الفطام.. خطوات وأصول

إذا ما قررت فطام طفلك، فإنما تعمدين إلى منعه من المصدر الكلي لنموه الحليب وهذا لا يكون دفعة واحدة، بل لابد أن يتعود أولا على البدائل، لذا فأنت في حاجة إلى الفطام التدريجي مع استبدال الحليب تدريجيا بالأغذية العادية، حتى إذا أردت إتمام الرضاعة وبلغ طفلك عامه الثاني فإنه يكون قد تعود على طعام الأسرة ويمكنه الاعتماد عليه كليا. إذا كلمة فطام في موضوعنا هذا تعني التدرج في تعويد الطفل على الأغذية الجامدة أو شبه الجامدة مع استمرار ترضيعه. الحليب.. الحليب يشكل حليب الأم غذاء كاملا للطفل الرضيع في الأشهر الأولى من عمره. وهذا أمر يختلف من طفل لآخر، ففي حين نجد أن بعض الأطفال يكفيهم الحليب حتى الشهر السادس نجد آخرين في حاجة إلى أغذية مدعمة منذ الشهر الرابع من أعمارهم، لذا فقد أوصت معظم الجهات الصحية بالبدء في إدخال أطعمة أخرى غير حليب الأم عند نهاية الشهر الرابع لضمان استمرار نمو الطفل بشكل سليم وصحي. ويجب التأكيد هنا بأن الغرض من إعطاء هذه الأطعمة هو استكمال ما يوفره حليب الأم من عناصر غذائية وليس استبدال حليب الأم بأطعمة أخرى كما هو شائع عند العديد من الناس. وترجع أهمية البدء في الفطام عند نهاية الشهر الرابع لأن الجهاز الهضمي للطفل يكون غير مكتمل قبل هذه الفترة، وبهذا فإن قدرة الجسم على هضم الطعام وامتصاصه تكون ضعيفة، كما أن عدم اكتمال نمو الفم واللسان والفك وفاعليتها قبل الشهر الرابع يحد كثيرا من مدى استفادة الطفل من الأغذية المقدمة له، هذا ناهيك عن سهولة الإصابة بالاضطرابات الهضمية والإسهال. إن هذه العوامل بالإضافة إلى دعم حليب الأم غذائيا تجعلنا نوصي بأهمية البدء في الفطام عند نهاية الشهر الرابع وقد يقال الخامس. ولكن التأخر في إضافة الأطعمة المكملة لما بعد الشهر السادس قد يسبب مضاعفات صحية أخرى، حيث إن الطفل لا يحصل على كفايته من العناصر الغذائية من حليب الأم ولاسيما أن وزنه وحجمه قد تضاعفا خلال هذه الفترة، وأن حليب الأم لم يعد كافيا لمتطلبات نموه، وهذا يؤدي إلى تعرض الطفل إلى سوء التغذية وضعف مقاومته للأمراض. وللبداية أصول ها قد أصبحت جاهزة لدخول تجربة إطعام طفلك في المرحلة الأولى من الفطام، ماذا عساك فاعلة؟ الأمر بسهولة هو إجلاس طفلك أو وضعه في كرسيه أو أي مكان مناسب بجعل رأسه لأعلى ويفضل لسهولة التحكم أن تضعيه في حضنك وإحاطته بأحد ذراعيك لأن هذا الوضع يساعد طفلك على سهولة استقبال الطعام من الملعقة وسهولة ابتلاعه. ثم هاك هذه الأمور دعينا نضع أهم الأمور والملحوظات التي ينبغي اتباعها في هذه النقاط التالية: يجب أن توضع كمية صغيرة من الطعام في الملعقة عند تقديمه لأول مرة. ينبغي أن تدخل الملعقة في فم الطفل بشكل يسمح له بأخذ الطعام أو مصه من الملعقة. يجب البدء بنوع واحد من الطعام في الأسبوع الأول حتى يتم التأكد من أن الطفل قد تقبل الطعام ولم تحدث له أي حساسية ثم يبدأ بتقديم الطعام الآخر. لا يجبر الطفل على تناول الطعام فإن ذلك يشجعه على تكوين عادة الرفض، ويمكن تكرار المحاولة في اليوم الثاني، وإذا وجد أن الطفل يرفض هذا الطعام فيجب استبعاده والاتجاه إلى تقديم طعام آخر. ويمكن معاودة تقديم الطعام المرفوض بعد أسبوعين أو شهر. إن شهية الطفل تختلف من يوم إلى آخر تماما كما تختلف شهيتنا، لذلك يحسن ألا يجبر الطفل على تناول كميات كبيرة من الطعام فربما يكون قد أحس بالشبع. يفضل تحضير كمية قليلة من الطعام لكل وجبة حتى لا