بماذا أسهمنا في مواجهة كورونا؟
أثبت فيروس كورونا كما أثبتت السوشل ميديا أن العالم أصبح قرية صغيرة، ما يحدث في الصين سيحدث في الهند وفي نيوزيلندا وفي الشرق وفي أميركا، وإذا تأخرت عوامل السيطرة قليلا سنراه يحل في كل قرية وهجرة في العالم بلا استثناء.
الأوبئة ليست جديدة وليست مؤامرة وليست أوهاما ميتافيزيقية. اجتاحت العالم قبل أن يعرف البشر إنتاج السلاح البيولوجي في المختبرات ولم تستثنِ شعبا ولا فترة تاريخية من عمر الإنسان.
تواجه الفيروسات وضعين متناقضين؛ الأول في صالح الفيروس والآخر ضده. سهولة التنقل وسرعته وتوسعه سهل على الفيروس أن ينتقل من بلد إلى آخر ومن قارة إلى أخرى ويؤذي كثيرا من البشر، لكن وعي الإنسان وتجاوزه عقلية الخرافة جعلته يعرف كيف يتعامل مع خطر الوباء وكيف يحد من انتشاره ثم يقضي عليه.
في الماضي كان الفيروس يواجه وضعين متناقضين أيضا، أحدهما في صالحه والآخر ضده، تدني التواصل بين البشر يجعل مجال انتشاره محدودا بأمة واحدة أو أمم متلاصقة فيقضي نحبه مع قضائه على البشر الذين تفشى بينهم، في الوقت نفسه كان البشر يقفون مكتوفي الأيدي أمام جبروته مما يسمح له أن يلتهم بلدات وقرى بأكملها.
عندما تضع قائمة بأسماء الدول التي دخلت سباق التحدي مع الفيروس لاكتشاف لقاح مضاد له لا تجد بينها دولة إسلامية واحدة. عندما تقرأ صحف الدول الإسلامية والسوشل ميديا وتصريحات الأطباء في الدول الإسلامية وهي تتحدث عن الفيروس وعن إمكانية توفر علاج أو لقاح له ستشعر كما لو أنك تقرأ الصفحات والقنوات الرياضية المحلية وهي تتحدث عن الدوري الأوروبي، شغف المتابعة والاستمتاع والتشجيع دون أي تأثير أو إسهام في مجريات أحداث الدوري.
تتجلى المشكلة في أن هذه المشكلة ليست موضع سؤال مشترك، ما الذي يجعلنا نستقبل المرض كما تستقبله الأمم الأخرى ثم ننتظر أن تحل الأمم الأخرى المشكلة دون أن نسهم في الحل؟، بل دون أن نفكر في الإسهام في الحل، شركاء في المصيبة ولسنا شركاء في ابتكار الحل، لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحنا أحد أهم مصادر إنتاج الأوهام والترويج لها حول أي كارثة تحل بالعالم، تسمع من يقول إن كورونا مؤامرة، وآخر يقول إن كورونا غضب، وثالث يقول إن كورونا تجارب مخبرية تسربت، حتى أصبحت هذه الأوهام إسهامنا الوحيد في الأزمات الدولية.
نفس الكلام الذي نقوله اليوم عن كورونا قلناه عن الإيدز في الثمانينات وقلناه عن تسونامي في التسعينات وقلناه عن سار وعن الخنازير وفسرنا به كل الجوائح والكوارث والحروب التي حدثت في تاريخ البشرية.. ودمتم سالمين.
بقلم/ عبد الله البخيت - الرياض