الصويا.. إلى الهاوية!

بعد أن ضج العالم في السنوات الأخيرة بأطعمة الصويا معتبرا أنها الغذاء الصحي السليم الذي سيقضي على أطعمتنا المضرة.. يضج العالم مرة أخرى هذه الأيام لإدراكه بأنه كان مخدوعا بأطعمة الصويا طوال هذه الفترة. ما قصة الصويا؟ على الرغم من حداثة أطعمة الصويا في الدول الغربية والعربية، فإنه أصبح لهذه الأطعمة شعبية كبيرة لديها، كما أنها استأثرت باهتمام المزارعين والمنتجين هناك، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تنتج لوحدها ما يقارب ثلث الإنتاج العالمي، والصينيون هم أقدم من عرف أطعمة الصويا، ثم أخذها عنهم اليابانيون، وارتبطت أطعمة الصويا هناك بالمعتقدات الدينية، وأصبحت تدخل في العديد من طقوسهم البوذية. وشيئا فشيئا بدأت أطعمة الصويا في العقود الأخيرة تنتشر في الأسواق العالمية بعد أن كانت محصورة في أسواق بعض الدول الآسيوية، وأصبح من المعتاد جدا أن تحتوي المتاجر في أوربا وأمريكا على نسبة عالية من أطعمة الصويا. وظهرت أطعمة الصويا بعدة أشكال فهي تتفاوت في شكلها ومحتواها، فمنها المجمد ومنها ماهو على شكل صلصة، ومنها ما هو مصنع في شكل برغر أو أصابع سجق، وزاد الإقبال على تلك المنتجات خصوصا بعد ظهور بعض الأوبئة المرتبطة باللحوم مثل مرض جنون البقر ومرض الحمى القلاعية اللذين أثارا الذعر في أوساط الشعوب وجعلا العلماء يرفعون أصواتهم مطالبين بضرورة البحث عن أطعمة بديلة للحوم. إضافة إلى ذلك فقد تنامت الحاجة إلى الأطعمة البديلة الخالية من مركبات الشحوم والكوليسترول العالي، والتي أدت إلى زيادة نسبة أمراض القلب وضغط الدم والسكر وتصلب الشرايين. وهكذا ظهرت أطعمة الصويا شيئا فشيئا لتصبح الغذاء المثالي والصحي المتفجر بالفوائد، وارتفع عدد الشركات المستثمرة في مجال إنتاج تلك الأطعمة حتى فاقت المنتجات المصنعة منها أكثر من 100 نوع. وتصنع أطعمة الصويا في مجملها من خليط ومركبات حبوب الصويا التي تشبه في شكلها حبوب الفاصوليا العادية، وتتميز بكثرة البروتين الذي يصل فيها إلى معدلات عالية جدا من فول الصويا الجاف على 35.9 غراما من البروتين. واتفقت معظم الآراء الطبية والمتخصصة في السنوات الماضية على أن أطعمة الصويا مليئة بالفوائد، فقد ثبت أن بروتينات الصويا تحوي مادة فعالة تسمى الأيزوفلافونات وهي مادة لها دور في تخفيض نسبة الكوليسترول السيء في الدم، ويعتقد أن لها دورا في تخفيف الآلام الحادة المصاحبة لانقطاع الطمث عند النساء، كما أنها تشبه هرمون الاستروجين ولها كثير من صفاته، ولهذا فهي تقوم بالدور نفسه، حيث إنها تقي أمراض أوعية القلب والإصابات السرطانية المرتبطة بالهرمونات، وأشارت بعض الأبحاث إلى أنه قد يكون لفول الصويا دور في الحد من هشاشة العظام، وأظهرت إحدى الدراسات أن هذه المادة تقي الإصابة بسرطان الثدي بشكل فعال. وبناء على فوائدها الرائعة أصبحت أطعمة الصويا على كل لسان وفي كل طبق، ورشحت بقوة لتصبح زعيمة الأطعمة والموائد، ولكن يبدو أن العلم قد تسرع في الحكم على أطعمة الصويا.. فيا ترى ما الذي استجد؟ لا للصويا فوجئ العالم مؤخرا بقرار وزارة الصحة الماليزية القاضي بسحب 22 صنفا من أصناف الأطعمة المصنعة من فول الصويا، وأثار ذلك القرار الكثير من الخوف والرعب في الأوساط الصحية العالمية، وأصبحت أطعمة الصويا مثار شك كبير، خصوصا أن قرار وزارة الصحة الماليزية مستند إلى أدلة علمية دامغة وموثقة من أكبر المراكز البحثية الجامعية في ماليزيا. وبدأ العالم يتحرك بشكل سريع، واهتزت أرفف المتاجر وأفرغت من محتويات منتجات الصويا، وشملت تلك الحركة بلدانا كثيرة، من بينها المملكة العربية السعودية التي أصدرت السلطات الصحية فيها قرارا بحظر مؤقت على صادرات بعض أنواع منتجات الصويا، وبسحب هذه المنتجات من الأسواق فورا. وانضمت الوكالة العالمية لمعايير وسلامة الأغذية FSA إلى الجهات التي أطلقت صيحات التحذير من أطعمة الصويا، وأكدت في بيان صادر عنها أن دراسات وبحوث مستفيضة أثبتت أن 22 صنفا من أصناف الصويا تحتوي على نسب عالية من مادة إم سي بي دي3 3)MCPD_) التي تساهم بشكل كبير في رفع الاحتمال بالإصابة ببعض أنواع السرطانات، الأمر الذي يعد مخالفا لما وضعته اللجنة العلمية الأوربية للأغذية SCF.