يفقد الطعام، ويجب التخلص من الطعام المتبقي فهو عرضة للتلوث، خصوصا أن الملعقة التي استخدمت قد تشبعت بلعاب الطفل. يجب استخدام الأغذية الطازجة كلما أمكن ذلك. ينصح بالابتعاد عن الأغذية المعلبة مثل الخضراوات والفواكه واللحوم المعلبة. يجب طبخ الطعام في أقل قدر ممكن من الماء ويمكن استخدام ماء الطبخ في خلط الطعام بعضه بعضا. يجب استخدام الحرارة المنخفضة لجعل اللحم طريا وسهل الهرس. يجب التأكد من غسل اليدين وأدوات الطبخ وأواني التقديم قبل التحضير. إذا كان الطفل لا يرغب في تناول الوجبة فتوضع رأسا في الثلاجة، ولا تترك في الجو الاعتيادي فإن ذلك يؤدي إلى تلوثها. لا تستخدم الوجبة المحفوظة في الثلاجة إذا مضى عليها يوم فأكثر، لذا يجب التخلص منها. يجب أن تعطى الأطعمة المكملة للطفل باستعمال ملعقة أو كوب، وأن يعطى في البداية بضع ملاعق فقط. وحالما يصبح الطفل قادرا على الإمساك بالملعقة يجب أن يشجع على إطعام نفسه بنفسه. عندما يتقبل الطفل نوعا جديدا من الأطعمة المكملة، يقدم له بعد أن يكمل رضعة أمه. أما إذا كان الطعام جديدا أو كان لا يتقبله بسهولة، فمن الأفضل أن يقدم له قبل الرضعة عندما يكون جائعا لكي يتقبله بسرعة. إذا كان الطفل يبكي بسبب الجوع، فمن الأفضل أن يقدم له طعام يحبه وقد تعود عليه لأنه سيرفض أي نوع جديد إذا قدم له وهو يبكي. لا يولد الطفل ولديه ولع بمذاق السكر أو الملح، وإنما ينمى هذا المذاق لديه. لذا لا حاجة إطلاقا لإضافة السكر إلى طعامه استنادا إلى مذاقنا نحن، فمعظم الأطعمة كالفواكه والحليب والحبوب طعمها لذيذ ويمكن تناولها دون إضافة السكر أو الملح إليها. ومن الأفضل للطفل أن يتناول السكر الطبيعي في بعض الفواكه، كأن يتناول التمر والزبيب عند بلوغه العام الأول. يجب ألا يترك الطفل بمفرده مع الطعام الذي يستطيع أن يمسك به في يده كقطعة من التفاح أو الكمثرى أو البسكويت أو غيرها من الأطعمة الجامدة، لأنها قد تقف في بلعومه ويغص بها. غالبا ما ينقل الآباء والأمهات لأطفالهم-لا شعوريا- حبهم أو اشمئزازهم لنوع من الطعام، وذلك عن طريق تعابير وجوههم أو نبرات أصواتهم، مما قد يؤثر على إقبال الطفل لذلك أو انصرافه عنه. إذا كانت العائلة تشكو من بعض أنواع الحساسية فمن المستحسن استشارة الطبيب قبل البدء بإضافة الأطعمة للتأكد من عدم إعطاء الطفل أطعمة قد تسبب له بعض الحساسيات، ويمكن تأخير إعطاء تلك الأنواع حتى يكبر الطفل قليلا. ماذا؟ متى؟ وكيف؟! نعم.. الملحوظات السابقة عامة ولجميع مراحل الفطام .. ولكن ماذا تطعمين طفلك في كل مرحلة؟ ومتى تدخلين أي نوع من الوجبات لطعامه.. وكيف يكون ذلك؟ يمكن أن نجيب عن مثل هذه التساؤلات بالتوزيع التالي لمراحل الفطام. نهاية الشهر الرابع إن أفضل ما تبدأ به الأم لإطعام الطفل في نهاية الشهر الرابع هو الحبوب مثل الأرز والشوفان والذرة فهي تمتاز بتشابه طعمها مع حليب الأم كما أنها تكون سهلة الهرس ولينة بعد طبخها. ويمكن أن تبدأ بالأرز فهو لا يسبب حساسية للطفل، وبعد ذلك يمكن تقديم الشوفان أو الذرة. أما القمح فيفضل تأخير إعطائه للطفل خلال هذه الفترة وذلك لاحتوائه على بروتين (الجلوتين) الذي يسبب حساسية لبعض الأطفال. ويشار هنا إلى أنه يفضل تجنب خلط نوعين من الحبوب في البداية حتى نضمن أن كل نوع من الحبوب قد تناوله الطفل على حدة وتعود عليه. - يسلق الأرز في قليل من الماء حتى يتشرب ويصبح لينا ثم يهرس جيدا. - ينصح بعدم إضافة حليب البقر أو الغنم أو