرى..، وخلطة في طبق ثالث.. وحشوا في أحيان كثيرة. المثير في الموضوع أن التونة لم تعد رخيصة أو ترتبط بالمعوزين.. والتونة لم تعد سمكا صغيرا أو هامشيا بعد أن اكتشفت كما اكتشف جيلي أن أنواعا فاخرة منها تعد من أكثر اللحوم فائدة وأغلاها سعرا. تنوع في الوصفات.. وارتفاع في النظرة.. هكذا صار حال التونة مع جيلنا. (جيـــــل 3) ابتعث ابني لليابان في دورة دراسية.. رجع وقد أخذت بعقله سمكات التونة الفاخرة.. حدثنا كيف نزل إلى سوق الأسماك في طوكيو حيث التونة ملك السوق..وسعر الكيلو من سمك التونة الفاخر الذي يباع كشرائح عريضة يتجاوز المئة دولار.. حدثنا كيف تستورد اليابان أفخر أنواع التونة من العالم.. يبقون أطيبه وأفخره للمطاعم اليابانية التي تقدم الشوسي الفاخر بينما يتم تعليب الباقي، لا سيما الأنواع الرخيصة إلى موائد العالم وأسواق الفقراء.. اكتشفت متأخرا أننا متخلفون حتى في مجال التونة!!