مكافحة الفساد ترسيخ للفساد
اكتشف علماء النفس والسلوك الإنساني مؤخرا أن عبارة "لا للمخدرات" التي كانت تستخدم لمحاربة المخدرات والتحذير منها؛ ما هي إلا دعاية مجانية للمخدرات ودعوة لتجربتها، واستندوا في ذلك على أن العقل اللاواعي لا يتعامل مع أداة النفي "لا" بل يعمل على ترسيخ بقية العبارة، ومع الوقت تكون "المخدرات" كمفردة ترسخت في العقل وصارت مقبولة وأصبح التعامل معها طبيعيا.
واتساقا مع هذه التجربة فإن وجود هيئة لمكافحة الفساد يأخذ نفس المفهوم السابق، فمجرد وجود كلمة "فساد" في مسمى إدارة حكومية رسمية، يعتبر بشكل أو بآخر تمريرا للمفردة وترسيخا لمعانيها داخل العقل ومع الوقت يكون الفساد جزءا من ثقافة سائدة، دون وعي أو دراية، لنجد أنفسنا أمام مقاومة مقلوبة، ينتشر معها الفساد بدلا من القضاء عليه.
إنشاء الهيئة يحمل كل النوايا الطيبة ولا أحد يشكك في ذلك، وهو جزء من منظومة الإصلاح الكبيرة التي يتبناها الملك وقيادة البلد، لكن المسمى يحتاج إلى وقفة وإعادة نظر وربما عقد جلسات مع بعض الاختصاصيين لإعادة تسمية الهيئة بما يتوافق مع أهدافها النبيلة، كأن تكون الهيئة العامة للضمير، أو الأمانة أو هيئة دعم المخلصين.
وبدلا من التركيز على المشكلة وهي الفساد، فلنركز على الحلول، ولتكن الهيئة لدعم المجتهدين ومكافأتهم والحث على العمل الطيب بدلا من التحذير من العمل السيئ الذي سيكون سيد الموقف لو استخدمنا اسمه كثيرا.
طلبوا من الأم تريزا المشاركة في مظاهرة مناهضة للحرب فقالت لهن: لن أشارك، وإذا كان هناك مظاهرة لدعم السلام سأكون أول المشاركين.
نقلاً عن جريدة"الوطن"