النجاح ومفترق الطرق!

كلما انتهى موسم الامتحانات وأعقبته نتائجها أصبح خريجو المدارس الثانوية وغيرهم أمام العديد من الخيارات التي يحار بعضهم حيالها.. كيف لا وهم إنما يسيرون في الواقع على طريق الحياة الطويل.. وهو طريق مع طوله متشعب إلى طرق.. والطالب كغيره من الناس يسير في بداية الطريق حتى إذا وصل إلى مفترق الطرق احتار.. أي طريق يسلك؟ وأي منهج يسير عليه؟ وهو إما أحسن الاختيار وسلك الطريق الملائم له ولكفاءاته ومواهبه الفطرية التي أودعها الله فيه فنهج وأبدع، وإما أساءه فأخفق فيه وتعثر، وإن إخفاقه في سلوك طريق معين لا يعني أن كل طريق ستصعب عليه، وكل درب سيتعثر فيه. فهو إن أخفق في طريق فسينجح في آخر، وإن تعثر في درب فسوف يهتدي إلى آخر وإن لم تكن مواهبه وكفاءاته ملائمة لعمل ما فستلائم عملا غيره لا محالة. فالتوازن موجود في النفس البشرية كما هو موجود في الكائنات الحية الأخرى. فإن لم يكن هذا الإنسان موظفا فسيكون صانعا، أو طبيبا أو تاجرا أو مدرسا أو مهندسا أو أديبا، ويندر أن تجد إنسانا قد فشل في المجالات كلها أو أخفق في كل الأعمال وإن ادعى ذلك. فالحقيقة أنه لم يجرب أعمالا خلق من أجل أن يعمل فيها ولم يستطع بعد أن يجد هذا العمل فلا حياة مع اليأس، اليأس قاتل والقنوط كابت للمواهب الفطرية التي أودعها الله فينا. الموهبة موجودة عند كل شخص والكفاءات دفينة في كل نفس وتولد هذه الموهبة مع ولادة الطفل، يقول ص اعلموا فكل ميسر لما خلق له. ومن ذلك يمكن أن نستلهم علاج اليأس من الناس، فهذه الحقيقة تشحذ الهمم وتدعو إلى النهوض والإنتاج واكتشاف مواطن النجاح والإبداع في النفس والسعي إلى اكتشاف القوى المعادلة لدى الإنسان وهو لا يدري. ونخلص من ذلك أنه لا يوجد إنسان فاشل، وإنما هو جاهل بمواطن النجاح في نفسه، فالضعيف جاهل بمواطن القوى في نفسه، والخامل جاهل بمواطن الإبداع فيها... وهكذا. ولكن مجرد الإخفاق بعد الاختيار وتجاوز مفترق الطرق يجب ألا يكون ولأول وهلة داعيا إلى تغيير مسار الإنسان ووجهة آماله ورغباته في هذه الحياة. فقد يكون هذا الإخفاق مما يمكن أن يواجهه الإنسان في حياته من صعاب ومشاق من السهولة بمكان تجاوزها والتغلب عليها إلى حيث الإبداع والنجاح ومواصلة السير على الطريق الذي اختطه الإنسان لنفسه إلى الوجهة التي بنى آماله ورغباته عليها ليكون إن شاء الله - ما أراد لنفسه أن تكون.