في بيتنا طائفي

 التصنيف الطائفي حاضر بيننا شئنا أم أبينا، ولو التفتّ يمينا تجاه أي شخص إلى جوارك في البيت أو العمل أو بين الأصدقاء، تسأله عن طائفة بعينها ستجده يفسق ويكفر ويخرجهم عن الملة، وستجد بعضهم يحمل في قلبه حقدا كبيرا على بعض المِلل، وكل له أسبابه وقناعاته.

الشاب السني الذي يسمع أن الشيعة يلعنون الصحابة ويقذفون أم المؤمنين، وقد يكون شاهد ذلك في مقاطع الفيديو، يأخذه التطرف ضدهم إلى أبعد حد، ويزيد من ذلك رجال الدين الذين فرغوا أنفسهم في شبكات التواصل الاجتماعي للطعن في المذهب الشيعي وتكفير أهله والتحريض عليهم.

وهنا تقع المسؤولية على أبناء الشيعة أنفسهم، إذ يتطلب منهم أن يوضحوا لإخوانهم السنة أن من يفعل ذلك، يشتم ويلعن صحابة رسول الله وزوجته، ليسوا سوى مجموعة غلاة، لا يعتد برأيهم ولا يؤخذ منهم، وأن المذهب نفسه لا يقر ذلك ولا يتبناه. صمت الشيعة عن غلاتهم من أمثال ياسر الحبيب الذي تخصص في القذف والشتم وتشويه صورة المذهب الشيعي في نظر كل المسلمين في العالم، هو محرض كبير على استعدائهم من العامة ومن أسباب هذا التقسيم الطائفي المقيت وما له من تبعات ونتائج صرنا ندفع ثمنها في كل مكان. اليوم، مطلوب من عقلاء الشيعة ومشايخهم أن يتوقفوا عند هذه المسألة لتوضيحها، وأن يصدروا بيانا يؤكدون فيه احترامهم لكل الرموز الدينية، وأن ما يقوم به الغلاة لا يعدو كونه تصرفا شخصيا ليس من المذهب في شيء، ولتكن مبادرة وطنية تاريخية لرأب الصدع والتقريب الفكري وربما حقن الدماء.

الشيعة مسلمون يصلون مثلما يصلي السنة، ويصومون ويحجون ويقرأون القرآن ويصلون على النبي ولا خلاف على ذلك، غير أن إشكالية سب الصحابة وقذف عائشة هي المنفذ التي يلج منه من يتتبع السقطات، وهو ما يتوجب البدء فورا بالعمل عليه وتوضيح ملابساته التاريخية، وإلا ستظل النار تحت الرماد لتشتعل مرة أخرى متى ما شاءت الظروف وحكمت الأحداث.

 نقلاً عن صحيفة "الوطن"