حلول علمية لمشكلة الأنيميا وتأخر النمو..حديد وزنك في الأطعمة والمشروبات!

ما زالت الأنيميا تمثل مشكلة صحية كبيرة لدى قطاع عريض من الناس في مختلف دول العالم، بما في ذلك الدول المتقدمة، وذلك نتيجة لعدم حصول المريض على احتياجاته الضرورية من العناصر الغذائية الأساسية. إن مشكلة الأنيميا تتلخص في أن المريض لا يحصل على كمية من الحديد تعنى باحتياجاته الفسيولوجية، ونتيجة لذلك فإنه يعاني نقص مركب الهيموجلوبين في الدم، وهذا المركب هو المسؤول عن نقل الأكسجين من الرئة إلى أنسجة الجسم المختلفة بما في ذلك مخ الإنسان. ونتيجة لذلك فإن المريض عادة ما يشعر بالكسل وعدم القدرة على التركيز والشعور بالتعب عند بذل أي مجهود. وبالطبع يؤثر ذلك على إنتاجيته سواء كان هذا الفرد عاملا أو فلاحا أو طالبا وهو ما يؤثر في النهاية في الاقتصاد القومي. أما تأخر النمو عند الأطفال فأسبابه متعددة، ومن هذه الأسباب نقص عنصر الزنك في الطعام. وتأخر النمو يؤدي إلى ظهور أجيال من الأفراد تعاني نقصا في الوزن، وكذلك في مقاييس الجسم المختلفة، وهذا يؤثر بالتالي في أداء هؤلاء الأفراد ولياقتهم الصحية والعقلية. علاج المشكلة لذلك كان من الضروري وضع برامج ترتكز على محاور عدة لعلاج هذه المشكلة. فقد تم وضع ثلاثة محاور رئيسة لعلاج هذه المشكلات الصحية تهدف إلى توفير عناصر الحديد والزنك في الطعام مع زيادة الإتاحة الحيوية لهذه العناصر أي زيادة نسبة الاستفادة منها. وهذه العناصر ترتكز على زيادة محتوى النبات من خلال نظم زراعة عضوية نظيفة تضمن إنتاج محصول وفير في محتواه من عناصر الحديد والزنك. فضلا عن إنتاج مشروبات وحلوى للأطفال مفرزة لعناصر الحديد والزنك تساهم في سد الاحتياجات الغذائية من عناصر الحديد والزنك سواء عند البالغين أو الأطفال. وفي محاولة لاختبار تأثير بعض المشروبات المنزلية المألوفة مثل النعناع واليانسون والكركديه والحلبة وغيرها على امتصاص عنصر الحديد، قمنا بإجراء دراسة أظهرت أن مشروبات اليانسون والنعناع تساعد على امتصاص عنصر الحديد بطريقة أفضل، وهو ما ينطبق على الزنك وغيره من المعادن الأخرى. وقد عملنا على توظيف هذه النتائج من خلال عمل جرعة حديد وزنك مناسبة وتحميلها على مشروب النعناع واليانسون، حيث راعينا أن تكون الجرعة ذائبة تماما وألا تؤثر في أي من صفات المشروب المحمل بهذه الجرعة، حيث تم عمل جميع الاختبارات الحسية للمشروبات المعززة للتأكد من قابلية المستهلك، وأكدت الدراسة نجاح المشروب من ناحية المواصفات والقبول من المجموعة المتطوعة التي أجريت عليها الدراسة. وتواصل البرنامج وأجريت التجارب الخاصة بتقويم المشروبات والبونبون على المتطوعين، إما من البالغين في حالة المشروبات وإما على الأطفال في حالة البونبون. أما بالنسبة للمشروبات فقد أجري التقويم على عدد 55 متطوعا من الجنسين تم اختيار 35 حالة منهم تناسب الدراسة من حيث أنهم يعانون الأنيميا بدرجات متفاوتة. وتم إعطاء كل من هؤلاء المتطوعين عبوتين من المشروب يوميا تكفي بسداد حوالي 50? من الاحتياجات اليومية واستمر هذا النظام لمدة 4 أسابيع. وقد أثبتت التحاليل التي أجريت لهؤلاء المتطوعين قبل برنامج تناول المشروب وبعده حدوث تحسن واضح في مستوى الهيموجلوبين في الدم بلغ مقداره 8.6? وهذا يؤكد أن المشروب قد نجح في تحقيق الهدف منه وهو علاج نقص الهيموجلوبين في الدم والرجوع بالمستوى إلى المعدل الطبيعي في معظم الحالات. وبذلك تتأكد صلاحية المشروب لتحسين صورة الدم ورفع مستوى الحديد والزنك في المصل إلى المعدلات الطبيعية، وبالتالي فهو متناسب للوقاية من الإصابة بنقص هذه العناصر الدقيقة، وقادر على تعويض النقص في هذه العناصر في الطعام المأكول. وأوضحت النتائج التي أجريت