سيول جدة مرة أخرى

سيول جدة من جديد، ولكنها لا شك ليست كما حدث سابقا من وفيات وكارثة تجاوز فيها عدد الوفيات 120 تقريبا، غرقت معها جدة، ولكن صدرت قرارات محاكمة ومحاسبة لكل من له دور في ذلك وإلى اليوم هي منظورة بالمحاكم. المشاريع أتت جدة، ولكن مشكلتنا دوما هي بناء الأحياء والشوراع قبل البنية التحتية المتكاملة وأكرر متكاملة، فلا أحياء متكاملة لدينا إلى اليوم، وهي بحكم النادر، مثل نادٍ رياضي تكامل المدارس العناية الصحية من مستوصفات وغيرها، ناهيك عن الصرف الصحي والمياه والكهرباء بالطبع. لازلنا نعاني من الأحياء المتكاملة النموذجية، رغم أنه لا شيء يمنع من ذلك، جدة من جديد الصور تحكي أكثر من أي حديث، الصرف للمياه لازال يعاني، تحسن نعم موجود، لكن لماذا لا تكتمل كل المنظومة؟ في حين " لو" تم بناء كل حي متكامل من البداية لما احتجنا لكل هذه القصص، بمعنى لا يسمح ببناء أي حي أو منزل إلا متكامل الخدمات، حين توضع هذه الضوابط الصارمة فلن نجد حيا أو منزلا ينقصة الخدمة. لنقل من جديد كل شيء ذهب الآن، ولكن ماذا عن القادم؟ لماذا لا نضع هذه الضوابط، لا حي ولا منزل يبنى بدون تكامل الخدمات كليا لا نواقص، لأن الخلل يعني خللا أكبر وكرة ثلج تكبر وتكبر فيجب الحلول تبدأ من الأول لا النهاية.

لماذا تغرق جدة؟ أو لنقل انتهى الغرق بمعنى أدق وبقي تصريف المياة للأمطار، هل هو مستعصي الحل؟ هل العذر أن كمية الأمطار بوقت قصير كبيرة وخارج السيطرة؟ ممكن نعم ونقبل، ولكن لا يجب أن يكون هذا هو السبب والعذر الدائم، فهي أعذار اصبحت من الماضي، أوروبا نعرفها جيدا ويحصل بها غرق وفيضانات وشرق آسيا، ولكن هذه نوادر، ولكن الثبات أن هناك تصريفا كليا للأمطار، فلا تتعطل مصالح ولا يتضرر الناس، ويجب أن يكون لدينا سرعة المعالجة، لا يجوز أن تظل المياه لفترات طويلة بلا صرف سيول أصلا، وهذا ما يضع علامات استفهام ماذا استفدنا من كارثة جدة السابقة... الحلول يجب أن تكون مستدامة لا وقتية، وشاملة لا جزئية، وأن يكون هناك مراقبة ومتابعة للمشاريع فلا يتوقف شيء، لا يجوز أن تتكرر نفس السيول ولم نستفد من الدرس بحلول شاملة كاملة كافية، لا يجب أن يحدث ذلك، ولن نمنع القدر ولا الأمطار ولا الفيضان، ولكن بيدنا تقليل المخاطر والضرر، ونجتهد ونعمل ولن يلام أحد بعد جهده وتعبه، أتمنى أن نكون متفهمين وواثقين أن العمل موجود، والدروس كثيرة والاستفادة منها أساس مهم وواجب.

حين لا نتعلم من الأخطاء وتتكرر سيكون الخلل من جديد هو نفسه بل وأصعب من ذلك بكثير، وهذا ما لا نريد تكراره او وجوده، وهو ما يفترض عليه اليوم أننا تعلمنا من كل الأخطاء ولا مجال لتكرارها. 

نقلاً عن صحيفة " الرياض"