صورة العالم العام 2020 وما بعده!
يكاد الشهر الأول من العام 2020 أن ينقضي معلناً عن بداية حقبة وعقد جديد من عمر الحضارة البشرية. وقد بدأت الأحداث الأشهر مع بدء إجراءات محاكمة الرئيس الأميركي ترمب ووفاة سياسيين بارزين مثل السلطان قابوس أو هلاك مجرمين عالميين مثل قاسم سليماني. وتقول المؤشرات الكثيرة إن هذا العام الجديد سيكون حافلاً بالأحداث الكبرى، ولعل من أبرزها خروج البريطانيين من الاتحاد الأوروبي وفعاليات الانتخابات الأميركية.
وبطبيعة الحال رأينا كيف ناقشت أحوال وآفاق العام الجديد برامج ووسائل إعلامية من خلال استضافة بعض المنجّمين والمهرّجين والأفاقين ممن يضربون في الخيال أو يتلقون المعلومات من هنا وهناك ويوظفونها في خضم الأحداث.
ولكن مراكز الأبحاث العالمية والمنتديات العسكرية والسياسية والاقتصادية تضع مطلع كل عام توقعاتها ورصدها لمؤشرات واحتماليات الأحداث المؤثرة. وتعتمد هذه المراكز بشكل كبير على المعطيات الرقمية ومؤشرات واتجاهات السياسات العامة التي يقرؤها خبراء محترفون ويقدمون الخلاصات المتوقّعة. ومن أهم هذه التقارير "تقرير المخاطر العالمية" (Global Risks Report) الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي كل عام.
ويتوقع التقرير أن تتزايد في العام 2020 وتيرة الاستقطاب الاقتصادي والسياسي، إضافة إلى زيادة الانقسامات الداخلية والدولية، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي، والمزيد من الاضطرابات الجيوسياسية.
وفي هذا التقرير يتبين ازدياد الهواجس من مشكلات بيئية كبرى في العشر سنوات المقبلة، وعلى رأسها مشكلات تغير المناخ واحتمالية زيادة الكوارث الطبيعية المدمرة مثل الزلازل وموجات المد البحري. كما تفيد تنبؤات خبراء التقرير أن تكون الهجمات الإلكترونية وتعطل البنية التحتية والشبكات المعلوماتية سمة العقد القادم مع الاعتماد المتزايد على التقنية.
ومن هذه التقارير الرصينة التقرير الاجتماعي العالمي (The World Social Report 2020) للعام 2020، الذي تصدره إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية (الاندماج الاجتماعي) بالأمم المتحدة، التي حدّدت مجالات التأثير في المستقبل القريب في أربعة اتجاهات هي المساواة، الابتكار التكنولوجي، وتغير المناخ، والتحضر (urbanization) والهجرة الدولية.
وفي عالمنا العربي يطل العام 2020 وهناك نحو خمس دول عربية تحت خط الانهيار الأمني والعسكري، وتعيش معظم هذه الدول (الفاشلة) حالات من الاحتراب العسكري، والانقسام المجتمعي بشكل كبير. وهكذا تظهر أجزاء من صورة العالم اليوم، والتوقعات القريبة لا تشير إلى تحسن كبير في أبرز المهددات والمخاطر المتوقعة.
بقلم/ د. فايز الشهري - الرياض