لتقويم البونبون على الأطفال أن هناك قبولا ملحوظا بهذه الصورة أكثر من الطرق التقليدية في صورة دواء قد يرفض الطفل تناوله. كما أن هذا الأسلوب يتيح الوقاية من نقص هذه العناصر وبذلك نتحاشى إصابة الأطفال بالأمراض الناتجة عن نقص الحديد أو الزنك. لقد حقق هذا الأسلوب تحسنا في نسبة الهيموجلوبين بلغت 17.9? من القيمة قبل العلاج، وذلك لفترة أربعة أسابيع بمعدل ثلاث قطع يوميا تبلغ حوالي قدر الاحتياجات اليومية للطفل في اليوم. وبناء على ما تقدم فإن هذا البونبون المعزز بالحديد والزنك يمكن أن يسهم بطريقة فعالة في الحماية من الأمراض الناتجة عن نقص الحديد والزنك وأيضا في علاج هذه الأمراض. تأثير الطهي على محتوى الأغذية أما المحور الثالث من الدراسة فكان يهدف إلى التعرف على تأثير طرق الطهي على محتوى الأغذية المختلفة من عناصر الحديد والزنك، حيث تم تحديد طرق معاملات الطهي بالنقع في الماء والغلي ثم المعاملة بالبخار. وقد أوضحت النتائج المتحصل عليها إلى الآن بالنسبة لبعض الأغذية مثل اللوبيا والفاصوليا والترمس والفول البلدي والعدس والحمص والأرز والقمح ما يلي: ـ كانت عملية الغلي ذات فاعلية كبيرة في إحداث فاقد ملحوظ في مستوى عنصري الحديد والزنك في هذه الأغذية، في حين كانت عملية الطهي بالبخار أفضل من حيث الحفاظ على مستوى هذه العناصر في الطعام. ـ عمليات النقع مهمة جدا للفول البلدي والأرز للتخلص من مركب الفينيك، كما أن الغلي أيضا يساعد في هذا الاتجاه. ـ المعاملة بالبخار هي الأفضل لكل الحبوب والبقول التي أجريت عليها الدراسة، حيث إنها تؤدي إلى تكسير هذا المركب الذي يؤثر سلبا في امتصاص عنصري الحديد والزنك. الملاحظات نفسها تنطبق على مركب حمض التانيك، وبذلك تكون عملية النقع أو الغلي وخصوصا الطهي بالبخار ذات فائدة كبيرة في تكسير مركبات الفينيك والتانيك التي تؤدي إلى عدم الاستفادة من المعادن مثل الحديد والزنك. وتوضح النتائج أن عملية السلق لأنواع معينة من الخضراوات مثل القرنبيط والسبانخ والطماطم والفلفل الرومي والكرنب تتسبب في فاقد ملحوظ في محتواها من العناصر المعدنية، أما عملية الطهي بالبخار فهي أفضل من حيث أنها تحافظ على المعادن إلى حد ما وبذلك تزداد الإتاحة الحيوية للمعادن المذكورة وخصوصا الحديد. ويتضح أيضا أهمية الاحتفاظ بماء السلق. كما يتضح أن السبانخ هي الأفضل من حيث احتواؤها على كمية كبيرة من الحديد والزنك وكمية كبيرة أيضا من التانين ونسبة ليست كبيرة من فيتامين ج والمحصلة المتوقعة هي تواضع الإتاحة الأحيائية لهذه العناصر من هذا المصدر. وتحتوي السبانخ على نسبة جيدة من البيتاكاروتين وهو ما يساهم في قدرة الجسم على الاستفادة من الحديد والزنك في هذا المصدر لبناء مادة الهيموجلوبين. ويحتوي الفلفل الرومي على نسبة لا بأس بها من الحديد والزنك إلا أنه يحتوي على نسبة كبيرة من فيتامين ج وهو ما يساهم في زيادة الإتاحة الأحيائية لهذه المعاملة وبالتالي يكون الممتص منها أكثر. أما الطماطم فتحتوي على نسبة كبيرة من البيتاكاروتين، وبالتالي فهي مناسبة حيث إمكانية مساهمة فيتامين أ في جعل مخزون المعادن متاحا للاستخدام في عمليات التمثيل الغذائي داخل الجسم. أما الخبز البلدي فيحتوي على أعلى قيمة من عنصري الحديد والزنك بين أنواع الخبز المختلفة، إلا أنه يحتوي أيضا على نسبة عالية من مركبات التانين والفيتات. بذلك يكون الخبز البلدي مصدرا غير مناسب لعناصر الحديد والزنك نظرا لانخفاض الإتاحة لهذه العناصر من هذا المصدر. وهناك أنواع الخبز الأخرى مثل الشامي والفينو والكيزر تحتوي على نسبة أقل من العناصر المعدنية، ولكن العوامل المثبطة للامتصاص تصبح أقل وبالتالي تكون الإتاحة الأحيائية لمادة الحديد والزنك أفضل.