حوار الأجيال: يوسف أفندي

الجيل (1) كنا نسمع به فيذهب الخيال بعيدا بكل منا ليرسم صورة تناسب أهواءه وتركيبته الذهنية. ابن خالي أقسم لي أن خالي وصفه له وصفا دقيقا يجعل لونه لامعا حتى دون ضوء، وأن حجم الواحدة من هذه الفاكهة المثيرة الاسم و الطعم يقترب من حجم الباذنجان الأسود وبكبر حجم البرتقالة، صديقي فسر لي شيئا من غموض الاسم وأقسم لي أنه عرف من أيام عزيز مصر وأنه كان موجودا على مائدة امرأة العزيز حين قدمت لضيفاتها سكينا وطبقا من هذه الفاكهة الشهية. أستاذ التاريخ بدوره كان يحكي لنا قصص قصر يلدز في الأستانة الذي امتلأت حدائقه باليوسف أفندي وأصنافه!.. كل هذا النقاش البيزنطي كان يحدث ونحن لم نتشرف بتناول فص واحد من هذه الفاكهة المثيرة لجيل شب على أن أمنيته الوحيدة هي تناول وجبة شهية من الأسودين: التمر والماء! الجيل (2) جيلنا كان بسيطا وعفويا بل ربما ساذجا، وعنوان سذاجتنا تلك النكتة الرائجة حينها التي تتحدث عن قوم يأكلون اليوسف أفندي وفجأة انقطع التيار الكهربائي فأصبحوا في ظلام دامس ودخل في تلك اللحظة عليهم رجل فتحسس المكان وجلس بجوار صاحب الدار فقرب صاحب الدار صحن اليوسف من الضيف وقال: بجانبك يوسف أفندي فرد الضيف قائلا: أهلا وسهلا.. ومثل هذه النكتة تكشف بجلاء عن حالة من جهل المجتمع بتلك الفاكهة الجديدة الوافدة على مدننا الناشئة وقرانا المتناثرة في قلب الصحاري! كان يوسف بيك أفندي الضيف المفضل على الموائد الشهية الميسورة، ولم نكن نخجل أو نجد حرجا من أن نحشو جيوبنا بحباته بعد انتهاء الوليمة، فهناك في البيت من ينتظر على أحر من الجمر قدوم الأفندي، وحلوله ضيفا على أمعاء لم تتعرف عليه إلا حديثا! الجيل (3) لا أدري لماذا أصبح اليوسف أفندي فاكهة مرتبطة بالشتاء والإنفلونزا والملابس الثقيلة. نحن جيل نؤمن بالتنوع والخيارات المتعددة وأول هذه المطالب أن يكتشف علماء النبات وسيلة تسمح لنا بتناول كل أنواع الفواكه الصيفية في كل أوقات العام وبالسعر نفسه، حتى نتخلص من خيار الفاكهة الشتوية الوحيدة التي يحتلها بكل جدارة اليوسف أفندي. وإذا كان لابد من الانتظار، فالرجاء أن ينحصر استجلاب اليوسف أفندي بنوعية واحدة تجد لدينا القبول والشعبية، وهي تلك القادمة من مزارع المغرب التي أثبتت أنها الأقدر على استقطاب رغبات هذا الجيل المترف!