بهارات الكركم.. غذاء ودواء!!

عرف الكركم Curcuma longa منذ أربعة آلاف سنة على الأقل، من خلال الطب الشعبي الهندي المعروف بالطب (اليورفيدي). وهو نظام طبي يقوم على العلاج بالأعشاب. وكان الكركم الذي يعرف باللغة السنسكريتية باسم (هريدرا) (ربما اشتق منه اسم الهرد كما يطلق عليه في المنطقة الغربية) يستعمل لعلاج الالتهابات والتخلص من الآلام خصوصا آلام المعدة وآفات البشرة، وكان الكركم يعتبر في ذلك الوقت أحد أعمدة الطب اليورفيدي في الهند. خلطة الكبد العجيبة ولا يعتبر الطب (اليورفيدي) نظاما يهتم بالصحة ويتعامل فقط بالأدوية الطبيعية، بل يعتبر أيضا أسلوب حياة يبحث عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى المحافظة على سعادة النفس البشرية ورفعتها وإطالة حياتها على ظهر هذه البسيطة. (هذا ما يزعمون وما نقله المؤلف عنهم، ولكن سعادة النفس البشرية تكون بشمول الإسلام). كما يعتبر الكبد أحد الأركان الأساسية التي تحافظ على تحقيق التوازن الصحي. وقد استخدم الطب (اليورفيدي) الكركم للمحافظة على صحة الكبد وذلك بعد خلطه مع بهارات أخرى معينة، مما أدى إلى ظهور مسحوق الكاري الهندي الشهير. فالكركم ومسحوق الفلفل الأسود ومسحوق الفلفل الأحمر الحار ومسحوق بذور الكزبرة ومسحوق الكمون ومسحوق بذور الحلبة تشكل مجتمعة بهارا لذيذا ومفيدا لصحة الكبد. كما يستخدم الهنود الكركم مع الزنجبيل لأن الزنجبيل يزيد من سرعة دوران الدم مما يساعد على سرعة إيصال مفعول الكركم إلى الكبد لإزالة السموم التي تتجمع فيه. والمحافظة على صحة الكبد تؤدي إلى المحافظة على صحة الأعضاء المتعلقة به، مثل المرارة والكلى والطحال والبنكرياس. ومشكلات البشرة.. من الملاحظ أن الشبان والشابات في الهند نادرا ما يشتكون من حب الشباب ومشكلات البشرة؛ نظرا لاستهلاكهم المستمر لمسحوق الكاري الذي يحتوي على الكركم. كما أن (اللشمانيا) التي تنتشر في الهند وأجزاء من آسيا الصغرى وشمال أفريقيا وتترك ندوبا واضحة على البشرة يعالجها الهنود بمعجون مكون من ملعقة أكل من مسحوق الكركم وثمني ملعقة صغيرة من الجير الكاوي والقليل من الماء للحصول على معجون. وأحيانا تضاف قطرات من زيت بذور السمسم أو غيره من زيوت البذور النباتية لترطيب المعجون. وتوضع طبقة من المعجون على مكان (اللشمانيا) مرتين في اليوم لمدة حوالي أسبوع تشفى بعدها ولا تترك أية آثار. ولا يستعمل الكركم في الالتهابات الخارجية فقط، بل يستعمل كذلك في الالتهابات الداخلية في الجسم مثل القرح المختلفة في المعدة وغيرها والتهابات المرارة. كما أجرى الأطباء أبحاثا على مدى فعالية الكركم في معالجة الالتهابات التي تسببها العفونة وغيرها من الالتهابات على الفئران والأرانب في المختبرات ووجدوا أن استخدام مسحوق الكركم في الالتهابات الخارجية قد ساعد على الإسراع بشفائها بنسبة 23 إلى 24?. لا أكسدة بل حيوية هناك ثلاثة مكونات موجودة في الكركم ومسؤولة عن اللون الأصفر الذهبي للكركم وتسمى بالكركمينات. وهذه المركبات الفينولية التي جرى فصلها في الكركم هي الكركمين ومشتقاته قد وجد أنها مركبات نباتية فعالة ضد الأكسدة تساعد على القضاء على الجذور (الأيونات) الحرة التي تهاجم خلايا الجسم وتقضي عليها مما يمنع ظهور الشيخوخة والإصابة بكثير من الأمراض. وعند تناول الكركمينات (من خلال تناول الكركم) لمدد طويلة مستمرة فإن ذلك يساعد على المحافظة على شباب الجسم وتقوية جهازه المناعي ومساعدته على محاربة الكثير من الأمراض الشائعة مثل أنواع السرطان والروماتيزم وغيرها من الأمراض التي يعود سببها إلى نشاط الجذور الحرة في الجسم (وكل ذلك بمشيئة الله تعالى). كما يجدر التنويه إلى أن تناول مضادات الأكسدة المتوفرة في الكركم يساعد على منع حدوث مثل تلك الأمراض الفتاكة إن شاء الله. موطنه وفصيلته والكركم نبات موطنه الأصلي جنوب شرق آسيا يتبع الفصيلة الزنجبيلية التي تتألف من مئات الأنواع من النباتات ذات الجذامير والتي تنتشر في الهند والصين وإندونيسيا وتايلاند ومجموعة جزر الأرخبيل الماليزي وشمال استراليا. والكركم مثل الزنجبيل الذي ينتمي إلى الفصيلة نفسها، ينمو في ظروف مدارية مختلفة على شرط أن تتمتع بتربة غير طينية ولا شديدة التماسك وبالكثير من الرطوبة. وجذامير النبات هي ما تستخدم تابلا أو للعلاج في جميع المناطق التي ينمو فيها وفي غيرها من المناطق التي انتقل استخدام الكركم إليها. وفي كل تلك المناطق تتماثل استخدامات النبات الغذائية والدوائية.