جوال رجل المرور

وصلني فيديو يتحدث فيه رجل عن تطوير في تكنيك العقوبات، أن تساند رجال المرور بتصوير المخالفات مقابل إسقاط مخالفتك، لا أعلم هل هذا التكنيك مطبق في الولايات المتحدة أم في زيمبابوي، بصرف النظر عن المخترع ذكرني، هذا الاختراع الجديد بنكته كنا نرددها عندما ما بدأ ساهر نشاطه المالي: (اقطع الإشارة ثلاث مرات والرابعة مجاناً).

لماذا هذا البحث المضني عن حلول خيالية والحل بين أيدينا، ثلاث كلمات تحل كل المشكلات المرورية: (تشغيل رجل المرور)، في كل مرة أشاهد رجل مرور يجلس في سيارته عند إشارة مرور أتابع حركات أصابعه وانعطافة كتفيه إلى الأعلى ودلدلة رأسه إلى الأسفل يتبين لي ولغيري أنه مشغول بالجوال، هذا المشهد المتكرر يختصر كل المشكلات المرورية التي نعاني منها، في كل عمل في الدنيا لا يمكن الاكتفاء بالعقوبات والتكنولوجيا، العقوبات والأجهزة المستوردة هي رديف لعمل الإنسان، تغطي ما لا يمكن للإنسان القيام به أو تسرع أو تحسن ما يقوم به، ولكنها لا يمكن أن تكون البديل. لك أن تتخيل لو أن رجال الشرطة أو رجال المباحث تركوا أعمالهم للأجهزة والعقوبات وتفرغوا لجوالاتهم، ما الذي يمكن أن يكون عليه البلد؟

المرور اليوم هو عصب الحياة الحديثة، يمس الجميع، أكثر أهمية من أجهزة الأمن المختلفة، يؤثر على سلوك الناس وعلى أخلاقهم وعلى اقتصاداتهم وينزع أرواحهم. المرور هو الشريان الذي يأخذني للعمل والبيت والسوق، الرحلة من البيت إلى العمل تؤثر على نفسيتي وسلوكي وقدرتي على الإنتاج، تؤثر على علاقتي بأهلي وبيتي والناس.

منذ اللحظة التي تتحرك فيها السيارة يتغير سلوك الإنسان في شوارعنا، يتحول من إنسان حبيب وفاضل ومتعاون وكريم إلى إنسان شرس، لكي تعرف هذا لاحظ سلوك سائقي السيارات معك ومع غيرك، لا يوجد تعاون على الإطلاق، تحس أن الجميع في معركة، أحياناً تشعر أن قائد السيارة الأخرى يكرهك، لا يتعاون معك على الإطلاق، لا يمكن أن يسمح لأي إنسان أن يعبر الشارع أو للسيارة الأخرى أن تنتقل للمسار الذي يسير فيه، هذه مشاعر طبيعية بسبب المفاجآت المخيفة التي ينتظرها الإنسان عند قيادة سيارته في شوارعنا.

منذ أربعين سنة وكلنا نسمع عن حملات المرور ونصائح المرور وتهديدات المرور وتغليظ العقوبات وتوريد الأجهزة الفاخرة ولكننا لم نسمع عن أي تطور أو تغير على رجل المرور نفسه.

الإنسان هو الأصل، التهديدات والنصائح والأجهزة والعقوبات ليست سوى قوة مساندة تعينه على تحسين عمله، لا أعلم كم ساعة على رجل المرور أن يجلس في نوبته، مهما كان عدد الساعات التي ينفقها جالساً في سيارته عند الإشارات فالرجل عملياً غير موجود.

حل مشكلة المرور في نظري يقوم على تدريب وتطوير رجل المرور والأهم سحب الجوال من بين يديه حتى ينتهي من نوبته.

بقلم/ عبد الله البخيت - الرياض