الإمساك.. السبب والعلاج في الغذاء

المعدة بيت الداء .. لله در تلك الكلمات النبوية الخالدة، فما أشملها وأصدقها حين نطبقها على واقعنا اليومي وعاداتنا الغذائية التي لم ينزل بها الله من سلطان، فالفرد منا يأكل بلا رقيب أو حسيب، متوهما أن الجسم يقبل كل ما يدخل من فمه، غير مدرك الأخطار التي قد تسببها بعض الأطعمة والتي تؤدي في أحيان كثيرة إلى الإمساك وإلى ما هو أسوأ! الإمساك .. ما هو؟ يعتقد كثير من الناس أن الإمساك مشكلة يعانيها الكهول فقط، والحقيقة أن المراهقين والشباب يمكن أن يتعرضوا له بسبب العادات الغذائية السيئة التي يداومون عليها، ولابد من الاعتراف بأن الإمساك عرض لابد أنك قد عانيته خلال فترة ما، ويعرف الإمساك علميا بأنه: التغوط ثلاث مرات أو أقل أسبوعيا، وقد يكون الغائط جافا وجامدا، مع ملاحظة أن عدد مرات التغوط تعتمد على نوعية الأطعمة المتناولة، والفعالية الفيزيائية للفرد، وكمية السوائل المشروبة، والأدوية المستخدمة، والحركة الدودية للأمعاء وأخيرا عمر الإنسان. وهناك عدة عوامل يمكن أن تسبب الإمساك لدى قطاع كبير من الناس .. ويأتي على رأسها العامل الغذائي، فقد يؤدي تناول بعض الأغذية بكثرة مثل الخبز والسكريات الخالية من الألياف والشوكولاته واستمرار تناول الحليب دون إضافات، ونقص بعض الفيتامينات كفيتامين (ب 1) وقلة شرب السوائل والمداومة على تناول الأطعمة المحفوظة كل هذا قد يؤدي إلى الإمساك، كما لا ينبغي إغفال العامل الدوائي في الإصابة بالإمساك، كالاستخدام طويل الأمد لكل من حاصرات الكالسيوم (خصوصا دواء الفيرباميل المستخدم لمرضى القلب) ومرخيات عضلة الأمعاء ومدرات البول ومضادات الاكتئاب وموانع الحمل الفموية وبعض خافضات فرط ضغط الدم، وهناك بعض الحالات المرضية التي يصاحبها حالة من الإمساك، كقصور الغدة الدرقية والأورام المعوية السادة وداء الذئبة والسليلات، ويؤدي العامل النفسي دورا بارزا في حدوث الإمساك، فهناك بعض الأفراد ممن يسيئون تعاطي الملينات وخصوصا عندما تسيطر عليهم الوساوس من إمكانية حدوثه، فيكثرون منها فيؤدي ذلك إلى إصابتهم بإمساك شديد تصعب معالجته، وقد يساعد على الإصابة بالإمساك قلة الحركة وعدم ممارسة التمارين الرياضية اليومية . لماذا الخوف إذا؟ المشكلة في الإمساك ليست قلة عدد المرات التي يتبرز فيها المريض فقط، بقدر ما يسببه جفاف البراز من آلام في الفتحة الشرجية نتيجة التهابها أو تشققها، ويحدث أحيانا أن تنشأ البواسير كنتيجة حتمية للإمساك الشديد المزمن. من جهة أخرى تعتبر أكثر حالات الإمساك حالات مؤقتة، تحدث خلال فترة زمنية قصيرة، ولكنها متى ما استمرت أو عاودت الحدوث فلابد من عرض الحالة على طبيب متخصص. الإمساك والألياف يعزو كثير من العلماء الإصابة بالإمساك إلى قلة كمية الألياف التي نتناولها يوميا، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الوجبات الغذائية كانت تحتوي قديما على ما لا يقل عن 40 غراما من الألياف بينما أضحت اليوم لا تتجاوز 10 غرامات يوميا. وأكثر شعوب العالم معاناة من الإمساك هم شعوب العالم الغربي، حيث الطعام أكثر دسما وأغنى بالسعرات الحرارية وأقل أليافا، فالأمريكي مثلا يتناول يوميا ما بين 5- 17 غراما من الألياف، بينما توصي الجمعية الغذائية الأمريكية بتناول ما بين 20-35 غراما من الألياف يوميا .. يفضل أن يكون معظمها من النوع غير المنحل، ليكون البراز لينا وحركة الأمعاء سهلة وطبيعية. علاج الإمساك ما يهمنا في الموضوع هو علاج الإمساك، الذي يكون أولا بمراقبة ما نتناول من طعام وسوائل مع التركيز على الأغذية الغنية بالألياف، مع محاولة تجنب الخبز الأبيض، وتجنب الإكثار من شرب القهوة والشاي لاحتوائهما على مادة الكافيين التي تميل إلى التجفيف، كما لابد من علاج الأمراض المسببة للإمساك، والتشاور مع الطبيب أو الصيدلي بخصوص الأدوية التي تسبب الإمساك كعارض جانبي لها، و ممارسة الرياضة وزيادة معدل حركة الجسم ( المشي 20-30 دقيقة يوميا يفي بالغرض) مما يساعد على منع حدوث الكسل المعوي، كما يمكنك العلاج بالأدوية كالزيوت المعدنية وأملاح الصوديوم والماغنسيوم والملينات. مع ملاحظة أن علاج الإمساك يحتاج إلى وقت، ولن تظهر نتائجه خلال دقائق قليلة. خلطات لعلاج الإمساك للحصول على النسبة المطلوبة من الألياف المنحلة، يمكنك تناول نصف كوب (120مل) من الحبوب ذات الألياف الغنية، ونصف كوب نخالة مركزة، وثلاثة أرباع كوب من قشور النخالة أو ملعقتي طعام كبيرة من نخالة ملير التي توازي 5 غرامات من الألياف ( نخالة ملير توجد في الصيدليات وليس البقالات)، ولكن لابد من التدرج في تناول الخليط السابق، فمثلا ابدأ بتناول ملعقة واحدة من نخالة (ملير) يوميا لمدة أسبوع ثم ارفعها تدريجيا حتى تصل إلى 4 ملاعق يوميا، أما في حالات الإمساك الشديد فقد تحتاج إلى ثلاثة أضعاف القدر السابق، كما يمكنك رشها على وجبة إفطارك من الحبوب أو إضافة النخالة إلى اللبن أو الحليب.