ولائمنا ..هل تحفها الملائكة؟!

تكثر الولائم والحفلات في هذه الأيام خاصة ولائم الأعراس، ومع ما فيها من أنس الاجتماع وطيب اللقاء، إلا أن كثيرا منها قد خرج عن حدود الهدي النبوي. والولائم من خصال العرب الحميدة التي جاء الإسلام بتأكيدها والحث عليها لما فيها من تقوية لأواصر المحبة وإطعام الناس وإدخال السرور عليهم، وقد وضع لها آدابا وأحكاما تهذبها وترتقي بها. من ذلك وجوب تلبية الدعوة وحضورها، وذلك لما ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها عرسا كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله متفق عليه على أن هذا الوجوب مشروط بعدم وجود معصية في تلك الدعوة، وإلا فلا يجوز حضورها إلا إذا استطاع أن يزيل هذا المنكر، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: صنعت طعاما فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع، قلت: يا رسول الله ما أرجعك بأبي وأمي، قال: إن في البيت سترا فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير. رواه ابن ماجه وأبو يعلى في مسنده بسند صحيح. وينبغي على المدعو ألا يتأخر عن الدعوة، خاصة إذا كانت الوليمة إنما أعدت له أو كان كبير القوم لما في ذلك من إيذاء لسائر المدعوين وإحراج لصاحب الدعوة. فإن صادفت الدعوة صيام المدعو فقد بين عليه الصلاة والسلام ما يجب عليه أن يفعله في هذه الحالة، حيث قال: إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليصل- أي يدعو لهم بالبركة في طعامهم- رواه مسلم هذا ويستحب الدعاء لصاحب الوليمة بعد الانتهاء من الطعام، فقد ثبت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم ومن هذه الدعوات اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وبارك لهم فيما رزقتهم ، اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني. أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون فإذا كان زواجا استحب أن يقول بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير. وحتى لا تخرج ولائمنا عن الهدي النبوي يجب الحذر من أمرين أساسيين: أحدهما: الإسراف في صنع الطعام، فقد ذم الله الإسراف في اثنتين وعشرين آية من القرآن، وعاب فاعله، قال تعالى:والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقال عز وجل يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين وإذا ما حدث أن بقي طعام فإن المفترض توزيعه على المحتاجين، أو دعوة بعض الجمعيات الخيرية لأخذه والاستفادة منه لا رميه في حاويات النفايات. أما الأمر الثاني: فهو الحذر من الاقتصار في الولائم على دعوة الأغنياء دون الفقراء، والمتخومين دون المحرومين، ومن لا يحتاجون دون من يحتاجون، وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصنيع، وعده من شر الأعمال فقال: شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء دون الفقراء وأخيرا فإنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم التكلف في الولائم خاصة ولائم الأعراس، وإنما بحسب القدرة والاستطاعة، فقد قال لعبد الرحمن بن عوف عندما تزوج أولم ولو بشاة بينما يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن وليمة النبي صلى الله عليه سلم عندما تزوج صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها كانت عبارة عن تمر وأقط وسمن ولم يكن فيها خبز ولا لحم.