مطعم أكسجين الدمشقي يطرد القنصل الأمريكي

أنوثة عربية كاملة؟.. رجولة عربية منقوصة؟ ربما لا يحتمل الأمر بعفويته عناوين في الشارع السياسي أو الغذائي العربي بهذا الحجم، غير أنه يبقى في مسرح الحدث نفسه، وهو مطعم، أن دمشقية قالت للقنصل الأمريكي: Out!... عن اختلاط الغذائي بالسياسي بالحضاري حتى في الطرد الغذائي على الطريقة الدمشقية تحدثت باب مع السيدة مجد نيازي الطباع عن حادثة طردها للقنصل الأمريكي روبيرتو باورز من مطعم أكسجين الذي يملكه زوجها السيد عارف الطباع، والكائن وسط الحارات الدمشقية القديمة، في حي باب توما. تقول السيدة مجد الطباع: تلقى مطعمنا اتصالا هاتفيا بغرض حجز طاولة للقنصل الأمريكي على العشاء، وحضر هذا مع رفيق له، وبعد أن احتل مكانه في المطعم تقدمت منه وقلت له بشكل مباشر إنه في ظل هذه الظروف التي تعيشها المنطقة ومع تأكيدنا بأننا لسنا ضد الشعب الأمريكي لا يشرفنا وجودك على اعتبار أنك ممثل للحكومة الأمريكية التي تتخذ مواقف مؤيدة لإسرائيل، وأنت شخص غير مرغوب فيه هنا وعليك الخروج. ومن بعدها عدت للوقوف بالقرب من زوجي، وأخبرته بما قلته للقنصل الأمريكي، فارتبك زوجي قليلا إذ إن طرد القنصل الأمريكي من مطعمه أمر ليس بالسهل. وبعد خمس دقائق وقبل أن يهم بالخروج اقترب منه زوجي، وقال له: مستر روبيرتو ليس الموقف أمرا شخصيا بالنسبة لك مطلقا، وما قالته زوجتي هو ما يعبر عن وجهة نظرها ونظري أيضا، وهو رسالة لحكومتك، وليست لك كإنسان، فرد عليه بالحرف الواحد أنا أقدر وجعكم هذا لكنه كان متضايقا جدا وبالكاد استطاع الرد ثم خرج. - بماذا تصفين مشاعرك في تلك اللحظة؟ ـ يوم الحادثة كنت طوال النهار أشاهد ما يجري لأهلنا في الأراضي المحتلة الفلسطينية، سواء في مخيم جنين أو في نابلس وفي رام الله، وأتابع ما يجري من عمليات اجتياح وقتل وتدمير للبنى التحتية في فلسطين، أحسست بأنها جرائم ومجازر ترتكب ليس بحق الفلسطينيين وحسب بل بحق الإنسانية، كنت أرى كيف يحاصرون إخوتنا، ويمنعون عنهم الماء والغذاء، لا بل يمنعون سيارات الإسعاف من القيام بواجبها في إسعاف الجرحى، فيتركون على الأرض ينزفون حتى تكتب لهم الشهادة، إنها مناظر مروعة وتقشعر لها الأبدان، وفي المقابل يخرج الرئيس الأمريكي ليقول إن إسرائيل تحارب الإرهاب، ولهم الحق في الدفاع عن أنفسهم. لم أحتمل هذا الموقف، وشعرت بأن استقبالنا للقنصل الأمريكي في مطعمنا هو نوع من التآمر مع الإسرائيليين، وأن أقل ما يمكن فعله في هذه اللحظة هو طرد القنصل الأمريكي من المطعم ولم أفكر أبدا في عواقب الأمر، فقط كان ما حدث ردة فعل عفوية، ووليدة ساعتها أحسست بعدها أن هما كبيرا انزاح عن صدري، وتنفست بعمق، ولو أنها كانت بسيطة إلا أنني شعرت بأنني عبرت عن رأي، فقد تجبروا وشعروا بأن بين أيديهم حل الأمور وربطها، يصفون الطفل الصغير الحامل للحجر بالإرهابي، والإسرائيليون يوجهون بنادقهم ودباباتهم في صدور الفلسطينيين دون التمييز بين الصغير والكبير. - ماذا أردت أن تقولي عبر هذا الموقف؟ ـ إنها رسالة أردت وبعفوية كاملة أن أوصلها إلى القنصل الأمريكي وحكومته، أعبر من خلالها عن احتجاجي ورفضي كعربية وسورية عن الموقف الأمريكي الداعم والمساند لهذه العمليات العسكرية القذرة التي تقوم بها إسرائيل ضد شعبنا في فلسطين. أردت أن أقول إننا نعيش في بلدنا الحضارة والأخلاق معا، فأنا لم أتهجم على القنصل، ولم أؤذه لا بالكلمات الجارحة، ولا بالتصرفات غير اللائقة، فقط وأنا ضمن حدودي، قلت له أوصل رسالة لرئيسك، لا أريدك هنا، تفضل واخرج. غضبنا كبير لكن لم نكسر سيارات ولم نحرق ولم ندمر لم نقم بأي عمل غير حضاري. نحن أناس حضاريون نفهم الحضارة ونمارسها. - إذا، أنت ترين أننا نستطيع أن نخدم من خلال مواقعنا وعملنا في المطعم أو في أي مكان آخر؟ ـ بالتأكيد، ما أتمناه أن يفعل فعلي الآخرون فأي محل آخر سيستقبل هذا القنصل سيخجل بعدما حدث له عندي وسيقولون امرأة طردته فكيف سنستقبله، هم رأوا ردات الفعل التي صدرت عن الجميع في سورية وكم كان الناس سعداء بهذا العمل. - هل توقعت رد الفعل الشعبي الكبير على تصرفك هذا؟ ـ لا أبدا لم أتوقع هذا، لقد فاجأوني وأحرجوني.. لم أحسب مطلقا أن ما قمت به سيكون له هذا الوقع الكبير عند الناس. إذ انتشر هذا الموقف ليس فقط في سورية وإنما في بلدان عربية كثيرة، فمن لبنان جاء أشقاء لبنانيون خصيصا للتعرف على المطعم، الذين قالوا إنه استطاع أن يقول قولا سياسيا لا تقوله الحكومات. هنالك أشقاء عرب سعوديون جاؤوا إلى المطعم بعد ساعتين من وصولهم إلى دمشق فقط، لقد كان هنالك تجاوب شعبي كبير مع موقفي الذي أعتبره أمرا طبيعيا وواجبا على كل من يشهد المجازر التي تحدث بأسلحة أمريكية في الأراضي المحتلة. غير مسموح للأمريكيين! يبدو أن الأمريكيين يعجبهم المطبخ الدمشقي كثيرا... غير أن نيران النازية الصهيونية الشارونية، وجرائمها الوحشية بمدد أمريكي ضيقت مساحة المعدة الأمريكية في مطاعم دمشق. وإن كانت البداية في مطعم أكسجين فقد امتدت مساحة المقاطعة الأمريكية إلى مطعم موندو في دمشق... هنا أيضا ليس مسموحا لمن يمولون التوحش الصهيوني بأموالهم وضرائبهم وطاقاتهم وصواريخهم وتطرفهم اليميني الأصولي بأن يذوقوا ما لذ وطاب على مائدة بعض المطاعم الدمشقية... وحسب الذوق الأمريكي أن يمتع معدته باختراعات ثقافة الهامبرغر والكوكا كولا...