عزف منفرد (القرار الخطأ)

على غير المتوقع خرج سامي الجابر راضياً أو مكرهاً من عباءة التدريب، وانسل منها للأبد وهو يوافق على العمل في النادي العربي القطري مديراً رياضياً أو خبيراً فنياً أو مشرفاً عاماً على جهاز كرة القدم بالنادي. وكلها مناصب وإن علت تظل مهماتها إدارية بحتة وبعيدة جداً عن تحدي التدريب الذي وضع فيه قدماً، لكنها لم تخط إلا خطوة واحدة كانت مثيرة للجدل حد الضجيج والفوضى والإشغال عن المهمة حتى تم إيقافها بفعل فاعل.

لأمور أبعد ما تكون عن الاحترافية أو الخبرة الفنية أو حتى الدراية الإدارية. مشروع جمع شركاء النجاح سامي والهلال والجمهور، لكن فتح الباب على مصراعيه لأعداء النجاح من شخصيات وإعلام مضاد أكثر الهرج والمرج، وأدخل التدريب في متاهات لا علاقة له بها، وجعله وسيلة للنيل من الشخص نفسه، وتتبع حركاته وسكناته لتنفيره وإخراجه منها بكره، وهو ما وجد صدى لدى أهل البيت نفسه الذين كانت استجابتهم أسرع مما يتخيل خصومهم، فاجتمعوا لوأد المشروع في مهده وإفلاس الشركاء وهو ما كان، فمضى كل إلى غايته. هم سرعان ما اختاروا البديل، وهو غادرهم إلى قطر ووقع عقداً جعل الكارهون يرفعون عقيرتهم شماتة وسخرية، ويؤكدون أن قبول المنصب يعني اعترافاً من سامي بفشله في التدريب، وفي هذه صدقوا وهم كاذبون، فهم أول.

من يعرف أنه تنقصه الخبرة فلم يمارس التدريب إلا موسماً واحداً وفي وسط رياضي متشنج مبغض، وهم أول من ينادي بمنح الفرصة كاملة لأي مدرب، وهم أيضاً أول من يلتمس الأعذار للأجنبي عندما يعاني النقص أو تتربص الإصابات بلاعبيه، وهم الذين غضوا الطرف عن كوارث غيره وسلطوا عليه الآلة الإعلامية آناء الليل وأطراف النهار. وفي المقابل كانت الأماني أكبر من واقع الحال، إذ كان المحبون يتمنون أن يواصل سامي مشروعه لوحده أولاً بمواصلة تطوير نفسه وزيادة حصتها من خطط التدريب وبرامجه، وليكن على حسابه الخاص، وعندما تنضج الخبرة سيجد الأندية تتسابق على التعاقد معه أو أن يتولى مهمة تدريب أي ناد، وفي ذلك تحد للحاقدين واكتساب خبرة تراكمية بعيداً عن أهواء أعضاء الشرف وحسد زملاء وأصدقاء الأمس وضغوط الإعلام المضاد، لذا كان القرار الذي أجزم أن سامي سيقول يوماً أنه القرار الخطأ في حياتي.

وربما يتسبب ذلك بانخفاض أسهمه وتواريه عن المشهد الرياضي عامة والهلالي خاصة، وإصلاح ذلك سيكون عندئذ باهظ التكاليف.

نقلاً عن "الحياة"