السعودية وروسيا مصالح استراتيجية
العلاقة بين المملكة وبين روسيا طويلة ومليئة بالتغيرات، بدأت كما يقول التاريخ بالزيارة التي قام بها الملك (الأمير) فيصل بن عبدالعزيز لموسكو ولقائه مع زعيم الاتحاد السوفييتي ومؤسس الدولة الجديدة ثم الاعتراف السوفييتي بالمملكة وبدء علاقات طبيعية بين البلدين ولكن هذه العلاقة شابها فتور أثناء الحرب الباردة والآن تعود بقوة وبرغبة جادة من الطرفين.
الحفاوة الكبيرة التي استقبلت بها المملكة الرئيس الروسي تعكس طبيعة السياسة السعودية، لا تحالفات ولا تبعية، علاقات المملكة تمليها مصالح المملكة ورغبتها في إشاعة السلام بين دول العالم، المملكة ليست جزءاً من أي استقطاب، ما زالت وفية لمبادئ عدم الانحياز، أميركا صديقة للسعودية وبين الدولتين تحالفات كبرى ولكن هذا لا يؤثر ولا يمنع إقامة علاقات وثيقة مع روسيا، سبق للمملكة أن أكدت علاقتها مع الصين بالزيارات المتكررة التي قام بها زعماء هذه البلاد وآخرها زيارة ولي العهد لبكين العام الماضي، التوازن في العلاقات مع الدول الكبرى أساس الاستقلال وأساس السلام.
عدم تأثير اختلاف موقف المملكة عن الموقف الروسي في المسألة السورية نموذج للحكمة السياسية، الزعماء الحكماء لا يخلطون الملفات طالما أنها لا تمس الأمن القومي المباشر للدولة، العالم على كل المستويات يعيش خلافات ويلتقي في مصالح، تعزيز المصالح المشتركة بين الدولتين هي الطريقة الأفضل لتقريب وجهات النظر في الملفات المختلف عليها، تتفهم المملكة الموقف الروسي في سورية وتتفهم روسيا الموقف السعودي في الملف السوري وهذا التفهم يدفع إلى الاقتراب إلى الحد الذي لا يسمح بتطور الخلاف إلى الأسواء، الأمم باقية والخلافات والصراعات زائلة.
زيارة الرئيس الروسي للمملكة تأتي في إطار هذه الرؤية الاستراتيجية، تأكيد على المبادئ وتحجيم الخلاف في المواقف حول بعض القضايا، يكفي أن الرئيس الروسي يتفهم موقف المملكة من الأزمة اليمنية، يدرك أن المملكة تعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وروسيا عضو دائم في مجلس وواحدة من الدول التي أكدت على الشرعية في اليمن، تقارب وجهتي النظر بين الدولتين حول قضية الشرعية في اليمن سيسهم في عودة السلام إلى ربوع اليمن، لا يمكن أن تسمح المملكة أن تعم الفوضى في هذا البلد الجار، هذه الفوضى لن تؤثر على أمن المملكة فحسب ولكنها ستقود إلى فوضى عالمية، ستتحول إلى أكبر تجمع سكاني يتكاثر فيه الإرهابيين.
الملفات الخارجية ليست كل شيء، روسيا من الدول المتقدمة في مجال السلاح والطاقة ومن أكبر الدول تصديراً للنفط من خارج أوبك، ثمة مصالح استراتيجية تجمع البلدين، لقاء الزعيمين السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والروسي فيلادمير بوتين في الرياض سيكون له أثر إيجابي كبير على الشعبين ومستقبل البشرية.
بقلم/ عبد الله البخيت - الرياض