الحليب الاصطناعي إلى الأرز في هذه الفترة فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة تركيز العناصر الغذائية مما يشكل عبئا على الجهاز الهضمي للطفل. - توضع كمية صغيرة من الأرز المهروس في ملعقة شاي وتقدم للطفل، ثم يترك الطفل يوما أو يومين للتأكد من عدم وجود أي حساسية لديه نتيجة تقديم هذا الطعام، وفي حالة وجود حساسية مثل ظهور بقع على سطح الجلد فإنه يجب التوقف عن إعطاء الطعام والاتجاه إلى طعام آخر. - تزاد الكمية المقدمة تدريجيا حتى تصل من 2 إلى 3 ملاعق في اليوم. - يستمر في إعطاء الأرز لمدة 5 إلى 6 أيام حتى يتقبل الطفل هذا الطعام. - يمكن الانتقال إلى نوع آخر من الطعام بعد ذلك وليكن الشوفان وتتبع الطريقة نفسها في التحضير. - ينبغي ألا تستعمل القنينة في تقديم الطعام، فالهدف هو تعليم الطفل تناول الطعام من الملعقة. - ينبغي الاستمرار في الرضاعة الطبيعية. الشهران الخامس والسادس عند الشهر الخامس يستطيع الطفل تناول الفواكه وعصيرها، ومن الفواكه التي يمكن تقديمها في هذه الفترة الموز والتفاح والكمثرى والباباي والبرتقال. ويتم تقديم الفاكهة للطفل في هذه المرحلة باختيار الفواكه الناضجة وإذا كانت غير ذلك فيمكن غليها في قليل من الماء. - يمكن البدء في تقديم ملعقة شاي من الفواكه المهروسة في اليوم الأول ثم تزاد الكمية تدريجيا حتى تصل من 2 إلى 4 ملاعق مع نهاية اليوم الخامس. - يمكن تقديم عصير الفواكه مثل عصير التفاح أو عصير البرتقال المخفف بالماء المغلي وبخاصة إذا كان الطفل قادرا على الشرب من الكوب. - يجب عدم إضافة الملح أو السكر أو العسل للبطاطس في هذه الفترة. - تقدم ملعقة شاي من الخضراوات المهروسة ثم تزاد الكمية تدريجيا. - يجب عدم تقديم خليط من نوعين من الخضراوات إلا بعد أن يكون الطفل قد جرب كل نوع على حدة. - يجب الاستمرار في الرضاعة الطبيعية. الشهران السابع والثامن عند الشهر السابع يبدأ الطفل في القيام بتحريك فكيه جيدا وتظهر بعض أسنانه فيصبح مستعدا لتناول أغذية أكثر صلابة كما يستطيع بعض الأطفال مسك الكوب بأيديهم. ومع بداية الشهر الثامن يمكن إدخال اللحوم وصفار البيض ثم البقول. على أن يلاحظ هنا أنه من الأفضل أن يبدأ بتقديم لحم الغنم أو الدجاج لأنهما أقل تسببا في الحساسية من لحم البقر. ويلاحظ أن يتم طهي اللحم جيدا في الماء بعد إزالة كل الشحوم (وجلد الدجاج) ثم يصفى ويهرس جيدا وتقدم ملعقة شاي واحدة ثم تزاد الكمية تدريجيا حتى تصل من 2 إلى 3 ملاعق مع نهاية الأسبوع. وكذا يجب عدم إضافة الملح أو البهارات إلى اللحم. - عند تقديم البقول مثل العدس والفول (الباقلاء) واللوبيا، يجب نقعها في الماء لفترة ثم سلقها جيدا، تقشر بعد ذلك وتهرس. وعند تقديم البيض يفضل أن يسلق جيدا ثم يزال البياض، يهرس الصفار جيدا وتقدم كمية منه ثم تزاد الكمية تدريجيا. ما بعد الثامن عند الشهر التاسع يكون الطفل قد تعود على أغلب الأطعمة الموجودة في المنزل، ويمكن إعطاء الطفل بعضا من طعام الأسرة بشرط أن يكون خاليا من البهارات والملح والسكر ويتم ذلك بأخذ كمية من الأرز أو اللحم أو الخضراوات المطبوخة من القدر قبل إضافة البهارات والملح والزيت إليها. وتقدم هذه الأطعمة للطفل في وعاء خاص بحيث يشارك مع العائلة أثناء تناول الطعام. وما أن يبلغ الطفل شهره العاشر حتى يكون مستعدا للمشاركة في تناول طعام العائلة ولكن يجب دائما أن يكون الغذاء خاليا من البهارات والملح، مع تخفيف الدهون والسكر.