اللحوم المصنعة...أسماء لها ذوق وتاريخ

لعل بعضنا توقف عند زاوية الأجبان واللحوم التي توجد في الأسواق المركزية الكبرى، ونظر فشاهد أنواع الأجبان والزيتون، ودار حول المربع الزجاجي فشاهد أنواعا من اللحوم على شكل قوالب أو شرائح أو أشكال أسطوانية فقال: ماهذا؟ أو لعله تأمل الأسماء على تلك الأنواع فقرأ سلامي بلوني صدر ديك رومي مارتدلا روست بيف سمر سسج فرانكفورتر سجق كبد هام بقري فنظر إلى الأسعار فذهل. وربما تعجب ومضى أو ربما طلب ليتذوق، أو ربما هو خبير بما يرى ويقرأ. أسماء لها ذوق وتاريخ إن هذه الأسماء لهي لحوم مصنعة لها ذوق وتاريخ تصنيعي متوارث، ثم مدروس يدرس في جامعات العالم كأحد فروع علوم الأغذية والتغذية، أما الأصول فهي أوروبية في غالبها، ما بين يونانية أو فرنسية أو إيطالية أو إنجليزية أو دانماركية، أو هي هنغارية أو ألمانية. أما عمق التصنيع والدراسة لها فهي متناثرة بين بلادها الأصلية وبين أمريكا التي أعطتها أبعاد تأصيلها فغدت علما وصناعة. وهذه اللحوم تعتبر عند محبيها ذوقا ولذة، وهم يتفننون في تقديمها على موائدهم ويتمرسون التفريق بين رفعة مصنعيها وأساليبهم في إعدادها. إنها عندهم غذاء ولذة وفن في التصنيع والإعداد والتقديم والأكل. لمن لا يعرفها..! إذا ولمن لا يعرفها، وقبل الحديث عن كيفية تصنيعها، أو قيمتها الغذائية، دعونا نعرض لأمثلة منها: سلامي: السلامي هو الصنف الأشهر عند الأقدمين والحديثين من ذواقة اللحوم المدخنة المستحلبة (ويقصد بالمستحلبة هي تلك الأنواع من اللحوم التي خلط اللحم بالدهن والماء حتى تماسك). والسلامي يصنع على شكل أسطواني (يختلف قطر الأسطوانة حسب التصنيع ما بين 5سم إلى حوالي 10 سم وربما أكثر). ويمكنك التعرف عليه برؤية الدهن على مقطع اللحم على شكل نقاط دائرية صغيرة. ويقدم السلامي (وعائلته المستحلبة) على هيئة شرائح دائرية، أو ربما قطع على هيئة مكعبات صغيرة، وهو من أشهر اللحوم التي تقدم على الموائد الأرستقراطية أو طاولات البوفيه في الحفلات الراقية. كما أن خبراءه يتلذذون بأكله في الساندويش، إما بالخبز التوست الأسمر، وإما بخبز أوروبي خاص. بلوني: هو رديف السلامي ويتبع العائلة نفسها، وإن كان أرخص منه سعرا لأنه أسهل تصنيعا، ويعرف البلوني بنعومة لحمه وعدم وجود دوائر الدهن الصغيرة فيه. ويقدم البلوني على موائد محبيه بطريقة تقديم السلامي نفسها؛ وربما وضعا معا في ساندويش واحد بالطريقة الأوروبية الكلاسيكية (بالخردل فقط)، أو بالطريقة الأمريكية. وهناك صنف أصله أوروبي وانتشر في بعض الأقطار العربية خصوصا بلاد الشام ويسمى مارتدلا، وهو صنف أقرب ما يكون بالبلوني شكلا وتصنيعا، وإن كان أكثر قساوة. ببروني: هذا المنتج يقع ضمن عائلة السجق المخمر (يقصد بالمخمر أن ينمو داخل اللحم نوع من البكتيريا المفيدة التي تنتج حامض اللاكتيك اللبن لكي يعطيه حموضة من جهة ويحلل البروتين جزئيا من جهة ثانية). ومن هذه العائلة أيضا سجق الصيف (سمر سسج). والببروني يصنع على هيئة أسطوانية ذات قطر لا يتعدى 4 إلى 5 سم وبه نسبة عالية من الشحم وطعمه به حموضة (وهو عادة ما يوضع مع البيتزا على هيئة شرائح) وشأنه شأن بقية أنواع عائلة السجق. فهو عبارة عن حشو اللحم المفروم ناعما داخل أمعاء الحيوانات (المصران) أو مواد مشابهة مصنعة من السليلوز أو غيره. والببروني منتج غالي الثمن لتكاليف التصنيع أو التعتيق التي يمر بها. بسترامي: هذا المنتج يقع ضمن عائلة اللحوم