اللوز السوداني .. حساسية مبالغ فيها

في الماضي، كان اللوز السوداني منتشرا في كل مكان، إما مطحونا على شكل زبدة اللوز السوداني لدهن الشطائر وإما مقدما كتصبيرة في رحلات الطائرات. أما حاليا فإن الأشخاص الذين لديهم حساسية من اللوز السوداني، أو أن آباءهم في كثير من الأحيان يطالبون بأماكن خالية من تواجد اللوز السوداني على الأرض أو في الرحلات الجوية محتمين بالقوانين الاتحادية التي تحمي القصر، والنتيجة: التضييق الشديد على منتجات اللوز السوداني. وقد قامت بعض المدارس خوفا من الملاحقة القانونية بحظر بيع منتجات اللوز السوداني في مقاصفها. كما أمر قطاع النقل شركات الطيران مؤخرا بأن توجد مناطق خالية من اللوز السوداني للأشخاص الذين لديهم تاريخ حساسية. ولحسن الحظ فإن ردود الفعل المميتة التي سببتها الأطعمة لا تحدث كثيرا. فقد سجلت مراكز مكافحة الأمراض (15) حالة فقط من هذا النوع في عام 1995م، على الرغم من أن الكثير من الأطباء يعتقد أن الرقم أكبر من ذلك بكثير. وقد قدرت شبكة حساسية الأطعمة - وهي مجموعة مناهضة - أن الرقم يصل إلى 125 حالة. ولا يعرف أحد كم عدد الحالات منها التي سببها اللوز السوداني؛ لأن حساسية الحليب والبيض والمأكولات الصدفية البحرية يمكن أن تسبب الوفاة. ولكن غالبا ما يتجاوز الأطفال مرحلة الحساسية تجاه الحليب والبيض عند بلوغهم الثالثة من العمر، أي قبل احتمال أن يأكلوا في المقاصف المدرسية. إن الحساسية تجاه اللوز السوداني تستمر عادة مدى الحياة، ويمكن أن تثير كمية قليلة من اللوز السوداني تلك الحساسية. وتتراوح الأعراض بين الحكة الجلدية (الحماق) والإسهال، وفي حالات نادرة يمكن أن يتسبب اللوز السوداني في حدوث حالات حادة، وأحيانا مميتة، من توقف الجسم بشكل كامل عن العمل. ويقول الدكتور جون جيمس John James من مركز كلورادو للحساسية Colorado Alleryy and Asthma center: يعتبر اللوز السوداني من أكثر مسببات الحساسية سوءا. وبالرغم من ذلك تعتقد جهات مسؤولة كثيرة أن الحظر الصريح على اللوز السوداني غير ضروري. والأسوأ من ذلك أنه يمكن أن يؤدي الحظر على اللوز السوداني إلى إيجاد نوع من الأمان الزائف؛ لأن كثيرا من المنتجات غير المحظورة مثل حبوب الإفطار ومعلبات الفول يمكن أن تحتوي على آثار خطرة من اللوز السوداني. وتقول آن مونوز فورلونج Anne Munoz- Furlong (مؤسسة فان FAN): إن القصد من وراء كل ذلك هو قصد حسن، ولكن الأمور لا تجري كما يجب. ولا توجد طريقة لتوقع كيف سيستجيب الأطفال لما يأكلون؛ لأن أجهزتهم المناعية لا تزال في طور النمو، وفقط لأن الأطفال المصابين بالحساسية قد عانوا نوبة من الحساسية لسبب ما لا يعني أن السبب نفسه سوف يؤدي إلى نوبة أكثر أو أقل حدة. ويقول الأطباء إن ملامسة اللوز السوداني فقط، مقارنة باستهلاكه، لن تؤدي إلى نوبات مميتة، ولكن من الطبيعي أن يرغب الآباء والمدرسون في حماية الأطفال من الاحتمالات الأسوأ. ويقول المختصون إن ذلك ممكن، ولكن لا ينبغي أن يشمل ذلك تحريم اللوز السوداني. ويقول الدكتور ستيفن واسرمان Stephen Wasserman رئيس الأكاديمية الأمريكية للحساسية والمناعة: يجب أن نتخذ قرارات عقلانية ومنطقية. إن منطقة واحدة خالية من اللوز السوداني في المقصف يمكن أن تكون كافية طالما علمنا الأطفال أن لا يتبادلوا المأكولات مع زملائهم وطالما تفصل أدوات الطبخ التي تستخدم لإعداد اللوز السوداني عن تلك التي تستخدم لإعداد غيره من الأطعمة. لقد قامت المدارس الابتدائية في مدينة آندوفر في ولاية ماساتشوشتس بتخصيص مناطق خالية من اللوز السوداني في مقاصفها منذ عامين، ولم يتم تسجيل أي حالة حساسية حادة بين 19 طالبا مصابين بالحساسية. وتقول باربرا وايتسايد Barbra Whitesile التي تعمل كرئيسة خدمات صحية: لقد أراد الآباء في البداية أن تطبق حظرا كاملا على اللوز السوداني، ولكنهم الآن يدركون أن الأمر غير منطقي. ويقول الأطباء إن من المنطقي أن تتوفر في المدارس جرعات من الأيبنفرني epinephrine، الهرمون الذي يساعد على عدم حدوث حالة توقف الجسم الكامل عن العمل، وتلك الجرعات يمكن أن يتم توفيرها على شكل حقن مجهزة مسبقا تماثل تلك التي يحملها دوما أولئك المصابون بالحساسية الحادة. أما بالنسبة للرحلات الجوية فإن دي أو تي (DOT) تقول إنها بصدد تطبيق سياسة المناطق الخالية من مسببات الحساسية، أما الآن فإنه ما على المسافرين الذين يجدون أنفسهم في المقاعد المخصصة للمصابين بالحساسية إلا أن يستمتعوا بالبسكويت المملح الذي يقدم لهم.