القائد الاستراتيجي وإدارة الأزمات؟
القائد الاستراتيجي المعني في هذا المقال هو ذاك الذي يتخطّى الأزمات التي تعترض استمرار ونمو مؤسسته وفق رؤية متكاملة لا تضحي بالأهداف الاستراتيجيّة ولا تهمل تحديث التكتيكات التي تفرض الأزمة اتباعها. ويخرج عن هذا التوصيف نمط من القادة الذين حين تعصف الأزمة بمنظمته يرتبك ويربك بوصلة منظمته فيفقد الاتجاه وتتلاعب به عناصر الأزمة حتى يفقد وجهته واتجاهه.
ولتجنّب ذلك ربما ينبغي على القائد الاستراتيجي الحرص على عدم فقدان مرتكزات قدراته على التأثير الاستراتيجي في جماهير المنظمة الداخليّة والخارجيّة. ومن هذه المرتكزات قوة المكافأة/ العقاب للمنجز والمتكاسل (أفضل القادة من يكافئون على النجاح وليس على الجهد). يأتي بعد ذلك قوة القدوة لإعطاء النموذج من إلهام وروح القائد المتجرّد. ومن مرتكزات تأثير القائد الاستراتيجي المهمة أيضاً الاهتمام بتعزيز شرعيّة ومشروعيّة الإنجاز، وأخيراً توفير مقومات تعزيز قوة القرار حين ينبغي أن يكون القرار.
والقائد الاستراتيجي مهما كانت معارفه ومهاراته يحتاج في جهوده الإداريّة والاتصاليّة إلى أن يؤثر في الجماهير وفق مزيج من 1) الحب 2) والاحترام 3) والهيبة. وهذه العناصر الثلاثة تختلف وإن بدت متشابهة فالمحبون للقائد يوفرون له الظهير العاطفي والولاء، أما الذين يحترمون القائد فهم غالباً المدافعون الأقوى عن قراراته لأنهم يساندونه احتراماً لمبادئه وهم الشريحة الأهم. أما الهيبة (الخشية) فتظهر للخصوم والمنافسين من رصد قرارات القائد وتحليل ردود أفعاله وغالباً ما تحسم معظم المواجهات والمنافسات بأقل التكاليف بفعل (هيبة) القائد الاستراتيجي.
وحتى يتحقق للقائد الفذّ التأثير والتغيير الاستراتيجي فهو بالضرورة سيكون محتاجاً الى رعاية مقومات البيئة الاستراتيجيّة في المنظمة (معرفة حقيقة المنظمة ومحيطها وتحدياتها) وتطوير العقليّة الاستراتيجيّة فيمن حوله تمهيداً لتنفيذ (أو بناء) الخطّة الاستراتيجيّة التي يضعها القائد الاستراتيجي وفريقه.
وتتجلى هذه الاستعدادات والمقومات في أوقات الأزمات التي تحتاج إلى (أفضل) (وأكفأ) العناصر لتجاوز الأزمة والتخفيف من آثارها.
وفي عصر الاتصال الجماهيري الرقمي أصبحت وأمست إدارة الرأي العام وقت الأزمات مهمة لا يتصدّى لها إلا من (كان) قد أعدّ العدّة (الموارد والخبراء) ليتعامل مع جمهور إلكتروني لا تُعرف حدوده الفكريّة والجغرافيّة. ومن خصائص العامّة لهذا الجمهور (الرقمي) أنّه عاطفي سريع التأثر تظنّه لا يدوم طويلا ثم تجده يكمن متربصاً ثم يعود عنيفاً صاخباً أحياناً بتأثير خبراء القوة الناعمة من خصوم المنظمة ومنافسيها.
قال ومضى:
لو لم يعطِ قائد الأوركسترا ظهره للحشود لما ظهرت أروع المعزوفات.
بقلم/ د. فايز الشهري -الرياض