المعالجة بالمحاليل الملحية والمدخنة. وبعد المعالجة يغطى السطح بطبقة من الفلفل الأسود المجروش الذي قد يخلط بالثوم. والبسترامي ينتج على شكل قوالب من اللحم يظهر مقطعها على شكل مستطيل أبعاده 5?8سم أو أكثر أو أقل حسب بلد التصنيع. ومن هذا المنتج خرج المنتج اليوناني (الأصل) والمسمى البسطرمة، وهي المعروفة في بلاد الشام وتركيا ومصر. والبسطرمة تختلف عن هذا المنتج اختلافا كبيرا. سجق الإفطار: هذا المنتج يقع ضمن عائلة اللحوم غير المدخنة، وهو عبارة عن سجق محشي باللحم المفروم مرتفع الدهن (50? دهن)، ويطبخ عند التقديم على طاوة البيض، ويقدم على وجبة الإفطار. وهو منتج في حجم أصغر من حجم الهت دق (النقانق). هـام: يقع هذا المنتج ضمن قائمة اللحوم المعالجة بالمحاليل الملحية بالحقن، وهو إما أن يكون أبيض (ينتج من الديك الرومي) ويسمى (تركي هام) أو بلحم البقر، ويلاحظ أنه في الأصل ينتج من أنواع أخرى من اللحوم التي لا يحلل أكلها الإسلام، فارتبط الاسم بذلك الصنف من اللحوم رغم أنه لا علاقة بينهما. والهام ينتج على شكل قطعة من اللحم الهبر يقطع إلى شرائح رقيقة. صدر الديك الرومي: ويسمى (تركي برست) وهو منتج يقع ضمن عائلة اللحوم المعالجة بالأملاح بالتقليب أو بالخلط الهادئ (ويقصد بالخلط الهادئ أي خلط اللحم، إذ تؤخذ شرائح اللحم ويوضع عليها الأملاح، ثم يقلب بهدوء لساعات حتى يخرج جزء من البروتين الداخلي للحم إلى الخارج على هيئة جيلاتينية تماسك أجزاء اللحم فيما بينها، ثم يوضع في قوالب خاصة حتى يصبح متماسكا ثم يدخن ويغلف). وهذه الطريقة أصبحت تستخدم على نطاق واسع اليوم في اللحوم المعالجة، وهناك أنواع من الهام تنتج بهذه الطريقة أيضا. وصدر الديك الرومي المدخن يعتبر من المنتجات قليلة الدهن وهو يباع على هيئة قوالب أو كور أو أشكال شبه كروية. روست بيف: هذا المنتج قد يقع ضمن اللحوم المصنعة. وهو عبارة عن لحم بقري بدون عظم، وقد يملح ويباع على هيئة مكعبات أو أشكال مستطيلة ويقطع إلى شرائح تطبخ على الطـاوة، وتوجد أنواع معلبة منه. سجق الكبد: هذا المنتج ينتمي إلى عائلة السجق المفروم فرما ناعما جدا، ويصنع من الكبد ولا يدخن. اللحوم المعلبة: وهي لحوم مفرومة فرما ناعما ومعالجة بالأملاح المختلفة. وهي أنواع منها اللنشن و(لحوم الرومي والدجاج)، أو ربما تفرم فرما خشنا مثل (الكورن بيف) و(البولي بيف) وغيرها الكثير. فرانكفورتر: ويسمى (هت دق) وربما سماه بعضهم مقانق أو نقانق (ولانعلم من أين جاءت تسميته بنقانق). وهو من عائلة السجق المدخن والمستحلب. وبه نسبة دهن تصل إلى 30?. إذا هي عوائل هناك عدد آخر من اللحوم المصنعة، وما هذه إلا أشهرها والتي دخلت أسواقنا منها، وكما يلاحظ فهي تنتمي إلى عوائل أو مجموعات أساسية وتصنيفات مختلفة، ولكن من أشهر التصنيفات هي التي ذكرت والتي يمكن حصر أهم نوعين منها وهما: مجموعة السجق: وغالبا ما يكون مدخنا وهو إما أن يكون مستحلبا ومطحونا طحنا ناعما مثل الهت دق والبلوني، أو مطحونا بصورة أقـل نعومة مثـل سجـق الصـباح، وإما ربمـا كان السجق مخمرا ومدخنا مثل سجق الصيف. مجموعة اللحوم المعالجة: وهذه معالجة بإضافة الأملاح، وأشهر هذه الأملاح هي أملاح النيتريت والفسفيت وملح الطعام، وجليتوميت أحادي الصوديوم، وربما أضيف السكر وشيء من البهارات. واللحوم المعالجة إما أن تعالج بإضافة أملاح جافة، وإما تغمر في محلول الأملاح أو بطريقة الحقن في الوريد أو الحقن الآلي.