الوجبات السريعة .. أخطار صحية واجتماعية

يزداد يوما بعد يوم انتشار المطاعم السريعة، ويزداد بسرعة أكثر إقبال الناس على تلك المطاعم، والأسرع من ذلك اكتشاف سلبيات تلك المطاعم ومضارها، ولكن البطيء جدا تجاوب الأسر والأفراد مع تداعيات الاعتماد على السرعة وخصوصا فيما يتعلق بالطعام، وبخاصة أن الأضرار الناتجة عن ذلك لا تقتصر على الصحة التي هي العنصر الأهم، بل تتعداها إلى أضرار اجتماعية واقتصادية مختلفة. يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن زيادة الاعتماد على مطاعم الوجبات السريعة ناتج عن اهتمام الناس بالوقت وحرصهم على العمل والإنتاج، فليس لديهم الوقت الكافي لإعداد موائد الطعام المتنوعة، وإذا كان هذا الأمر صحيحا في بعض المجتمعات الغربية، فإنه خيال في مجتمعاتنا العربية، التي تقضي أوقاتها لعبا ولهوا ونوما، خادمات وسائقون يقومون بأعباء الحياة اليومية، وأمهات مشغولات بالقيل والقال بالهاتف الثابت والنقال، والآباء مع الشلة وفي الديوانيات، والأبناء ما بين هؤلاء وهؤلاء، يجدون وقتا ممتعا يقضونه في ربوع هذا المطعم السريع، أو ذاك الأسرع، لينطلقوا كالصواريخ إلى اللهو واللعب ومضايقة الناس. لا شك أن مطاعم الوجبات السريعة أوجدت ملاذا لأولئك المشغولين (حقا) وخصوصا الأفراد غير المتزوجين، لكنها أفرزت ظاهرة سلبية، تتضمن مشاهد متعددة من الأضرار، منها على سبيل المثال: ـ صحيا: يدفع مرتادو تلك المطاعم ضريبة باهظة غير مرئية، فالسرعة لها ضريبة، لأن تحضير الطعام بشكل سريع يستدعي استخدام مواد مضافة، وكيماويات ما يعلم كنهها إلا الله تعالى، ومع السرعة، فليس هناك وقت كاف لمراقبة الجودة ومتابعة السلامة في المواد المستخدمة وطريقة الطهي. - اجتماعيا: ساهمت في تفكيك الأسرة، حيث تجد الأم مع صاحباتها في مطعم، والأب مع الشلة في آخر، والأبناء وأقرانهم في ثالث، ولا تجتمع الأسرة إلا عند المنام، وقد يرون بعضهم بعضا في الأحلام وقد لا يحصل. ـ اقتصاديا: أدخلت تلك المطاعم على ميزانيات الأسرة بنودا جديدة، وحملتها بأعباء إضافية، الأسرة في غنى عنها، فأصبح رب الأسرة يحسب حساب تلك المطاعم قبل حساب فواتير الخدمات والعلاج والدراسة وغيرها، وكأن الحياة لا تقوم بدونها، والمشكلة الأدهى أن تحولت الرغبة إلى عادة وأصبحت العادة طبعا، ولم يعد يستطيع الشخص أن يتخيل حياته دون الأكل بسرعة. والله تعالى أمرنا بعدم التعجل حيث قال تعالى: خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون لأنه سبحانه وتعالى يعلم أضرار السرعة والتعجل، فهي تفقد التركيز، وتبعث على الإرباك، وتقلل الجودة، وتصرف المال من غير تدبر، وعادة ما يخسر الإنسان بالتعجل أضعاف ما يخسره بالتأني. نحن مدعوون إلى التأني في المأكل والمشرب وسائر أمورنا، ومطاعم الوجبات السريعة مع ما قد يكون لها من حسنات معينة، إلا أن التخفيف من ارتيادها، سيكون من صالح الأسرة أولا والمجتمع بعد ذلك، وإذا كانت الدعاية مغرية والعروض فتانة، فإن عقولنا في رؤوسنا ونستطيع تقدير ما يحقق مصلحة أنفسنا ومن معنا. وفي هذه العجالة لا ننسى أولئك الذين يتضورون جوعا ولا يجدون وجبات سريعة إنما يواجهون موتا بطيئا، فهلا آثرناهم ومددنا يد العون لهم؟