في المطبخ الشركسي....الوجبات بالعشرات!!

عمل الشراكسة على مر القرون في رعي الماشية وفي تربية الطيور والزراعة. وقد تميزت هذه النشاطات بالتخصص التام، فهناك رعاة البقر ورعاة الغنم والأوز وغيرها، وشكلت الزراعة أيضا مهنة أساسية شملت مختلف أنواع الحبوب والفواكه والخضار. تجدر الإشارة إلى أن هذا الاهتمام بالرعي والزراعة كان بطبيعة الحال، ولا يزال، خاليا من التداخلات الكيمياوية، لأن الأرض بخصوبتها ووفرة مياهها العذبة تغني عن أي معالجة كيمياوية لزيادة الإنتاج، ولعل هذا واحد من أهم الأسباب التي جعلت هذا الشعب يتمتع بصحة جيدة وأعمار طويلة نسبيا كما هي سنة الله في خلقه بربط الأسباب بالمسببات. وكغالبية الشعوب، يعتمد الشراكسة في طعامهم على ثلاث وجبات في اليوم، الإفطار ويتكون من الشاي والشلامة أو الخبز والجبن الطازج أو المقلي واللغم والبيض وأحيانا اللحوم المسلوقة الساخنة أو الباردة. ثم الغداء ويتكون في معظم الأحيان من اللحوم، أما العشاء فيقتصر على الحليب ومشتقاته ثم الحلويات والخضار. وقد احتفظ الشراكسة الذين هاجروا إلى تركيا وبلاد الشام بعاداتهم في الطعام، ولكن الكثير منها تغير بفعل الظروف والبيئة وإن كانت الوجبات الرئيسة لا تزال موجودة. أطعمة من الطبيعة! ولعل الكثير من هذه الوجبات يتماثل مع ما عند سائر الشعوب وبخاصة دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي تبلغ العشرات في تعدادها سواء في المأكولات الباردة والمقبلات أو في الشوربات أو في لحوم الطيور أو في الألبان والحبوب والحلويات. وما يميز هذه الأنواع على اختلافها أنها كانت تؤخذ من الطبيعة التي لم تلوثها مفسدات البيئة الحديثة. وسنقتصر هنا على تقديم أهم الوجبات مما بقي متداولا حتى الآن، مع ملاحظة أنه بالإمكان التصرف في هذه الوجبات في أثناء إعدادها بما يناسب ذوق من يعد الطعام ومزاجه، أو من يقدم له كما هو معروف في كل مجتمع. تعد وجبة الشبس ـ باسطة الوجبة الرئيسة عند الشراكسة، وتقدم في مختلف المناسبات، في الأفراح وسواها، كما يعتبر الوجبة الرئيسة في كل بيت لكنه لا يعد يوميا. المكونات: دجاجة + فنجان زيت أو سمنة + ملعقة فلفل أحمر حلو كبيرة + ملعقة فلفل أحمر حار (حسب الرغبة) + نصف فنجان طحين قمح محمص + كوب جوز + رأس ثوم كبير + كوب برغل للباسطا + نصف كوب أرز + 2 كوب ماء مغلي + ملح + بصل وثوم. طريقة الإعداد: تنظف الدجاجة جيدا وتقطع حسب الرغبة ثم يفرم البصل ناعما ويقلى بالزيت حتى يصفر، ثم يترك جانبا حتى يبرد، وبعدها يضاف الفلفل الأحمر ويحرك جيدا، ثم يصفى السمن من الوعاء ويترك القليل منه بالوعاء نفسه، يضاف الدجاج المقطع على البصل ويقلب مدة ربع ساعة ثم نضيف الماء المغلي ونغطي الوعاء ونتركه على النار حتى ينضج الدجاج. ندق الثوم مع الملح ناعما ونضيف إليه قليلا من المرق حتى يصبح كالصلصة ثم نثوم الدجاج به، نضع الطحين المحمص في الخلاط مع قليل من مرق الدجاج ونضيفه إلى خليط الجوز الذي يتم بطحن الجوز في الخلاط مع قليل من مرق الدجاج ويوضع على نار معتدلة، يحرك المزيج جيدا بملعقة خشبية باستمرار إلى أن يغلي. نضيف باقي صلصة الثوم المطحون ويترك وهو يغلي حتى يتجانس الجميع معا. أما الباسطة فتتم على النحو التالي: يغلى الماء مع إضافة الملح ثم نضيف البرغل مع الأرز بعد غسله جيدا، وبعد أن يغلي نخفف الحرارة ثم نتركه حتى ينضج، وبعدها