الطحينة.. تاريخ مجهول.. وطعم معروف

تعتبر الطحينة من أشهر منتجات السمسم في الشرق الأوسط، ورغم أن تاريخ الطحينة لا يكاد يعرف بالضبط، إلا أنه يبدو أنها قديمة الاكتشاف، ولعل مصدرها كان شـاميا أو تركيا. والطحينة هي سمسم مطحون ومصنع بصورة مبسطة تعطيه قوام الطحينة المعروفة. ويقسم أهل الحجاز الطحينة إلى طحينة بلدي، وهي داكنة اللون وطحينة شامي وهي فاتحة اللون. وهم بذلك ينسبون حلاوتها حسب لونها إلى حلاوة طحينية (من الداكنة) وحلاوة شامية (الفاتحة والمعروفة على مستوى العالم العربي باسم الحلاوة الطحينية). الفارق تحميص والفارق في لون الطحينة في أصله يعتمد على درجة تحميص السمسم منزوع القشر، فكلما زاد تحميصا زاد لونه دكانة. والتصنيع واحد عدا اللون فإن فكرة تصنيع الطحينة تقريبا واحدة تبدأ بتنظيف بذور السمسم من الشوائب ثم غمرها في الماء لمدة تزيد على 6 ساعات. ثم توضع البذور بعد النقع في آلة خاصة تعمل على المساعدة على فصل اللب عن القشر، تنقل بعدها البذور إلى أحواض خاصة بها محلول ملحي فتفصل القشور وتطفو على السطح ويترسب اللب لأسفل. يغسل بعدها اللب من الملح، وبتكرار العملية يتم الحصول على لب خال من الملح. يصفى من الماء ثم يحمص في فرن متوسط الحرارة مع التقليب (أو قد يعرض لبخار ماء). ويستمر التحميص لمدة قد تزيد على ساعتين ثم يبرد ويطحن فتنتج الطحينة بيضاء اللون (وتسمح بعض التوصيات بإضافة بعض المواد الحافظة من الأكسدة أو التي تعطي اللون الأبيض للطحينة، وهذا مدخل للغش عند ضعاف النفوس من الصناع). والحلاوة شأنها أبسط.. أما الحلاوة الطحينية فإن صناعتها تتم مباشرة من الطحينة السائلة. سألنا مدير المختبر ومراقبة الجودة النوعية في مصنع المنى للحلاوة الطحينية والطحينة بالرياض (ياسر أبو رحمة) عن طريقة صناعة الحلاوة فقال: يتم تنظيف السكر وتنقيته، ثم يطبخ في الماء بشكل جيد وبحرارة ومدة زمنية معينة، ثم تضاف إليه كمية معينة من شرش الحلاوة (عود الحلاوة)، فنحصل على مزيج أبيض ناصع يخلط مع الطحينة السائلة بشكل جيد، وبهذه البساطة نحصل على الحلاوة الطحينية. أما إذا أردنا إضافة حشوة الفستق أو غيره إلى الحلاوة فإن ذلك يتم بإضافة مادة الحشوة إلى الخليـط ومزجه مع الحلاوة قبل التعبئة. وأي أنواع الحشوات تستخدمون في مصنعكم؟ - الفستق- البندق- اللوز- الكورنفلكس.. وغيرها. على البارد أفضل.. يقول ياسر أبو رحمة إن طريقة الطحن لإعداد الطحينة والحلاوة تتم بصورتين: صورة تستخدم حاليا في المصانع، وهي صورة صناعية تتم في مكائن لولبية تولد حرارة. وهذه الطريقة تفقد المنتج الكثير من الفيتامينات ويتغير لونه إلى الأسمر. ولعل كثيرا من المصانع والمخابز تشتري العجينة المطحونة بهذه الطريقة جاهزة. أما الصورة الثانية فهي الطريقة التقليدية القديمة بواسطة أحجار صخرية غير قابلة للتآكل، ويتم الطحن فيها على البارد وتحتفظ هذه الطريقة بخواص السمسم وتنقلها كاملة إلى الطحينة. قلت: ولكن هذه الطريقة تاريخية. قال: إنها مازالت تستخدم فعندنا مثلا هنا عشرة أزواج من تلك الحجارة. سألته: وماذا عن التزنخ لزيت الطحينة؟ قال: معظم المصانع تضيف مواد مانعة للأكسدة صناعية ومسموح بها مثل (BHA). الحلاوة الشعر.. طحينية أيضا الحلاوة الشعر الحالية تصنع من الطحينة، ولكن الأمر لم يكن كذلك قبل سنوات، إذ كانت تصنع من دقيق القمح وهي مازالت كذلك في سوريا حيث تسمى غزل البنات. أما الحلاوة الشعر التي تصنع من الطحينة فيقول عنها ياسر أبو رحمة (مصانع المنى)، تبدأ صناعتها بطبخ السكر ثم تبريده ثم يخلط بالطحينة السائلة ويدخل في ماكينة خاصة يسحب خلالها ويخرج على هيئة خصل من الشعر تترك هذه الخصل لتبرد ثم تعبأ. سألت: ومن أين تأتون بالسمسم؟ قال: من السودان من النوع الأبيض الممتاز. قلت: كل المصانع تستورد من السودان أنواع السمسم، فكيف تواجهون منافسة السوق الحالي وقد كثرت ماركات الحلاوة الطحينية؟ فرد: نحن نستخدم السمسم النقي 99.9?، وأما المنافسة ففي المنتج الجيد الذي هو سيد السوق. وسوقنا يتعدى السعودية إلى دول الخليج وبعض الدول العربية الأخرى. وفيها سر السمسم تعتبر الطحينة مادة غذائية عالية القيمة الغذائية لا تختلف كثيرا في قيمتها الغذائية عن السمسم، فهي مادة دسمة بها دهون وبروتينات وشيء من الكربوهيدرات، إلا أن نسبة الألياف بها أقل. أما الحلاوة فهي تزيد في قيمتها الغذائية سعرات حرارية بسبب وجود السكر فيها، ولعل عمليات التصنيع تفقد الطحينة، ومن ثم الحلاوة، النسبة المتبقية من مجموعة فيتامين ب، لذا فتصبح الحلاوة الطحينية أو الشعر مادة غذائية دهنية سكرية مرتفعة السعرات الحرارية.