التشويه البصري

غالباً ما يقاس الجمال في كل مكان بما يتم مشاهدته بالعين؛ فجمال المدينة في الغالب يكون بجمال شوارعها ومبانيها. الوضع الآن اختلف كثيراً؛ فكثير من العواصم العالمية أصبحت تتباهى وتتزين بما يتم وضعه من لوحات جمالية وإعلانية على المباني أو في الطرقات والجسور. وقد أبدعت الكثير من شركات التسويق والإعلان في ابتكار وإنتاج أشكال جاذبة جداً، يتم بها تزيين وتجميل الشكل الخارجي للمدينة وطرقاتها ومبانيها.

لدينا في المملكة بعض المحاولات من بعض الأمانات والبلديات من أجل تجميل وتزيين المدن والمباني والطرقات، ويغلبها الأسلوب التقليدي البعيد عن الإبداع والابتكار؛ فما زلنا نشاهد بعض الاستخدامات السلبية جداً ليافطات بلاستيكية، توضع أعلى الجسور، أو فوق المباني، وبجانب الإشارات المرورية؛ ففيها تلويث وتشويه بصري كبير، ولا تعكس إطلاقاً ما وصلت له مملكتنا الغالية من تقدم وتطور. وكلنا آمل بأن يكون هناك اهتمام أكبر من الأمانات والبلديات بتجميل شكل المدن والمحافظات بطرق إبداعية بعيدة عما يشوه المنظر الجمالي المطلوب. وفي تصوري، لو فُتح المجال لشركات التسويق والإعلان لتقديم ما لديها فأنا متأكد أننا سوف نشاهد أشكالاً ومناظر جميلة؛ تزيد للمدينة جمالها وتألقها، وخصوصاً لو تم استغلال واجهات المباني الكبيرة على الطرقات الرئيسة، وهذا يعد مصدر إيراد كبير للأمانات والبلديات من خلال ما تتقاضاه من قيمة إيجارية من شركات الإعلان والتسويق.

التشويه البصري لا يقتصر - للأسف - على المدينة بل يتعدى ذلك إلى كل ما نشاهده من خلال الوسائل المختلفة، سواء التلفاز أو الصحف والمجلات، أو من خلال الإنترنت وعبر الأجهزة الكفية.. ولعل كل مسؤول عن وسيلة إعلامية يدقق ويتأكد مما يتم نشره، كما أننا جميعاً نحن المستخدمين للشبكات الاجتماعية علينا مهمة ومسؤولية بأن ننتقي ونختار المناسب فقط لنتبادله بيننا، وأن نحذف كل ما يشوه بصرنا وبصر الآخرين.

* نقلاً عن صحيفة "الجزيرة"