الصورة لغة الجيل

 دهمتني أحاسيس بالغربة أثناء حفل افتتاح ملتقى ألوان السعودية الذي اختتم السبت الماضي، إذ إن أغلبية الحضور كانوا يتسلحون بعدسات التصوير الخاصة بهم، بينما أنا أتوكأ على عكاز الكلمة، والجيل الذي يحيطني هو جيل "السيلفي" و"الإنستاجرام" و"فلكر" وسواها من مواقع ترفع شأن الصورة، وتعطي للكلمة هامشا أقل. عبقرية التدوين النصي والمسموع والمرئي الحالي تتبدى في الاختصار، فالمساحات كلها تنحاز للصورة، والكلمة يبقى وقعها وسحرها مرتبطا بعصر الصورة ويدور في فلكها.

لكن بعض إعلامنا العربي، لا يزال ينحاز لسرف الكلام، ويقيس القيمة بالطول وعدد الكلمات، والنتيجة إخفاق في إيصال الرسالة.

الحقيقة أنني شعرت بالغيرة ـ أو لنقل أصابتني العدوى ـ خلال زيارتي إلى ملتقى ألوان السعودية، فلجأت إلى التصوير من هاتفي وإرسال بعض التغريدات حول الفعالية.

فوجئت بأن عدد المتقدمين للمسابقة الثالثة للتصوير تجاوز 1700 مشارك من الشباب والفتيات. هذا الرقم يلخص ظاهرة تسيد الصورة. وكل تطبيق حديث يضاف إلى الهواتف الذكية يغذي شهية التصوير، فأصبح البعض يصور نفسه أو يصور الطبق الذي أمامه أو أي مشهد آخر. وصار من المعتاد أن ترى من يرفع هاتفه وهو يهمس له، لتنتقل همساته المصورة عبر السناب شات لتقول أنا هنا.

من هنا يصبح من المفهوم أن يكون للصورة الهاتفية مكان في مسابقة ألوان السعودية، وكانت صور الفائزين العشرة في مسابقة الهواتف الذكية مدهشة للغاية، ولا أظن أن بعضها كان بالإمكان اقتناصها من خلال عدسة كاميرا احترافية لأنها وليدة لحظة قد لا تنتظر عدسة الكاميرا الاحترافية.

خلال أكثر من ورشة شهدها الملتقى، كان الحديث عن الصورة، وعن معاناة المصورين، وهذا ما لمسته حلقة الثامنة مع داود البارحة الأولى أيضا. إن الصورة أصبحت لغة جيل، ووسيلته للتعبير عن الفرح والأمل والألم والغضب أيضا.

نقلاً عن جريدة " الاقتصادية"