يعجن جيدا بملعقة خشبية خاصة، ثم يوضع في الأطباق على شكل مربعات وتقدم ساخنة مع الشبس. ويؤكل بصب الشبس فوقه مع إضافة خلطة الثوم والفلفل حسب الرغبة. ميزة هذه الوجبة أن (الشبس) يمكن أن يقدم على مدى يومين وأكثر كطعام مع الخبز والشاي بطعم لذيذ يغني عن وجبة كاملة، ومن مزايا هذه الوجبة أن طعم الدجاج لا يتغير في الأيام التالية بسبب الإشباع بمرق الثوم. أما معجنات الجبن: فهي دارجة كثيرا وتقدم في الفطور والعشاء وفي المناسبات العامة التي لا يتفرغ فيها الناس، وهو يغني عن وجبة كاملة، وعادة تقوم بكميات كبيرة أيضا. المكونات: كيلوغرام واحد طحين أبيض + بيضتان + ثوم مدقوق + ملح + لبن + فلفل أحمر +جبنة. الإعداد: يعجن الدقيق مع البيض بشكل جيد ويرق كما في الفطائر، ويوضع داخل هذه المعجنات في الماء المغلي وتسلق حتى تصبح جاهزة، وتوضع هذه القطع وهي لا تزال ساخنة في اللبن المخلوط بالثوم ويدار عليها الفلفل الأحمر المغلي بالسمن. يمكن أن يقدم هذا الطبق بشكل يكون فيه العجين في وعاء واللبن والثوم في وعاء مستقل. أما اللقم: فإنه يقدم عادة مع الشاي وفي المناسبات العامة السريعة، كما يتخذ إداما في أثناء السفر إذ يبقى محتفظا بخصائصه لأيام عديدة. المكونات: 4 كاسات حليب بودرة + 2 كيلو طحين + 3 بيضات + قالب زبدة كبير + 2 كيلو سكر حسب الرغبة + ملعقة كبيرة خميرة فورية + ملعقة صغيرة كربونات + زيت للقلي. الإعداد: يقسم الحليب إلى 2 كوب حليب بارد و(2) كوب حليب مغلي، يوضح البيض المخفوق على الحليب البارد وتوضع الزبدة على الحليب المغلي، يوضع قليل من السكر على نصف كوب ماء للخميرة، ثم يوضع السكر مع الحليب الساخن ويذوب، يوضع مزيج الحليب الساخن والبارد معا ويخلط جيدا ويضاف الطحين إلى المزيج بالتدريج مع العجن. تترك العجينة وتقطع حسب الرغبة وتقلى بالزيت، ويمكن أن تزين بالسكر الناعم. وتعتبر الجبنة الشركسية من الأنواع القديمة عند الشراكسة، وهي فضلا عن أنها غذاء يومي إلا أنها تتخذ طعاما للمسافرين، وخصوصا في مواسم الحج والعمرة وذلك بعد أن تجفف بتعريضها للشمس. المكونات: حليب + خميرة الجبنة (القندس). الإعداد: يوضع وعاء الحليب على النار، ومع بداية الغليان يصب (القندس ـ الخميرة) ببطء وانتظام حتى يبدأ الجبن بالظهور ويبقى القندس في الأسفل، بعد ذلك يفصل الجبن عن الماء الحامض وذلك بوضع الجبن الأبيض في سلال صغيرة مشبكة أو في مصفاة خاصة وتترك ريثما تتصفى من المياه، ويقلب الجبن للإسراع في عملية التصفية ويضاف الملح حسب الرغبة مع قليل من الماء ليوم واحد ثم يوضع على لوح خشبي أو يدخن (يوضع في المدخنة) أو يجفف فوق المدفأة أو في الشمس. وإضافة الماء مع الملح تحدث إذا كانت الغاية حفظ الجبن لمدة طويلة. ميزة هذه الجبنة أنها تستعمل في أنواع الفطائر وفي أطعمة مختلفة. وتتكون الحلاوة الشركسية من نصف كيلو طحين قمح + فنجان سمن بلدي أو نباتي + 2 كوب سكر + 3 كوب ماء + ملعقة ماء زهر. الإعداد: يضاف السكر إلى الماء ويترك على النار مدة ربع ساعة ثم يضاف إليه ماء الزهر، يحمص الطحين على نار هادئة مدة نصف ساعة بملعقة خشبية ثم يضاف الفطر بالتدريج مع التحريك المستمر إلى أن يصبح مثل العجين ثم يقدم مقطعا بأشكال مختلفة، وقد كانت هذه الحلاوة قديما تعجن بالعسل وبالسمن البلدي ومن صناعة محلية، وكانت تتخذ زادا للسفر بسبب ما فيها من طاقة وفائدة.