كيف طارت من الهلال؟!

خطف سيدني الأسترالي كأس أبطال دوري آسيا لكرة القدم بعد أن كانت البطولة في متناول يد الهلال، ومن مهرجان أهداف أزرق «متوقع» عطفا على فارق الإمكانات الفردية والجماعية بين الفريقين تحولت الأمسية إلى كابوس كروي لن يسقط من الذاكرة الرياضية السعودية.

خسر الهلال البطولة التي توقعت أن تكون من نصيبه مثل كثيرين غيري لأن الهلال الذي جهز ليقاتل ظهر في الحضيض فيما يتعلق بالجانب الذهني أو العقلي، وعندما يخسر فريق في مجموع مباراتين رغم استحواذه على الكرة وفرض نفوذه بالطول والعرض وإضاعته عشرات الفرص فإن ثمة خللا لا يمكن التغاضي عنه، لأن من غير المنطق أن نلوم سوء الحظ على ضياع بطولة لم يكن أكثر المتشائمين الهلاليين يتوقع أن تذهب لغير الزعيم.

يتحتم علي بداية أن أشير إلى التألق التاريخي لحارس سيدني الذي أراه امتدادا للتأقلم العجيب لحراس المرمى في كأس العالم الأخيرة، كما أن دفاع سيدني وخاصة وسط الدفاع قدم درسا في القدرة على القتال والصلابة والتموقع، ولا أنسى أخطاء الحكم المؤثرة التي كانت كلها ضد الهلال وقد اعتمدت على رأي الحكم العالمي السابق جمال الشريف الذي أكد أن الحكم لم يحتسب ركلتي جزاء للهلال، ثم إن مدرب الهلال لم يكن موفقا في تركيبته العناصرية فضلا عن طريقة اللعب وكنت أتوقع أن يغير طريقته إلى 4 - 4 - 2 عطفا على واقع المباراة وضرورة الفوز بعد الخسارة في الذهاب بهدف.

كل هذه النقاط وضعتها في اعتباري، لكن الحظ لا يمكن أن يكون هو كل المباراة، مع إيماني الكامل بمعادلة الأداء التي تتمثل في المقدرة والعطاء والظروف، ولا شك أن الحظ في عالم التنافس في اللعبة الرياضية له دوره وتأثيره ولكن ليس بالنسبة التي يبالغ البعض بتحديدها.
ولذلك أرى بعيدا عن الأسباب التي ذكرتها وساهمت في إسقاط الهلال مثل التحكيم أن غياب التركيز تحديدا الذي يعتمد على الإعداد الذهني من أبرز أسباب فشل ممثل الكرة السعودية.

لم يقصر أفراد الهلال، قاتلوا وكافحوا وتعبوا كثيرا، فرضوا سيطرتهم رغم كل العقبات، ومع ذلك كانت الخسارة لأن ضياع الفرص على هذا النحو لا يمكن أن نلوم الحظ عليه بقدر ما نلوم سوء التركيز، وإلا كيف يكون الحظ سيئا على مدى أكثر من 180 دقيقة؟!

نتحدث كثيرا عن رعونة التهديف لكن الأصح هو سوء التركيز بسبب ضعف الإعداد ولا أنسى ضعف مهارة التسديد أصلا وهي أحد عيوب اللاعب السعودي على العموم.

لم يكن لاعبو الهلال رغم الحماس والقتال مع الفوارق الفنية التي تأتي لصالحهم في كامل الصحة والعافية من ناحية الحضور الذهني، ومن هنا جاءت الخسارة الهلالية التاريخية.

الخسارة درس ليس للهلال، بل درس كروي مهم لكل فرقنا في مثل هذه المنافسات وأمام فرق مثل سيدني تأسس حديثا لكنه بنى استراتيجية مدروسة حسب إمكاناته ونجح بامتياز.

الفوارق الفنية لم تفد الهلال، لأن كرة القدم شاملة في جوانبها، أكبر من مجرد فوارق فنية مع الاعتراف بأن الفارق الفني العناصري هو الأساس.

نقلاً عن جريدة"الشرق الأوسط"