النفط.. والعالم يعود
منذ بداية أزمة "كورونا"، كان الضحية الأولى هو الإنسان، والثانية هو الاقتصاد العالمي، ومع توقف العالم والحجر الصحي، لم يصمد العالم كثيراً في مواجهة الأزمة، وقد فعلت معظم دول العالم كل الاحترازات الضرورية المهمة، لكي تخرج من الأزمة بأقل الأضرار وأسرع وقت. وكان الأكثر تضرراً أسعار النفط التي تراجعت لمستويات العشرين دولاراً مما أفقد أسواق البترول توازنها، وأربك الدول المنتجة، وهذا تزامن مع انخفاض الاستهلاك العالمي خاصة الصين وبقية الشرق الآسيوي، وأميركا، وأوروبا، مما أضعف الطلب بنسبة تقارب بين 30 و40 % خلال بداية أزمة "كورونا"، وهنا تدخلت منظمة أوبك مع دول خارج أوبك خاصة روسيا أحد أكبر الدول المنتجة للنفط دخلت اتفاق أوبك لخفض الإنتاج الطوعي، وهو ما حدث وأيضاً من المملكة التي خفضت إنتاجها طوعياً في شهر يونيو بمقدار مليون برميل، اتفاق أوبك بلس والذي قادت المفاوضات برئاسة وزير النفط السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان عراب الاتفاق والذي نجح بتحقيقه، وأعاد لأسعار النفط قوتها من جديد، وهذا ما حدث حين تجاوزت الأسعار 40 دولاراً.
أهم ما يمكن النظر له مستقبلاً هو إلى أين ستتجه أسعار النفط؟ الواضح وفق الرؤية الأولى الآن أن الأسوأ أصبح خلفنا فيما يخص أزمة "كورونا" وبداية فتح اقتصادات الدول خاصة الصين أكبر مستورد للنفط حتى أنها في شهر مايو قامت باستيراد أكبر كمية في تاريخها 11.4 مليون برميل، وهي التي تستهلك شهرياً ما يقارب 14 مليون برميل، وعادت عجلة الاقتصاد للدوران لديها، وأيضاً الولايات المتحدة التي خفضت حجم البطالة من 16 % إلى 13 % خلال أسبوعين وهذا له انعكاسه الاقتصادي، أما منتجو النفط الصخري وهم المتضررون وأصبحوا يعانون الخروج من السوق وهم يستهدفون أسعار بمستويات 50 إلى 70 دولاراً، وتوقفهم وإغلاق الآبار ليس من السهولة عودتها حتى مع تحسن الأسعار، دول الأوبك وخارج الأوبك مددت الاتفاق إلى شهر يوليو، وقد يمتد لأكثر، ولكن عندها سيكون هناك خفض وتراجع للفائض في السوق، مما يعيد التوازن للسوق مع نمو الطلب وانحسار الصخري، وهذا ما يحقق أفضل توازن للأسعار التي قد تصل لمستويات أعلى ما لم يكن هناك أي متغيرات تؤثر على النفط مباشرة "كموجة ثانية لكورونا" يظل احتمالاً حتى وإن كان ضعيفاً، ولكن الصورة في العالم هي فتح الاقتصادات، ضبط الحصص، خفض الفوائض النفطية، الالتزام بالاتفاقيات، نمو الطلب، تراجع الصخري، وهذه العوامل المشتركة متى استمرت وضبطت، ستعني مستويات سعرية لن تبتعد عن 50 دولاراً أو تزيد مستقبلاً.
بقلم / راشد بن محمد الفوزان - الرياض