مفطـح فـي اليـد .. خير من رشاقة طائرة

لم يعد تركيز الفرد منا في طعامه اليومي على العناصر الغذائيةالطازجة غير المطهية، ولم تعد هناك مراعاة للتوزيع الغذائي للوجبة. فبدلا من أن تحتوي الوجبة على 20? بروتينات والتي عادة ما تكون متوفرة من منتوجات الألبان والحبوب والخبز الأسمر وغيرها، و65? من الطعام من الخضراوات والفواكه والسلطات، والنسبة في المائة المتبقية من فئة الدهون، أصبحت المائدة تحتوي على كل ما هب ودب، أقصد كل ما لذ وطاب. فسيدة المنزل شعارها، أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته، والرجل أصبح مبدؤه كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس، ونسي قاعدة ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه، واستبدلها بثلاثة أثلاث لطعامه وزادها ثلثا لشرابه وأما النفس فطريقه إلى الرئة وليس المعدة كما يعتقد. وهذا كله أودى بي إلى أمراض صنعتها تدريجيا بإرادتي الكاملة. وبعد إهمال سنوات بدأت في البحث عن وسيلة لتخفيف الوزن، فقد صورت لي وسائل الإعلام زيادة الوزن كالغول الذي يكاد يفتك بحياتي في أي لحظة، وصدقت هذه المرة فمن أمراض القلب، وضغط الدم والسكر وآلام الظهر وصعوبة التنفس إلى ماتعانيه تلك المفاصل حتى تتحمل ذلك الجسم. وزاد الطين بلة زيادة الحوادث في البيت والعمل فلم أعد ذلك الشخص الرشيق صاحب الحركة الانسيابية،الذي كان يتحرك في المنزل قبل سنوات. بل أصبحت الهث تعبا من أدنى تحرك. وكلما أفكر بهذه الأمراض التي أعاني منها تزيد حالتي النفسية سوءا ولا أجد من يواسيني في محنتي إلا صديقي الدائم الأكل، فأصب جم غضبي على المائدة بعزم ونية قويين على أنها المرة الأخيرة وسوف يتبعها عقاب لهذه النفس المدللة الأمارة بالسوء بأيام عجاف وقحط يذهب بالأخضر واليابس في هذا الأسطول من الشحوم الذي يحسدني عليها الجاهل من النحفاء. وبعد يوم من الوجبات الدسمة يتخللها مكسرات وخضراوات وفواكه وأطباق الحلوى أخلد إلى السرير مصحوبا بتأنيب الضمير، عاقدا العزم وموثقه بأيمان غلاظ بأن أبدأ في الرجيم، ولكن نظرا لجهلي بما يتطلب الرجيم أخذت بتقليل الأكل دون النظر في القيمة الغذائية أو السعرات الحرارية وبمواعيد غذاء غير منتظمة مع قليل من الرياضةالمشي بعد أمتار قد تصل إلى العشرات وهذا كله لأيام قليلة عانى الميزان فيها المر ، فأنا كل ساعة على الميزان متابعا التقدم الذي وصلت إليه ولكن دون جدوى، وبعد تفكير كثير ذهبت إلى أصدقائي للعشاء بعد أن وعدوني بأن تكون وجبة العشاء خفيفة، وبالفعل كانت كما أريد فقط بعض المفطحات وتوابعها جمعتني مع بعض زائدي الوزن أقصد الزملاء حيث تلاها مناقشة حالي الثائرة على أمراض زيادة الوزن وأسديت لي النصائح منهم، وكانت نصائح ناتجة عن تجربة مجربين ومنها كل في دنياك كأنك تموت غدا، والوجبة السمينة تنفع في اليوم النحيف، ومفطح في اليد خير من رشاقة على الشجرة. فارقت رفاق الدرب وإخوان المائدة بعد أن عوضت أيام الرجيم القاسي- في نظري- في جلسة واحدة وكل فكري منصب على أن أناقش وضعي مع طبيب، إذ لم أقتنع بالمجرب، وأملي أن أقوم بتأسيس نقابة للمصابين بأمراض زيادة الوزن تعنى بأمرهم.